الدرس الثاني :
بعنوان حياة الجن:
سيقول قائل ما فائدة هذا الدرس. فأقول وبالله التوفيق أن هذا المجال إنما هو حرب بينك وبين الشيطان، وكما هو معلوم اعرف عدوك تعرف نقطة ضعفه. فإذا كان المعالج على بينة ويعرف عدوه استطاع أن يهزمه بإذن الواحد القهار. ولهذا فعلى المعالج أن يدرس دراسة شاملة لهذا الباب. وأنبه إخوتي الأعضاء والمشرفين أن ما كان موافقا للكتاب والسنة فخذوه وما كان مخالفا اضربوا به عرض الحائط.
كيف يعذب الجن بالنار يوم القيامة وهو أصلا مخلوق من نار:
أولا وقبل أن أسرد عليكم مجموعة من الأدلة أوضح لكم بعض الأمور. نحن معاشر الإنس كما نعلم أننا خلقنا من طين، لكن هل بقينا على الأصل الذي هو التراب أم أننا تغيرنا. والصحيح أننا لم نبق على أصلنا وإنما أصبح جسمنا يتكون من لحم ودم وعظم. فكذلك الجن خلقوا من نار لكنهم تغيروا. والأدلة على ذلك كثيرة نذكر منها:
روى مسلم في صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك. ثم قال: ألعنك بلعنة الله. وبسط يده _ ثلاثا _ كأنه يتناول شيئا، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله، قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقول قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك. قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذ بالله منك - ثلاث مرات - ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر - ثلاث مرات - ثم أردت أن أخذه. والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة.
قال الشيخ وحيد عبد السلام بالي - حفظه الله - في كتابه وقاية الإنسان من الجن والشيطان: والشاهد من هذا الحديث أن إبليس لو كان باقيا على ناريته ما احتاج إلى أن يأتي بشهاب من نار.
وعن أبي التياح قال: قلت لعبد الرحمن بن خنبش التميمي وكان كبيرا: أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قلت : كيف صنع ليلة كادته الجن والشياطين؟ قال: إن الشياطين تحدرت تلك الليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية والشعاب، وفيهم شيطان بيده شعلة من نار يريد أن يحرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فهبط إليه جبريل فقال: يا محمد، قل . قال : ما أقول؟ قال: قل أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن. قال: فطفئت نارهم وهزمهم الله تبارك وتعالى.
فهذه أدلة واضحة على أن الجن خلقوا من نار لكنهم لم يبقوا على أصلهم - يعني النار - بل إنهم تحولت أجسامهم إلى أصل آخر .والله تعالى أعلم.
أنواع الجن:
عن أبي ثعلبة الخشني، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجن ثلاثة أصناف: فصنف لهم أجنحة ، يطيرون في الهواء . وصنف حيات وكلاب، وصنف يحلون ويظعنون.
يحلون ويظعنون : يقيمون ويرتحلون.
حديث صحيح : رواه الطبراني ، والحاكم، والبيهقي في الأسماء والصفات بإسناد صحيح . والألباني في صحيح الخامع برقم ( 3114).