((( &&& بسم الله الرحمن الرحيم &&& )))
بارك الله فيكم أخي الحبيب ( المنسي 2 ) ، ولقد ذكرت أخي الحبيب موضوعاً مستقلاً في كتابي الموسوم ( منهج الشرع في بيان المس والصرع ) تحت عنوان ( أسباب صرع الجن للإنس ) قلت فيه :
وقد يكون الصرع ناتجا عن الإصابة بالعين ، فيصرعون الإنس نتيجة لذلك ، وهذا أمر مشاهد محسوس ، وقد وقفت على حديث ضعيف يدور حول هذا المعنى ، إلا أن معناه صحيح والله تعالى أعلم ، والحديث رواه أبو هريرة - رضي الله عنه – عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( العين حق يحضرها الشيطان وحسد ابن آدم ) ( السلسلة الضعيفة 2364 ) 0
قال المناوي : ( فالشيطان يحضرها بالإعجاب بالشيء وحسد ابن آدم بغفلة عن الله فيحدث الله في المنظور علة ، يكون النظر بالعين سببها فتأثيرها بفعل الله ) ( فيض القدير – 4 / 397 ) 0
قال الشوكاني : ( يجوز رقية من به مس أو عين أو نحوهما ، لاشتراك ذلك في كون كل واحد ينشأ عن أحوال شيطانية من إنسي أو جني ) ( نيل الأوطار - 8 / 214 ) 0
يقول الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله – في مقدمته للكتاب الموسوم " كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية " للشيخ عبدالله بن محمد السدحان : ( وقد أثبت بالتجربة الصادقة أن العين يتبعها شيطان من شياطين الجن فيؤثر في المعين بإذن الله تعالى الكوني القدري ) ( كيف تعالج نفسك بالرقية الشرعية – ص 5 ) 0
يعقب الشيخ عبدالله السدحان على الحديث آنف الذكر فيقول : ( هذا الحديث أوله " العين حق " صحيح رواه البخاري ( 10 / 203 ) أما بقيته " ويحضرها الشيطان وحسد ابن آدم " فقد أخرجه أحمد في المسند ( 21439 ) بلفظ " يحضر بها " أي معها وقد جاء أيضا بلفظ " يحضرها " وعزاه السيوطي في الجامع الصغير للكجي في سننه من حديث أبي هريرة كما قال الترمذي وغيره 0 وقال الهيثمي ( 5 / 107 ) : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح 0 وعلى كل فمعناه صحيح ولا يخالف حديثاً صحيحاً وتشهد له التجربة ويؤيده الواقع ومشائخنا على هذا المعنى فلله الحمد والمنة 0
ثم يقول : ( هذا الحديث الشريف يفيد أن كل إنسان حوله شياطين الجن يتربصون الإيقاع به ، فكل إنسان معرض للحسد ، ولا يكاد أحد يسلم من العين إلا من عصم الله ) ( كيف تعالج نفسك بالرقية الشرعية – ص 43 ) 0
وقال أيضاً : ( ولأن غالب أمراض الناس سببها العين ، وأن معنى حديث " العين حق " أي الوصف دون ذكر الله ( وهو سم اللسان ) وليس المراد آلة العين وإنما عُبر بها لأنها الواصفة للواقع ، وحينئذ تنطلق الشياطين الحاضرة فتعمد إلى إيذاء الموصوف بإذن الله ، ولأن هذا المفهوم الشرعي غير مسبوق فيما أعلم حرصت كل الحرص على تأصيله شرعياً بالاستعانة بعد الله بمشائخنا ممن له اختصاص في العقيدة وهي الأهم ، وتم عرض هذا المفهوم على شيخنا الفاضل محمد العثيمين ، فأقره بحمد الله وذلك في فتوى عن طريق شريط تسجيل ) ( كيف تعالج نفسك بالرقية الشرعية – ص 21 ) 0
ومن أدق وأبلغ ما كتبه ابن القيم في تفسيره للمعوذتين حيث حدد هذا الواقع وتكلم عنه وبين طبيعة الحاسد وعلاقته بالشيطان - حيث قال :
( والشيطان يقارن الساحر ويقارن الحاسد ويحادثهما ويصاحبهما ، لكن الحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشيطان ، لأن الحاسد شبيه إبليس وهو في الحقيقة من أتباعه ، لأنه يسعى ويطلب ما يحبه الشيطان من فساد الناس وزوال نعم الله عنهم كما أن إبليس حسد آدم لشرفه وفضله ، وأبى أن يسجد لآدم حسدا 0 فالحاسد من جنس إبليس وأما الساحر فهو يطلب من الشيطان أن يعينه ، بل إن الساحر يعبد الشيطان ليقضي له حاجته والمقصود أن الساحر والحاسد كل منهما قصده الشر ، لكن بطبعه ونفسه وبغضه للمحسود والشيطان يقترن به ويعينه ، ويزين له الحسد ويأمره بموجبه ، والساحر بعلمه وكسبه وشركه واستعانته بالشياطين ) ( تفسير المعوذتين – ص 39 ) 0
وقال أيضا : ( فلهذا والله أعلم قرن في السورة - يعني سورة الفلق - بين شر الحاسد وشر الساحر لأن الاستعاذة من شر هذين تعم كل شر يأتي من شياطين الإنس والجن فالحسد من شياطين الإنس والجن والسحر من النوعين ) ( بدائع الفوائد - 2 / 233 ) 0
قال الشوكاني : ( يجوز رقية من به مس ، أو عين ، أو نحوه ، لاشتراك ذلك في كون كل واحد ينشأ عن أحوال شيطانية من إنس أو جن ) ( نيل الأوطار – 8 / 214 ) 0
قال الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري : ( والعين وردت إليها الإشارة في ثلاث آيات من القرآن الكريم ، وورد بها جملة أحاديث ، منها الصحيح لذاته ، ومنها الصحيح لغيره ، وثبتت من تجربة البشر 0
ومن أنكر العين ليس عنده برهان إلا عدم العلم بصلة النفس بالنفس ، وصلة الإنس بالجن ، وعدم العلم ليس علما بالعدم ، وخالق النفوس والجن والإنس أعلم بأثرهم 0
وكثيرا ما التصقت آثار العين بآثار الجن 00 ) ( تباريح التباريح – ص 93 ) 0
قلت : ولا بد أن تكون كافة المجالس والأوقات التي تكرس للمعصية والأعمال الخبيثة مرتعا خصبا للشيطان ، والحسد والعين مما يستأنس له الشيطان ، فيحضره ، وقد ينفذ بإذن الله سبحانه إلى جسد الإنسان بقوة العين ، وهذا مما عايشته بنفسي ، وثبت تواتره عند المعالجين الثقاة ، وبعض الحالات التي تم علاجها كانت الأسباب والدوافع لصرع الأرواح الخبيثة ، قوة عين الحاسد أو العائن ، والله تعالى أعلم 0
وأذكر في سياق هذا الموضوع قصة ذكرها الأستاذ عبدالعزيز القحطاني تؤكد هذا الأمر حيث يقول :
( بينما كنا نرقي طفلة مصابة بقراح في رجلها وجسدها فإذا هي قد تأثرت ، وقد كنت متوقعاً ذلك والفضل لله وبحمده ، حيث القروح بدأت تدمل أثناء رقية القرآن ، وبدأت الطفلة تتألم من القراءة ، ولا تريد ذلك 0 ثم بدأت تتكلم كلام أكبر من سنها ، وكان ذويها يعتقدون بأن عين قد أصابت ابنتهم 0 وطلبت الاغتسال لها إن كانوا قد عرفوا العائن 0 ويدل ذلك على إصابتها ثم زودتهم بماء رقيه حتى يخفف عنها الألم وتتحسن حتى يخرج منها الخبيث الذي تسبب بهذه القروح ، وأن تلتئم الجروح 0
وأن الذي حدث أن الجن وافق كلمة المرأة العائنة التي ألقت كلمة على البنت قد تكون بدون قصد دون أن تذكر الله وتبرك 0 فالتبس بها ، وكانت بدايتها قرحة صغيرة انتشرت شيئا فشيئا ، وقد عرضت على بعض الأطباء ولكن دون جدوى بسبب هذه القرحة ، ونسأل الله لها الشفاء ، حيث أنها بدأت تتماثل للشفاء والحمد لله ، كذلك بعد ملازمة بعض المراهم الطبية ) ( طريق الهداية في درء مخاطر الجن والشياطين – ص 72 ) 0
هذا ما تيسر لي أخي الحبيب ( المنسي 2 ) ، زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0