مرّ قلمي بحالة جمودٍ يائس..
ومضت عليه فترة بيتوتة طالت..
فكلّما أجترهــــــــــ ليخط حرفا أبى..
أرهبته فعاند..
أرغبته فتمادى..
حتى إذا ماانحنت هامته ... وشاب رأسه
استأذنني ليسكب حبرهـ الذي احتقن بداخله يكاد يقتله..
سعدت لذلك..
بعثرت الأوراق أمامه ميدانٍ ينتظر الفارس..
تسارع إليها بنشوة يتراقص..
لكن خذلته العبارة لتلوي عزمه وتكسر حماسه..
عاد إلي يشتكي باكياً..
أرفقته بسلام..وآنسته بقول و كلام..
ثم صحبته للميدان شافعاً..
لعل العبارة تلين فتخرج من امتناعها..
لكنها خذلتني..وكنت أحسبني أملكها ولا تملكني
وقالت عذرا
لست أجد مكتوبك عبارةً تُرضي مبصراً..
أو تُؤنس مسمعاً..
فاض الحنين بخاطري وشجاني *** وشكا الهوى من لوعتي فرثاني
وسرى النسيم على الخدود فهالني *** من حرقة الذكرى تـرى أفنـانِ
وتكاثفت في داخلي سحب النوى *** فتهاطلت نـارا علـى أوزانـي
ما كنت ادري ما عذابات الجوى *** حتـى بُليـت بنقمـة الكتمـانِ
لو كان لي صبر على إخفائهـا *** لكنهـا خانـت يـدي ولسانـي
أواه من كتم المريـض همومـه *** وندائـه فـي لجّـة الحرمـانِ
أواه من هـمّ يثـور بخاطـري *** مثل اللهيـب بفوهـة البركـان
أواه يـا أواه كـل مشاعـري *** خاطت علـيّ سوابـغَ الأكفـانِ
ماذا يقول مكفـن فـي حزنـه *** تبكي عليـه لواعـج الأحـزانِ
دخل السعادة في الحيـاة لأنـه *** قد هام يرجـو جنـة الرحمـنِ
وسعى يدافع نفسـه فـي غيّهـا *** ويسوقهـا لمرابـع الإحـسـانِ
ترمي به الشهوات في أوحالهـا *** فيطيـر نحـو مباهـج القـرآن
كل الأماني سهلة فـي ذكرهـا *** لكنهـا تعيـا علـى الكسـلانِ
ما كلّ من رام المعالي حازهـا *** يا رُبّ خافية علـى الشيطـانِ
ما كنت احسب أن أيـام الصفـا *** ومض البروق يمـرّ بالإنسـان
مالي غريبا في حياتـي لا أرى *** حولي سوى نوح على الأغصان
أفنيت قافيتـي علـى أوزانهـا *** واغتلت لحني في مجال بيانـي
يا طول ليل الصادقيـن بفنّهـم *** يجرون في بحـرٍ بـلا شطـآنِ
ما أوقح الدنيا على أهل النهـى *** وأعزّها فـي أعيـن النشـوانِ
ما أسرع الدنيا إذا هي أدبـرت *** وأمرّهـا فـي نكهـة النسيـانِ
ما أغرب الأيام فـي ترحالهـا *** تجري على قدر بـلا عصيـانِ
قدر الحياة إلى هنـا مـن سنّـه *** سبحان مبدع صنعة الأكـوانِ*