أو قانون " كويه "
والذي نلخصه بعبارة : تنازع الارادة مع المخيلة
اذا سيطرت فكرة متغلغلة في اغوار عقلنا ، فإن كل الجهود التي يبذلها الشخص في مخالفة تلك الفكرة تؤدي الى عكس النتيجة ، ومن هنا اطلق ايضا على هذا القانون " قانون الجهد المعكوس " .
لو حاول احدنا السير على حافة جدار مرتفع او لوح موضوع بين بنايتين عاليتين ، فقد يملأ الخوف قلبه ، انه لا يكاد يخطو خطوة حتى يتخيل انه موشك على السقوط ، وهو يحاول ان يحذر السقوط ، وهذا الخيال ذو تأثير نفسي عالي ، واحتمال سقوطه بسبب هذا الخيال قد يكون اكيدا ... أما الذين تدربوا مرات ومرات فقد اتحدت لديهم الارادة والخيال واحتمال سقوطهم نادر .
قد يحاول الانسان النوم احيانا فيمتنع عليه ، ويأخذ في التقلب وكأنه يطلب المستحيل ، رغم انه قد ينام في السيارة او في اي وقت او اي مكان لا يريد ان ينام فيه ...
كثيرا ما حاول أحدنا الا يضحك فيشتد عليه الضحك وكأنه عدو لئيم ، وكلما حاول منع نفسه من الضحك اشتد عليه الضحك قوة ، ووقع في مواقف محرجة .
قد يذاكر طالب مواظب بدقة واستمرار ، ورغم ارادته الواعية بالنجاح الا ان خياله يصوّر له الفشل واضحا امامه
وخاصة ان زملائه قد ملئوا مخيلته بأوهام حول صعوبة النجاح وما يحتاج فيه الى بطولة نادرة ما انزل الله بها من سلطان، فتأتي نتيجته مغايرة لإرادته الكاملة وسعيه الدؤوب بسبب احتمالات الفشل من جراء هذا الخيال .
لكي تكون شخصيتك ناجحة .. تخيل النجاح الذي تريده وهذا ما يجب ان نطبعه في اذهان الاطفال بدلا ان نحرضهم على ارادة النجاح فبدل أن نقول لهم ، كونوا ناجحين ، ينبغي ان نقول لهم : انتم ناجحون ، وغني عن الذكر اننا جميعا نربي اطفالنا بطريقة عكسية في كل شيء ، فنحن ندفعهم الى ان يريدوا ويتمنوا النجاح ويسعوا اليه ، في الوقت الذي ندربهم فيه على تخيل الخيبة ...علينا ان نوازن كفتي الميزان جيدا : الإرادة = الخيال .
إن " عقدة سوء الحظ " التي يمارسها أغلب الناس قد تندرج تحت قانون الجهد المعكوس ايضا في أكثر الأحيان
فسيء الحظ هو شخص يتخيل الفشل بينما يتمنى النجاح ويسعى اليه ، والأم التي تشكو دوما حال حظها مع ابنها الخائب الذي لا يشبه بقية الاولاد ، تعزز في نفسه صورته المتشائمة عن نفسه ، وتحرضه على ارادة النجاح كبقية الأبناء مع تخيل الفشل الذي زرعته هي في ذهنه ، ونفس الحال كذلك مع الام التي اعتادت ان تندب مشاكلها وسوء حظها في الحياة فتوحي لولدها بعقدة سوء الحظ دون ان يشعر ،وهي لا تدرك ان ما تقوله على اسماعه من اشد انواع الايحاء قوة في تكوين شخصيته ، فالشكوى الدائمة من تصاريف الايام وظلم الانام تطبع في ذهنه صورة متشائمة عن الحياة لا تنمحي ، فلا يأمل خيرا ولا ينتظر نجاحا .
لنبتعد اذن عن هذه التعبيرات امام ابنائنا ، كن مؤدبا ، كن ناجحا ، لا تكن شقيا
ولنستبدلها ب : انت مؤدب ، انت ناجح ، لست شقيا !
ولنبتعد عن كثرة النصائح في كل وقت لهم ، بالشرح والاسهاب ، فنحن نوحي اليهم بالفساد ، ثم نأمرهم بالتزام الرشاد ، ومن الطبيعي ان تأثير الايحاء أقوى من العمل والسعي والارادة ، فلا نستغرب ابدا ان فسدوا ! .
باختصار ... ان الكثير من طرقنا في تربية ابنائنا بدون وعي منا أدت الى صنع جيل فيه الكثير من العقد النفسية وهو ما نشكو منه في مجتمعاتنا الحديثة .