كيف الجواز على الصراط و صفته و من يحبس عليه و يزل عنه ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا كان يوم القيامة تتبع كل أمة ما كانت تعبد فإذا بقي في هذه الأمة منافقون امتحنوا و ضرب الصراط
1-الترمذي " عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول ألا ليتبع كل إنسان ما كان يعبد ، فيمثل لصاحب الصليب صليبه و لصاحب التصاوير تصاويره و لصاحب النار ناره فيتبعون ما كانوا يعبدون و يبقى المسلمون "
-و خرج مسلم " أن ناساً قالوا لرسول الله صلى الله عليه و سلم يا رسول الله : هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم هل تضارون في القمر ليلة البدر قالوا : لا يا رسول الله . قال هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب
؟ قالوا : لا . قال : فإنكم ترونه كذلك يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئاً فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، و يتبع من كان يعبد القمر القمر و يتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيث ، و تبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيتبعونه و يضرب الصراط بين ظهري جهنم فأكون أنا و أمتي أول من يجوز و لا يتكلم يومئذ إلا الرسل ، و دعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم ، و في جهنم كلاليب مثل شوك السعدان . هل رأيتم السعدان ؟ قالوا نعم يا رسول الله . قال : فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم الموبق بعمله ، و منهم المجازى حتى ينجى "
2 -، ثم يؤمر آدم عليه السلام بأن يخرج بعث النار من ذريته ، و هم سبعة أصناف البعثان الأولان يلتقطهم عنق النار من بين الخلائق لقط الحمام حب السمسم و هم أهل الكفر بالله جحدوا و عتوا ، و أهل الكفر بالله إعراضاً و جهلاً ، ثم يقال لأهل الجمع : أين ما كنتم تعبدون من دون الله لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فمن كان يعبد من دون الله شيئاً اتبعه حتى يقذف به في جهنم ،
قال الله عز و جل : " هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت و ردوا إلى الله مولاهم الحق و ضل عنهم ما كانوا يفترون " و قال : " فكبكبوا فيها هم و الغاوون * و جنود إبليس أجمعون
3-و : " تمد الأرض مد الأديم يوم القيامة لعظمة الله عز و جل . ثم لا يكون لبشر من بني آدم منها إلا موضع قدميه ، ثم ادعى أنا أول الناس فأخر ساجداً ، ثم يؤذن لي فأقول يا رب : خبرني هذا جبريل صلى الله عليه و سلم و هو عن يمين عرش الرحمن تبارك و تعالى أنك أرسلته إلي و جبريل ساكت لا يتكلم حتى يقول الله عز و جل صدق ، ثم يؤذن لي في الشفاعة فأقول : يا رب عبادك عبدوك في أقطار الأرض فذلك المقام المحمود ، ثم يبعث المقام المحمود ، ثم يبعث البعث الرابع و هم قوم وحدوا الله و كذبوا المرسلين جهلوا صفات الله جل جلاله ، و ردوا عليه كتابه و رسله ، ثم يبعث البعث الخامس و السادس و هم أهل الكتابين يأتون عطاشاً يقال لهم : ما كنتم تبغون ؟ فيقولون : عطشنا يا رب فاسقنا ، فيقال لهم : ألا ترون فيشار لهم إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً فيردونها سقوطاً فيها ، ثم تقع المحنة بالمنافقين و المؤمنين في معرفة ربهم و تميزه من المعبودات من دونه فيذهب الله المنافقين و يثبت المؤمنين ، ثم ينصب الصراط مجازاً على متن جهنم أعادنا الله منها أرق من الشعر و أحد من الموسى كما وصفه رسول الله صلى الله عليه و سلم
4-، فيسقط أهل البدع في الباب السادس منه أو الخامس ، و أهل الكبائر في السابع أو السادس ، و إنما يسقط الساقط بعدما يعجز عن عمله و يخلص المؤمنون على درجاتهم في تفاوتهم في النجاة و يحبسون على قنطرة بين الجنة و النار يتقاضون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا صفوا و هذبوا ، أدخلوا الجنة ، و من ذلك المقام يوقف أصحاب الأعراف –
5-وقال الحبيب : إذا كان يوم القيامة مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون في الدنيا فيذهب كل قال قوم إلى ما كانوا يعبدون و يبقى أهل التوحيد فيقال لهم : ما تنتظرون و قد ذهب الناس ؟ فيقولون : إن لنا رباً كنا نعبده في الدنيا و لم نره ، قال : و تعرفونه إذا رأيتموه ؟ فيقولون : نعم ، فيقال : فكيف تعرفونه و لم تروه ؟ قالوا : إنه لا شبيه له ، فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله تعالى فيخرون له سجداً ، و تبقى أقوام ظهورهم مثل صياصي البقر فيريدون السجود فلا يستطيعون فذلك قوله تعالى " يكشف عن ساق و يدعون إلى السجود فلا يستطيعون " فيقول الله تعالى : عبادى ارفعوا رؤوسكم فقد جعلت بدل كل رجل منكم من اليهود و النصارى في النار -:
ثم يكشف الجليل عن ساقه فيسجد الناس كلهم تعظيماً له و تواضعاً إلى الكفار الذين قد أشركوا به أيام حياتهم و عبدة الحجارة و الخشب و ما لم ينزل به سلطاناً ، فإن صياصي أصلابهم تعود حديداً فلا يقدرون على السجود و هو قوله تعالى : " يوم يكشف عن ساق و يدعون إلى السجود فلا يستطيعون –
و روي البخاري في تفسيره مسنداً إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : يكشف الله عن ساقه يوم القيامة فيسجد له كل مؤمن و مؤمنة "
قال تعالى : و إن منكم إلا واردها
هناك على الصراط سبع قناطر
قال-أهل العلم: لن يجوز أحد الصراط حتى يسأل في سبع قناطر ،
1. أما القنطرة الأولى : فيسأل عن الإيمان بالله ، و هي شهادة أن لا إله إلا الله ، فإن أجاز بها مخلصاً ، و الإخلاص قول و عمل جاز ،
. ثم يسأل على القنطرة الثانية عن الصلاة ، فإن جاؤ بها تامة جاز
3. ثم يسأل على القنطرة الثالثة عن صوم شهر رمضان ، فإن جاء به تاماً جاز
4.، ثم يسأل على القنطرة الرابعة عن الزكاة فإن جاء بها تامة جاز
.، 5-ثم يسأل في الخامسة عن الحج و العمرة فإن جاء بهما تامتين جاز
6. ، ثم يسأل في القنطرة السادسة عن الغسل و الوضوء فإن جاء بهما تأمين جاز
7. ، ثم يسأل في السابعة و ليس في القناطر أصعب منها فيسأل عن ظلامات الناس
فإذا لم يبق في الموقف إلا المؤمنون و المسلمون و المحسنون و العارفون و الصديقون و الشهداء و الصالحون و المرسلون ليس فيهم مرتاب و لا منافق و لا زنديق فيقول الله تعالى : يا أهل الموقف من ربكم ؟ فيقولون : الله ، فيقول لهم : أتعرفونه ؟ فيقولون : نعم . فيتجلى لهم ملك عن يسار العرش ، لو جعلت البحار السبع في نقره إبهامه لما ظهرت ، فيقول لهم بأمر الله : أنا ربكم . فيقولون : نعوذ بالله منك ، فيتجلى لهم ملك عن يمين العرش لو جعلت البحار الأربعة عشر في نقرة إبهامه لما ظهرت فيقول لهم أنا ربكم : فيقولون : نعوذ بالله منك -، فيتجلى لهم الرب سبحانه في صورة غير صورته التي كانوا يعرفونه ، و سمعوا و هو يضحك فيسجدون له جميعهم ، فيقول : أهلا بكم ثم ينطلق بهم سبحانه إلى الجنة فيتبعونه فيمر بهم على الصراط . و الناس أفواج : المرسلون ، ثم النبيون ، ثم الصديقون ، ثم الشهداء ، ثم المؤمنون ، ثم العارفون ، ثم المسلمون . منهم المكبوب لوجهه ، و منهم المحبوس في الأعراف ، و منهم قوم قصروا عن تمام الإيمان . فمنهم من يجوز الصراط مائة عام ، و آخر يجوز على ألف ، و مع ذلك كله لن تحرق النار من رأى ربه عياناً لا يضام في رؤيته -
3-و ذكر مسلم " من حديث أبي هريرة فيأتون محمداً صلى الله عليه و سلم فيؤذن لهم و ترسل الأمانة و الرحم فيقومان جنبتي الصراط يميناً و شمالاً فيمر أولهم كالبرق الخاطف " .
قال : قلت بأبي أنت و أمي و أي شيء كمر البرق ؟ قال : " ألم تر إلى البرق كيف يمر و يرجع في طرفة عين ؟ ثم كمر الريح ، ثم كمر الطير و شد الرجال تجري بهم أعمالهم و نبيكم صلى الله عليه و سلم قائم على الصراط يقول : رب سلم سلم حتى تعجز أعمال العباد حتى يجيء الرجل و لا يستطيع السير إلا زاحفاً " .
قال : " و في حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت بأخذه فمخدوش ناج ، و مكردس في النار ، و الذي نفس محمد بيده : إن قعر جهنم لسبعون خريفاً " ؟
4--وفى مسلم أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري و فيه: ثم يضرب الجسر على جهنم و تحل الشفاعة و يقولون : اللهم سلم سلم قيل : يا رسول الله ، و ما الجسر ؟ قال : دحض مزلة فيه خطاطيف و كلاليب و حسكة تكون بنجد فيها شوكة يقال لها السعدان : فيمر المؤمنون كطرف العين و كالبرق و كالريح و كالطير و كأجاويد الخيل و الركاب فناج مسلم و مخدوش مرسل و مكردس في نار جهنم "
قال أبو سعيد الخدري : " بلغني أن الجسر أدق من الشعر وأحد من السيف " و في رواية " أرق من الشعر " رواها مسلم
6-: سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " يوضع الصراط بين ظهراني جهنم على حسك كحسك السعدان ، ثم يستجيز الناس فناج مسلم و مخدوج به ثم ناج و محتبس به و منكوس فيها
وهذا معنى الورود فى قوله تعالى وان منكم الا واردها
" .
1-روي عن ابن عباس و ابن مسعود و كعب الأحبار أنهم قالوا : الورود المرور على الصراط
2- و قال الحبيب : تقول النار للمؤمن يوم القيامة : جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي "
3- و قيل : الورود الدخول ، فيدخلها العصاة بجرائمهم ، و الأولياء بشفاعتهم وقال : الورد الدخول لا يبقى بر و لا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين برداً و سلاماً كما كانت على إبراهيم ، " ثم ننجي الذين اتقوا و نذر الظالمين فيها جثيا
4-و " عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم عاد مريضاً من وعك به فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أبشر فإن الله تعالى يقول : هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار
5- و روت حفصة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا يدخل النار أحد من أهل بدر ، و الحديبية قال : فقلت يا رسول الله : و أين قول الله عز و جل : " و إن منكم إلا واردها " ؟
- فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ثم ننجي الذين اتقوا " " خرجه مسلم
7- وعن الورود قال المصطفى -، : يرد الناس النار ثم يصدرون عنها بأعمالهم فأولهم كلمح البرق ثم كالريح ثم كحضر الفرس ، ثم كالراكب في رحله ، ثم كشد الرجل في مشيه و قال: " لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم ،
وشعار المؤمنين على الصراط
عن المغيرة بن شعبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : شعار المؤمنين على الصراط : رب سلم سلم "
،و في صحيح مسلم : " و نبيكم صلى الله عليه و سلم قائم على الصراط يقول : رب سلم سلم "
.
وفيمن لا يوقف على الصراط طرفة عين
- سمع أبا الدرداء يقول لابنه : يا بني لا يكن بيتك إلا المسجد ، فإن المساجد بيوت المتقين سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من يكن المسجد بيته ، ضمن الله له بالروح و الرحمة و الجواز على الصراط "
و الصراط الثاني و هو القنطرة التي بين الجنة و النار
-اعلم رحمك الله أن في الآخرة صراطين : أحدهما مجاز لأهل المحشر كلهم ثقيلهم و خفيفهم إلا من دخل الجنة بغير حساب أو من يلتقطه عنق النار فإذا خلص من هذا الصراط الأكبر الذي ذكرناه و لا يخلص منه إلا المؤمنون الذين علم الله منهم أن القصاص لا يستنفذ حسناتهم حبسوا على صراط آخر خاص لهم و لا يرجع إلى النار من هؤلاء أحد إن شاء الله لأنهم قد عبروا ا الصراط الأول المضروب على متن جهنم الذي يسقط فيها من أوبقه ذنبه و أربى على الحسنات بالقصاص جرمه
.
فى-البخاري " عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة و النار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا و نقوا أذن لهم في دخول الجنة ، فو الذي نفس محمد بيده لأحدهم اعرف بمنزله في الجنة منه بمنزله كان له في الدنيا
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين