وجاء في الموسوعة الفقهية :
شُؤْمٌ . التَّعْرِيفُ : 1 - الشُّؤْمُ : لُغَةً : الشَّرُّ ، وَرَجُلٌ مَشْئُومٌ : غَيْرُ مُبَارَكٍ ، وَتَشَاءَمَ الْقَوْمُ بِهِ مِثْلَ تَطَيَّرُوا بِهِ ، وَالتَّشَاؤُمُ تَوَقُّعُ الشَّرِّ . فَقَدْ كَانَتْ الْعَرَبُ إذَا أَرَادَتْ الْمُضِيَّ لِمُهِمٍّ تَطَيَّرَتْ بِأَنْ مَرَّتْ بِجَاثِمِ الطَّيْرِ ، فَتُثِيرُهَا لِتَسْتَفِيدَ : هَلْ تَمْضِي أَوْ تَرْجِعُ ؟ فَإِنْ ذَهَبَ الطَّيْرُ شِمَالًا تَشَاءَمُوا فَرَجَعُوا وَإِنْ ذَهَبَ يَمِينًا تَيَامَنُوا فَمَضَوْا . فَنَهَى الشَّارِعُ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ : ** لَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَّةَ ** وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ عَنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ . ( الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ ) : ( الْفَأْلُ ) : 2 - الْفَأْلُ : قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يُسْتَبْشَرُ بِهِ . يُقَالُ : تَفَاءَلَ بِالشَّيْءِ تَفَاؤُلًا وَفَأْلًا ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يُكْرَهُ ، يُقَالُ : لَا فَأْلَ عَلَيْك أَيْ : لَا ضَيْرَ عَلَيْك . وَفِي الْحَدِيثِ : ** أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ ** وَهُوَ أَنْ يَسْمَعَ الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ فَيَتَيَمَّنَ بِهَا ، وَهُوَ ضِدُّ الطِّيَرَةِ ، كَأَنْ يَسْمَعَ مَرِيضٌ : يَا سَالِمُ ، أَوْ طَالِبُ : يَا وَاجِدُ . ** وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ أَنْ يَسْمَعَ يَا رَاشِدُ يَا نَجِيحُ ** . ( الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ ) : 3 - ذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إلَى كَرَاهَةِ التَّشَاؤُمِ وَالطِّيَرَةِ دُونَ الْفَأْلِ . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ** كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَرْضًا سَأَلَ عَنْ اسْمِهَا ، فَإِنْ كَانَ حَسَنًا رُئِيَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، وَكَانَ إذَا بَعَثَ رَجُلًا سَأَلَ عَنْ اسْمِهِ فَإِنْ كَانَ حَسَنَ الِاسْمِ رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ** . وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ : ** إنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ : فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ ** . وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ : إنَّهُ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ . وَقَالَ : الْأَوْلَى الْقَطْعُ بِتَحْرِيمِهَا ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ . وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ التَّشَاؤُمَ وَالطِّيَرَةَ مِنْ الْكَبَائِرِ ، وَأَنْ يَحْرُمَ اعْتِقَادُهَا وَالْعَمَلُ بِهَا . وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : ** لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ وَلَا مَنْ تُطُيِّرَ لَهُ ** . وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ** الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وَمَا مِنَّا إلَّا تَطَيَّرَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ ** . قَالَ النَّوَوِيُّ : كَانَتْ تَصُدُّهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ عَنْ مَصَالِحِهِمْ ، فَنَفَى الشَّرْعُ ذَلِكَ وَأَبْطَلَهُ ، وَنَهَى عَنْهُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرٌ بِنَفْعٍ وَلَا بِضُرٍّ ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ** لَا طِيَرَةَ ** . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : ** الطِّيَرَةُ شِرْكٌ ** أَيْ : اعْتِقَادُ أَنَّهَا تَنْفَعُ أَوْ تَضُرُّ إذَا عَمِلُوا بِمُقْتَضَاهَا مُعْتَقِدِينَ تَأْثِيرَهَا فَهُوَ شِرْكٌ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا لَهَا أَثَرًا فِي الْفِعْلِ وَالْإِيجَادِ ، وَأَمَّا الْفَأْلُ ، وَقَدْ فَسَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ الصَّالِحَةِ ، وَالْحَسَنَةِ وَالطَّيِّبَةِ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : يَكُونُ الْفَأْلُ فِيمَا يَسُرُّ وَفِيمَا يَسُوءُ ، وَالْغَالِبُ فِي السُّرُورِ ، وَالطِّيَرَةُ لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا يَسُوءُ . قَالُوا : وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ مَجَازًا فِي السُّرُورِ يُقَالُ : تَفَاءَلْت بِكَذَا بِالتَّخْفِيفِ ، وَتَفَأَّلْت بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ الْأَصْلُ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَإِنَّمَا أُحِبُّ الْفَأْلَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَمَّلَ فَائِدَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَفَضْلَهُ عِنْدَ سَبَبٍ قَوِيٍّ ، أَوْ ضَعِيفٍ ، فَهُوَ عَلَى خَيْرٍ فِي الْحَالِ وَإِنْ غَلَطَ فِي جِهَةِ الرَّجَاءِ ، فَالرَّجَاءُ لَهُ خَيْرٌ ، وَأَمَّا إذَا قَطَعَ رَجَاءَهُ وَأَمَلَهُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِنَّ ذَلِكَ شَرٌّ لَهُ ، وَالطِّيَرَةُ فِيهَا سُوءُ الظَّنِّ ، وَتَوَقُّعُ الْبَلَاءِ . وَانْظُرْ أَيْضًا : ( تَطَيُّرٌ . تَفَاؤُلٌ ) . شُؤْمُ الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ : 4 - قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : ** إنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ : فِي الْفَرَسِ ، وَالْمَرْأَةِ ، وَالدَّارِ ** . وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ مَرْفُوعًا ** إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ ** حَمَلَ مَالِكٌ وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَبَعْضُ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ عَلَى ظَاهِرِهِ . وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ : قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ : " وَجْهُهُ أَنَّ ** أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ ، فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْلَمَهُمْ أَنْ لَا طِيَرَةَ ، فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا بَقِيَتْ الطِّيَرَةُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ ** : فَأُخِذَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ . وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ : " إنَّمَا عَنَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ هِيَ أَكْثَرُ مَا يَتَطَيَّرُ بِهِ النَّاسُ ، فَمَنْ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ أُبِيحَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ وَيَسْتَبْدِلَ بِهِ غَيْرَهُ " . وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إلَى أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ شُؤْمَ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ وَلُودٍ ، وَشُؤْمَ الْفَرَسِ إذَا لَمْ يُغْزَ عَلَيْهِ أَوْ كَانَتْ ضَرُوبًا ، وَشُؤْمَ الدَّارِ جَارُ السُّوءِ ، أَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً عَنْ الْمَسْجِدِ ، وَقَدْ أَنْكَرَتْهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عِنْدَمَا سَمِعْته وَاعْتَبَرَتْهُ مِنْ أَوْهَامِ رَاوِيهِ ، وَإِنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ فِي رِوَايَتِهِ . فَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ : أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ دَخَلَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَا : إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ : ** الطِّيَرَةُ فِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ ** فَغَضِبَتْ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَتْ : " مَا قَالَهُ " . وَإِنَّمَا قَالَ : ** إنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ مِنْ ذَلِكَ ** . وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ : وَلَا مَعْنَى لِإِنْكَارِ ذَلِكَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ مَعَ مُوَافَقَةِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ لَهُ فِي ذَلِكَ . وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُبْعَثْ لِيُخْبِرَ النَّاسَ عَنْ مُعْتَقَدَاتِهِمْ الْمَاضِيَةِ وَالْحَاصِلَةِ ، وَإِنَّمَا بُعِثَ لِيُعَلِّمَهُمْ مَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَعْتَقِدُوهُ