* قف . . ممنوع الضحك والتضاحك !!
أما وقد علمنا أن الضحك والتبسّم من سنن النبوة ، وأن لذلك آثارا لطيفة جمّة ،
إلاّ أنه في مواطن لا يليق الضحك ولا يسوغ ، فمن ذلك :
1 - إذا رأيت أخاك في كربة وضيق .
فخير من أن تضحك عليه في كربه وضيقه أن تساعده وتسرّي عنه ،
جاء أبو موسى الأشعري مرة باب عمر. فاستأذن. فقال عمر واحدة. ثم استأذن الثانية. فقال عمر : ثنتان. ثم استأذن الثالثة. فقال عمر : ثلاث. ثم انصرف فأتبعه فرده. فقال : إن كان هذا شيئا حفظته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فها. وإلا، فلأجعلنك عظة.
قال أبو سعيد : فأتانا فقال : ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الاستئذان ثلاث؟) قال : فجعلوا يضحكون. قال فقلت : أتاكم أخوكم المسلم قد أفزع، تضحكون؟ انطلق فأنا شريكك في هذه العقوبة. فأتاه. فقال : هذا أبو سعيد. - رواه مسلم - .
2 - عند حصول ما ينحرج منه الآخر .
ففي الواقف المحرجة يقف الانسان كسيفاً ضيق الصدر ، فكان من أدب الإسلام مراعاة مشاعر هذا الإنسان .
3 - الكذب من أجل أن يضحك الآخرون .
عن صفوان بن سليم قال: وحدث صفوان بن سليم أيضاً عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوي بها من أبعد من الثريا». - أخرجه احمد -
وفي صحيح الترغيب والترهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب، ويل له، ويل له "
4- السخرية بالقبائل والأقوام والاستهزاء بهم .
جاء عند ابن ماجة والبيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أعظم الناس عند الله فرية لرجل هاجى رجلاً فهجا القبيلة بأسرها "
واليوم تنتشر بعض الطرائف والنكات على بعض القبائل وطوائف من الناس سخرية بهم وتنكيتاً وإقلالاً من شأنهم .
5 - لا تعط الشيطان فرصة للضحك !! .
جاء في الحديث الصحيح عنه صلىالله عليه وسلم أنه قال : " العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فلا يقل : هاه،
فإن الشيطان يضحك في جوفه. " وفي رواية " ضحك منه الشيطان " !!
* شبهات وموانع حول الضحك والتبسّم .
لقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم بدعوته على الناس ، فكانت له مع الأعداء جولات وصولات ،
حتى ملكهم بالأخلاق والمعروف قبل أن يملكهم بالرماح والسيوف ، وبعد أن كانوا فراداً ووحداناً صاروا جحافل تفتح الأقطار وتحرر الأمصار ،
كل هذا بابتسامة مشرقة وبشاشة صادقة .
ثم توالت العصور ، والعلماء والدعاة على هذه السَّنَن ، حتى شبّ من شبّ على فهم منكوس وتفكير معكوس ، فصارت الابتسامة عنوان السفاهة ،
والمزاح المنضبط علامة المنهج المختلط ، ثم كثر الحديث عن الهيبة ، وجعلوا لازمها التجهّم والتجعّد ،
ثم نقَّبوا عن الأئمة ونحوهم ، وانتقوا كل الآثار الدالة على بكائهم وحزنهم حتى جعلوها ديدن حياتهم ،
بل إنهم نسوا أو تناسوا آثاراً وردت عنهم تدل على دماثة أخلاقهم وخِفَّة ظلهم ، و حجبوا صوراً وأمثلة عن أئمة قد اشتهروا بذلك .
قال الذهبي معلقاً على بعض ما ذكر في تراجم أهل العلم أنه لم يضحك أبداً قال : الضحك اليسير والتبسم أفضل ،
وقال أيضاً : أما التبسم وطلاقة الوجه فأرفع من ذلك كله يعني أرفع من ترك الضحك بالكلية وأرفع من كثرة الضحك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تبسمك في وجه أخيك صدقة ) . .
ثم جعل البعض الابتسامة سبباً لتجرؤ الناس على العلماء والدعاة ، وليت هؤلاء أتحفونا ببعض الآثار التي تدل على ذلك الوجَل !
ولعل أهم الشبهات والموانع التي تثار عند البعض فتمنعهم من الضحك أو التبسّم أو تجعل الضاحك المبتسم عندهم في محل نقد وتعيير :
1 - دعوى الجدّية !!
فيظن البعض أن الضحك والتبسّم لا يمكن أن يكون مع الضحك والتبسّم .
وهي دعوى لا تستقيم لأن الله تعالى خلق الضحك في الانسان طبيعة ، قال الله تعالى : " وأنه هو أضحك وأبكى " أي : خلق في الإنسان الضحك والبكاء .
وقد مرّ معنا هديه صلى الله عليه وسلم كيف كان يشارك اصحاب ضحكهم ويضحك مما يُضحك ويتبسّم تبسّماً يورق رحمة وحناناً .
2 - الخوف من قسوة القلب .
وهذه الشبهة والمانع إنما جاءت من جهة الخلط بين النهي عن كثرة الضحك وضرورة التبسّم والضحك . مستدلين بحديث ابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تكثر الضحك ، فإن كثرة الضحك تميت القلب "
وجاءت ايضا من خلال بعض النقولات الخاطئة لحال بعض السلف في كون أن منهم من لم يضحك عشرين سنة !!
لكن عند التأمل نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينه حقيقة عن الضحك والتبسّم إنما نهى عن كثرة الضحك ،
وبعض النقولات عن السلف تورث في النفس الإحباط ، فمثل هذه النقولات إمّأ أن يكون مبالغ فيها أو لا تثبت على الحقيقة أو قد تكون صحيحة لكن الهدي النبوي عندنا أولى بالاتباع والاقتداء .
3 - البيئة والمحيط .
فقد ينشأ الانسان بين محيط أو بيت لا يعرف البسمة ولا الضحكة فيشب ويشيب على ذلك .
4 - بعض الأخلاق الرديئة في النفس .
كالحقد وسوء الظن والحسد وتتبع العورات ، فإن مثل هذه الأخلاق الرديئة تحرم صاحبها لذّة البسمة الصادقة ودفء الضحكة البريئة .
5 - اليأس والاكتئاب .
هذه الموانع وغيرها أورثت آثاراً غير محمودة سواء علىمستوى الفرد أو على مستوى الجماعة ، فمن ذلك :
- سوء الخلق .
- وحشة الناس ونفرتهم من المتجهّم العابس .
- تولي وجوه العوام من الناس إلى شِطْر أناس أظهروا التدين وتمسحوا به وحُق عليهم الوصف بأنهم من " المخرِّفين المحرِّفين " ،
ولكنهم يجيدون فن التعامل ، ولهم في استخدام مهارة الاتصال بالناس حَذاقة ولباقة ، فملكوا الناس عقلاً وشعوراً فوثق فيهم الناس ،
ووكَلوا لهم دينهم وشرعهم ، ثم تحكموا في حياة الناس حلاً وتحريماً ، فكانت لهم الريادة والقيادة في توجيه وتحريك الشارع المسلم .
- كثرة الأمراض النفسية والعضوية .
- الفرقة والاختتلاف وعدم الاتفاق .
إلى غير ذلك من الآثار المدمّرة للأخلاق على مستوى الفرد
والمدمّرة للعلاقة بين المسلمين الذين أراد الله منهم أن يكونوا أمة واحدة
" وإن هذه أمتكم أمة واحدة " !!
: : : * : : : * : : : * : : :
إعلانات . . . .
تابع . . فقد أوشكت الساعة على النهاية . . . !