المشكلات الأسرية
لا بيت يخلو من الاختلاف والخلاف، ولكن بيوتا كثيرة تخلو من زوجات وأزواج يتعاملون بحكمة ووعي مع الشقاق، ويعرفون كيف يتركون العاصفة تمر دون خسائر تذكر في بنيان حياتهما المشتركة.
وإذا كان الانحناء في عرفنا ذلا ومهانا، فإن الانحناء الكريم الذي يرفع القدر ويحفظ الكرامة هو انحناؤنا أمام عواصف حياتنا المشتركة; لتمر غير آسفات علىها، إنه انحناء يجعل الرأس أكثر ارتفاعا، فمنتهي العزة أن تظل بيوتنا متماسكة صامدة، وغاية المذلة أن تصبح هشة ضعيفة مسكونة بعواصف أبينا الانحناء أمامها بدعاوي الكبرياء، فحاصرتنا وخنقتنا حتى تصلبت الرقاب، وصارت عاجزة حتى عن هذا الانحناء الذي نحاوله كثيرا بعد فوات الأوان.
الخلاف بين الزوجين وطرق علاجه
يندر في الواقع أن يعيش زوجان دهراً من عمرهما دون أن تطرأ في حياتهما مشكلات وخلافات.
ولذلك فعلينا أن نتقبل الخلافات الزوجية على أنه أمر لا مفر منه أو هو شر لا بد منه ولا يعني ذلك أن نستسلم للخلاف وألا نأبه له عند حدوثه فالخلاف شر وهو يعكر النفوس ويقتل بهجة الحياة الزوجية وعلينا أن نفر منه بكل سبيل ولكن ينبغي أيضاً أن لا نظن أن الكارثة قد وقعت عند أي خلاف مهما كان ويجب أن نعلم أيضاً أن لكل جرح دواء وعلينا أن نحاول دائماً ولا نيأس من علاج مطلقاً وفوق هذه القاعدة نستطيع أن نؤسس حياة زوجية سعيدة.
وهذه مجموعة من قواعد وإرشادات ونصائح أرجو إن اتبعها الزوجان أن يسعدا ويقضيا على كل خلاف ينشأ بينهما:
أولاً: إذا أردت أن تحكم حكماً صحيحاً في أي خلاف فضع نفسك موضع الآخر، وقدر ظروفه وإمكانياته تماماً ثم احكم عليه وبهذا تعلم موقفك أنت ممن يخالفك في شيء ما.
ثانياً: على الرجال أن يعلموا تماماً أن في المرأة، جنس المرأة عوجاً بوجه من الوجوه وهذا ليس فيه تعصب وإنما هو طبيعة الخلق والفطرة التي فطر الله المرأة عليها، ولا يمكن أن تكتمل المرأة من كل وجه خلقاً وطباعاً ولو أنها كانت كاملة لعبدها الرجال من دون الله عز وجل وهذا معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: [إن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه وإن جئت تقيمه كسرته، وإن استمتعتم بهن استمتعم بهن وفيهن عوج].
وأخذ هذا الأمر على علاته يفيد الرجال كثيراً فافتراض الكمال في المرأة ومحاسبتها على هذا النحو يعني التغاضي عن كثير من النقص ضار بالمرأة والرجل كذلك. وهذا الذي لا بد وأن يعتور الحياة الزوجية ومطالبة المرأة بإكمال هذا النقص مطالبتها بالمستحيل.
ثالثاً: كم من الرجال من يرزقون زوجات هن أرجح منهم عقولاً وأكثر منهم صبراً وحكمة وأكثر منهم سداد رأي ولا يخرق هذا القاعدة العامة في الرجال والنساء ولا يعني هذا أيضاً أن تأخذ المرأة صلاحيات الرجل وأن يقف الرجل من عقد الزواج مكان المرأة لأن هذا يعني إفساداً للفطرة، وهدماً للسعادة الزوجية وأسلوب إصلاح المرأة لزوجها عند نشوزه وإعراضه هو النصح والاستعانة عليه بالأقربين كما قال تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير**، وأما أن تقوم المرأة بتقويم عوج زوجها ونشوزه وإعراضه بتعاليها عليه، وهجرها لفراشه أو بضربه وتأديبه فذلك هو غاية الفساد والإفساد.
رابعاً: الرجل الذي أعطى حق القوامة عليه الواجب الأول في أن يكون راعي وقواماً ولا يكون راعياً وقواماً إلا بأن يكون قدوة في نفسه، قادراً على تقويم غيره.
والقوامة لا تعني البطش والتعالي وإنما تعني الرعاية والحفظ والتربية والرأفة والرحمة ووضع كل أمر في موضعه شدة وليناً. ولا شك أن سوء استخدام الرجل لصلاحياته المعطاة له يؤدي إلى النقيض.
خامساً: الوسائل التي أعطاها الله وأرشد إليها الرجال لتقويم نشوز زوجاتهم يتلخص في الأمور الأربعة الآتية:
(أ) الوعظ: وهو كلام رقيق يصيب القلب والوعظ نافع للزوجة إذا جاء في الوقت المناسب بالقدر المناسب، وأما أن يجعل الرجل من نفسه خطيباً بالليل والنهار فذاك فساد وإفساد فالوعظ في التربية كالسم في الدواء قليله يفيد وكثيره يقتل الشعور والإحساس.
(ب) الهجران في المضاجع: وهو ترك فراش الزوجة وقت النوم فقط وهو نافع إذا لم تفلح الوسيلة السابقة.
(ج) الضرب: والمقصود به إيقاظ شعور امرأة بليدة الطبع لم تستفد شيئاً بالوسيلتين الآنفتين وهي وسيلة لا يلجأ إليها الأخيار عادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما اشتكى إليه بعض النساء من ضرب أزواجهم لهم وعظ الرجال وقال: [إنه قد طاف بآل محمد نساء يشتكين أزواجهن..] ثم قال: [وليس أولئك بخياركم] أي من يضرب زوجته.
وبالطبع فالمقصود بالضرب هو غير المبرح الذي يتقي صاحبه به الوجه وفي تحريم ضرب الوجه أحاديث كثيرة مشهورة.
(د) الاستعانة بالمصلحين من أقارب الزوج والزوجة. وهذا آخر المطاف إذا عجز الرجل عن التقويم فعليه أن يستعين بحكم من أهله وحكم من أهل زوجته فيكونا أقدر على تفهم مشاكلهما لأن صاحب المشكلة كثيراً ما يعمى عن حلها.
وفي هذه الأمور الأربعة الآنفة جاء قول الله تبارك وتعالى: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن، واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً، وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً)
ينتهي مفعول عقد الزواج ؟
ينفصل الأزواج بعضهم عن بعض بواحد من الأمور والحالات السبعة الآتية: الوفاة -
والطلاق - والفراق - واللعان - والظهار - والفسخ - والردة.. وفي كل حالة من هذه
الحالات هناك قواعد وحدود وآداب شرعية يجب أن يحسن التزامها
لماذا يتم فسخ عقد الزواج ؟
أولاً:
(أ) اكتشاف الزوجين في أحدهما كان محرماً للآخر كأن يكونا قد اجتمعا في الرضاعة على ثدي واحد (أمها أو أمه، أو امرأة أخرى) فإذا اكتشف الزوجان ذلك كان باطلاً لأن العقد على المحارم باطل، وهما معذوران عند الله فيما سلف لجهلهما ولا يعذران بعد ذلك بالاستمرار وبالطبع يترتب على ذلك أن لا يسترد الزوج شيئاً من محرمته التي انفصل عنها كزوج، وأولاده ينسبون إليه.
(ب) أن يكتشف الزوجان أن نكاحهما كان نكاحاً باطلاً لنهي الشرع عنه كأن يكون نكاح تحليل أو نكاح متعة وقد قدمنا أدلة فساد هذه الأنكحة سابقاً. فإذا اكتشف الزوجان ذلك كان لهما الاستمرار بعقد جديد في نكاح المتعة والتحليل وأما نكاح الشغار ففيه للعلماء خلاف معروف.
(ج) أن تكون الزوجة قد زوجها وليها (أبوها أو غيره ممن تصح منه الولاية) وهي صغيرة لم تبلغ ومثل هذه لا يعتد بموافقتها في عقد النكاح وحيث أن التراضي من شروط العقد كما مر بك فإن لهذه الزوجة إذا بلغت أن تطلب فسخ عقد النكاح لأنها وقت العقد كانت صغيرة وقد زوجت بغير إرادتها أو أن إرادتها في ذلك الوقت لا يعتد بها. ويلحق في هذا الشأن ما لو كانت الفتاة قد أجبرت على الزواج بغير رضاها فإن لها فسخ عقد النكاح، ولها أن توافق على دوامه إن شاءت.
وهذه الأمور التي قدمناها آنفاً كلها من باب واحد لأن العقد فيها جميعاً باطلاً أو فاسداً من أساسه ولكنه لما وقع بجهل كان هذا عذراً فإذا ارتفعت الجهالة وجب فسخ عقد النكاح والتفريق بين الزوجين إلا فيما يمكن استئنافه كما قدمنا.
ثانياً: القسم الثاني مما يوجب الفسخ هو اكتشاف عيب مخفي جحده أحد الزوجين أو أولياؤهما عند العقد.. وقد اختلف فقهاء الإسلام في العيوب الشرعية التي توجب الفسخ في الزوجين وما يجب أن يصار إليه ولا يختلف فيه هو الجنون والمرض (الساري) وكون الرجل ليس ذكراً بمفهوم الذكورة أي عنّيناً، وكون الأنثى ليس أنثى بمفهوم الأنوثة أي فيها ما يمنع الاجتماع، وثمة عيوب أخرى فيها مجال للاختلاف كنتن الفم والمخارج. والحق أن مثل هذا فيه نظر في فسخ عقد النكاح به.
ثالثاً: طروء ما يوجب الفسخ:
القسم الثالث مما يوجب الفسخ هو طروء أمر من شأنه أن يبطل عقد الزواج ونستطيع أن نحصر هذه الأمور فيما يلي:
(أ) الردة: كأن يكفر رجل وتحته امرأة مسلمة وفي هذه الحالة لا بد من فسخ النكاح. أو أن تكفر المرأة وهي تحت زوج مسلم وذلك لقوله تعالى: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر** ومعلوم أن المسلم لا يكفر إلا بأمور محددة شرعاً وتفصيل ذلك في غير هذا الموضع وقد شرحناه بحمد الله في كتاب (الحد الفاصل بين الإيمان والكفر).
(ب) الإعسار بالنفقة: وهو أن يصبح الرجل غير قادر على كفالة زوجته والقيام بالإنفاق عليها ومعلوم أيضاً أن المرأة يحسن بها أن تصبر على عجز الرجل وإعساره في الإنفاق وأنها يحسن بها أيضاً أن تساعده في ذلك إن استطاعت كما أن على الرجل أن يساعد المرأة ويصبر معها وعليها فيما تعجز عنه من حقوقه عليها كالاستمتاع والخدمة لمرضها وكبرها مثلاً فإن الزواج الأصل فيه التراحم والوفاء والمشاركة وليس هو تجارة وبيعاً من كل صوره ونواحيه.. ولكننا نقول هنا إن الإعسار من موجبات الفسخ لأن المرأة قد تصر على هذا وتطالب به وتقول: رجل لا يستطيع إعاشتي والإنفاق علي لا أريده زوجاً وإجبارها في مثل هذه الحالة ظلم لها ولو صبرت وأعانت كان ذلك إحساناً منها ومعلوم أن الإجبار على الإحسان والفضل ظلم. لأن الإحسان والفضل الأمثل فيه الاختيار والأريحية والدافع الذاتي.
(ج) الأمر الثالث الذي يوجب الفسخ هو اتهام الرجل زوجته بالزنا إن هذا الأمر له تفصيلاته ومشكلاته فنرجؤه إلى الفصل الآتي
الزوجان بين الحب والفتور
محمد فاروق عجم
عندما يرفع المحبون الرايات البيضاء للحب معلنين الاستسلام برغباتهم لتلك الأشواق التي سلبتهم قلوبهم وعقولهم.. لا يظن أولئك المحبون أن يأتي ذلك اليوم الذي سوف يرفعون فيه الرايات السوداء التي تنذر بالخطر، وتعلن غرق هذا الحب.
هذا ما ذهبت إليه دراسة طريفة حول الحب وعدد السنوات التي يستمر خلالها الحب متوهجًا؛ حيث قدرت الدراسة أن العمر الافتراضي للحب هو ثلاث سنوات؛ حيث يقول باحث علم الاجتماع الأمريكي "وليام روبسون" بأنه عندما يصل الحب إلى نهاية عمره الافتراضي وهو ثلاث سنوات يصبح نور الحب خافتا، وقد يتطلب ذلك ما يقرب من العام حتى يدرك طرفَا علاقة الحب هذه الحقيقة المرة التي تغلفها الحياة المشتركة. وللأسف قد يتحول ذلك الحب الكبير إلى كراهية ونفور وإهمال وعدم اهتمام، وقد يحدث في أحيان كثيرة أن يحاول أحد الطرفين الخلاص من شريك حياته.
العمر الافتراضي
ويؤكد "روبسون" أن كيمياء المخ المسيطرة على عملية الحب تظل تولد شحنات حب وطاقة عواطف لمدة 3 سنوات، ثم تتوقف تلك الشحنات وكأنها بطارية فرغت ولا يمكن إطلاقا إعادة شحنها، ويضيف: كان الاعتقاد السابق هو أن العمر الافتراضي للحب يبلغ 7 سنوات، لكن خبراء الزواج والعلماء الذين شاركوا "روبسون" أكدوا هذه الحقيقة بأن الحب يعيش 3 سنوات بالإضافة إلى سنة تأرجح، ثم ما يحدث بعد ذلك ينتمي إلى علاقات الدفء والإخلاص وليس للحب، ومن المطلوب عند ذلك الاستمرار في إظهار الحب، وتمثيل دور المحبين من أجل حفظ ماء الوجه، ووضع العلاقة المشتركة في إطار اجتماعي مناسب، وهذا ليس من مظاهر الحب الحقيقي بل هو عملية تجميل اجتماعي ليس إلا.
ويضيف روبسون: هذه الحقيقة العلمية تجد ما يساندها على أرضية الواقع؛ حيث إن قصص الحب الشهيرة الواقعية أو الخيالية عمرها قصير ولا تتعدى المدى الزمني من 3 إلى 5 سنوات على الأكثر.. تبدأ مثيرة.. نارية.. وتعيش فترة معقولة بعواطف ملتهبة ثم تنتهي بفعل فاعل يخرج من داخل المحبين.. ولهذا يجب توقع ذبول شجرة الحب بعد سنوات لا تزيد على 5 أعوام، ولا بد من وضع بعض الخطط التي قد تعيد للحب بعض حرارته أو تحافظ على ما بقي منه.. مع عدم التعجل وطلب الانفصال.. فهناك أبناء.. وعِشْرة وتقاليد اجتماعية وغير ذلك من مظاهر الحياة التي تحمي الزواج كنظام لا بد أن يستمر حتى مع انتهاء العمر الافتراضي للحب!
أتفق.. وأختلف
حاولنا الاقتراب من الواقع لسماع بعض الآراء حول هذه الدراسة..
تقول رشا محمد -28 سنة-: أعتقد أن ما جاءت به الدراسة صحيح؛ فأنا متزوجة منذ 5 سنوات، وفى أول سنتين للزواج كانت هناك رعاية واهتمام من قبل زوجي لي وكان يفضل ملازمة البيت، أما بعد الإنجاب فكثرت المشكلات، ولم تعد هناك أوقات للحديث عن الحب، وبدأت أشعر أن العلاقة بيني وبين زوجي مستمرة فقط من باب الإخلاص.
أما إسماعيل صادق -35 سنة- فيقول: إن الحب الرومانسي ينتهي بعد السنة الأولى أو الثانية من الزواج؛ حيث تكثر المسئوليات تجاه الزوجة من جهة وتجاه الأطفال من جهة أخرى، إلى جانب صعوبات الحياة وأعبائها التي لا تعطي للحب مكانا في الحياة!!
بينما تؤكد هبة وليد -23 سنة- أن الحب لا ينتهي أبدا بين الزوجين، ولكنه يأخذ أشكالا أخرى متعددة؛ فهو مختلف عن حب الخطوبة الرومانسي؛ حيث إنه يكون حبا أكثر نضجا ناتجا عن العشرة، وبالتالي تختلف أساليب التعبير عن هذا الحب؛ وهو ما قد يخيل للبعض أن الحب قد انتهى؛ وهو ما قد يؤدي إلى بعض الفتور في علاقة الزوجين؛ لذا فعلى الزوجين إدراك طبيعة كل مرحلة.
وترى مروة مصطفى -25 سنة- أن ما جاء به روبسون صحيح.. فالحب ينتهي بين الزوجين عندما يأتي الأطفال، ووقتها تقع على الزوجة مسئوليات الزوج والأطفال؛ وهو ما يؤدي إلى انصراف الزوجة عن اهتمامها الكامل بزوجها مثل بداية الزواج، ومن ناحية أخرى يهتم الزوج بعملة أكثر من أجل تأمين الحياة الأسرية؛ وهو ما لا يعطي أحدهما فرصة للتعبير عن مشاعره تجاه الأخر؛ وهو ما يؤدي في النهاية إلى ذبول الحب.
بينما يختلف مع الدراسة أحمد سعد -45 سنة- حيث يرى أن الحب يظل مستمرا بعد الزواج، فإذا كان الحب قبل الزواج فإنه يكون عن طريق القلب، ثم ينضج بعد الزواج ليكون عن طريق القلب والعقل معا؛ وهو ما يؤدي إلى تقوية العلاقة بين الطرفين وكأنها تدور فيما يشبه المجال المغناطيسي، فإذا غاب أحدهما عن الآخر يشعر بالفراغ من حوله ويبحث بكل لهفة عن الطرف الآخر.
الحب وتغيرات المجتمع
ويعلق على الدراسة الأستاذ الدكتور أحمد المجدوب -خبير علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث القومية والجنائية- فيقول: ما ذهب إليه عالم الاجتماع "وليام روبسون" في دراسته هو كلام صحيح ليس فيه تناقض؛ فالحب بالفعل لا يستمر طويلا هذه الأيام، وهذا بسبب التغيرات التي تحدث في المجتمع والتي تنعكس على العلاقات بين الرجل والمرأة؛ فالعلاقة السابقة على الزواج أي فترة الخطوبة تستهلك العواطف والمشاعر الوجدانية؛ وهو ما يؤدي إلى تحول هذه العلاقة الرومانسية إلى علاقة جنسية قبل الزواج؛ وهو ما يعمل على ذبول المشاعر. فاليوم تغيرت العلاقات، وأصبح الحب مرادفا للجنس ومقترنا به؛ فالتغيرات الاجتماعية اختزلت خطوات في العلاقة؛ وهو ما أدى إلى ظهور المشكلات بين الزوجين؛ وهو ما يعمل مستقبلا على ضمور العواطف؛ فالتغير الاجتماعي -على سبيل المثال- لعب دورا في تقليل فترة "شهر العسل"؛ ففي الماضي كان شهرا حقيقيا 30 يوما، أما الآن فلا يتعدى أسبوعا واحدا!!
ويضيف: لقد أصبحت العلاقات قبل الزواج الآن عميقة، وفيها الكثير من التحرر والانفلات، وأصبح يُنظَر للمرأة على أنها جسد فقط، مقارنة بالماضي؛ حيث كانت العلاقات قائمة على العاطفة والمشاعر الراقية والاحترام المتبادل، كما كان هناك نظرة سمو للمرأة.. فكل هذه العوامل كانت تؤدي إلى دوام الحب لفترات طويلة؛ حيث يتطور طبيعيا بهدوء دون حدوث أزمة قبل الزواج، ثم يتخطى العلاقة الجنسية بعد الزواج في هدوء أيضا حتى تصبح "عادة"، يحل محلها بعد ذلك المودة والرحمة.
ويجب هنا أن نشير إلى أن المودة أشمل من الحب؛ فالحب أسرع إلى الضعف والوهن، أما المودة فهي قائمة على ارتباط وجداني معنوي.
وعن كيفية تقوية العلاقة بين الزوجين:
عندما يحب الرجل زوجته حبًا حقيقيا فإنه يشعر تجاهها بالرحمة ويرغب في سعادتها وراحتها، وعندما يعمل الرجل على ذلك فإن العلاقة بينه وبين زوجته تتعمق وتدخل في نطاق المودة والدفء والإخلاص، وهي أشياء -كما ذكرنا- أعلى من الحب.
وفي نهاية تعليقه على الدراسة يتوقع الأستاذ الدكتور أحمد المجدوب أن تصل فترة الحب والوئام بين الزوجين -التي أشارت إليها الدراسة بأنها 3 أعوام- إلى عام واحد فقط؛ فالحب في تراجع مستمر؛ لأن تغيرات المجتمع تفرض نفسها، وأصبح كل ما يحيط بنا هو الجنس، والانفصال عن ذلك صعب؛ لأن ظروف المجتمع أقوى من الفرد.
المصطلحات التي تم شرحها سابقاً ... منقوله عن موقع إسلام أون لاين