مسألة: [4 أ] {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إلاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ** 2 لم جاء الفعل الأول والأخير بغير نون والثاني بنون؟
الجواب: لأن ما الأولى والثالثة شرطيتان فجزمتا الفعل، والثانية نافية فالفعل بعدها مرفوع يدل على ذلك مجيء الفعل الأول1، وجزم الفعل بعد الثالثة، ومجيء الإيجاب بإلا بعد الثانية.
فقيل: فما الواوان2 في الجملة الثانية والجملة الثالثة؟
فقلت: أما التي في الثالثة فعاطفة. وأما التي في الثانية فيحتمل ذلك، ويحتمل أن تكون واو الحال ليكون ذلك مفيدًا لثبوت اتفاق الخير لأنفسهم، فيكون المعنى وما تنفقوا من خير فلأنفسكم في حالة كونه لا يراد به إلا وجه الله، نظيره قوله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ** 3 وقوله تعالى: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّه** 4 وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "واعلم أنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فيّ امرأتك" 5.