بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم..
شيخنا الكريم "أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني" السلام عليكم ورحمة الله.. اعلم سيدي رعاكم الله أنني ما زلت أنتظر ردودكم وفقا للوعد الذي قطعته على نفسك. "ووعد الحر دين عليه"..
كما ينبغي أن أثير انتباهكم حفظكم الله إلى أن هذا المحور وحده "محور حرق الجن والشياطين بالقرآن" قد أخذ مني للتوصل إليه وحده سنوات طوال من البحث والتقصي في بطون أمهات الكتب والمراجع، بحثا عن أي دليل يقربني من إثبات "حرق الجن والشياطين بالقرآن"، كما أنني كنت خلال ذلك كلما وقفت على نص إلا وجريت به إلى علمائنا الأفاضل للجلوس بين أيديهم واستفسارهم في ذلك، وكذا استفسار كل من عرفت أن له ذرة من فائدة قد يساعدني بها من قريب أو بعيد..
وفي الأخير.. انتهيت إلى أن كل نصوص القرآن والسنة الصحيحة تؤكد على أن "الجن والشياطين لا يحرقون بالقرآن"، بل بالعكس من ذلك: الواجب عليهم أن الله تعالى خلقهم لعبادته والإيمان بكتابه واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم على النحو نعلمه في عالم الإنس تماما، ذلك أن من يقول بأن الجن يحرق بالقرآن ينبغي عليه أن يجيب لى التساؤلات التالية بالحجة والدليل القاطع:
هل أنزل الله عز وجل قرآنه على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ليبلغه إلى الإنس خاصة من دون الجن وكذا الشياطين؟.
هل معنى ذلك أن الجن والشياطين ليسوا مأمورين بالإيمان بالله تعالى واتباع أمره ووحيه وكلامه؟. هل هم غير مكلفين كما كلف الإنس تماما؟.. ألم يكن رب العزة سبحانه قد بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الجن والإنس، الأحمر والأسود، لا فرق بين هذا وذاك إلا بالتقوى؟.. فكيف يكون تأثير معجزته صلى الله عليه وسلم على الجن بخلاف تأثيرها على الإنس؟. ومن هم أولئك الجن المقصودين من قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. المؤمنون/56.)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: "..ويجب أن يعلم أن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إلى جميع الثقلين الإنس والجن، وأوجب الإيمان به وبطاعته. وأن كل من قامت عليه الحجة برسالة محمد صلى الله عليه وسلم من الجن والإنس فلم يؤمن به استحق عقاب الله تعالى كما يستحقه أمثاله من الكافرين الذين بعث إليهم رسوله. وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين وسائر طوائف المسلمين أهل السنة والجماعة وغيرهم, رضي الله عنهم أجمعين." كما يقول أيضا: "ومما ينبغي أن يعلم أن الله بعث محمدا إلى جميع الثقلين الإنس والجن. فلم يبق إنسي ولا جني إلا وجب عليه الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم واتباعه. فعليه أن يصدقه فيما أخبر ويطيعه فيما أمر. ومن قامت عليه الحجة فلم يؤمن به فهو كافر سواء أكان إنسيا أو جنيا." ص 199.
هذه هي عقيدة الإسلام والمسلمين. وهذه هي عقيدة السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين، لا فرق بين الجن والإنس في طاعة الله تعالى والإيمان به واتباع كلامه.. يتبع بإذن الواحد الأحد..
والسلام عليكم ورحمة الله.. أخوكم في الله "ساجد" الله وليه..