ذكر نصوص العلماء في معنى ( الإله ) :
قال ابن عباس رضي الله عنه : الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين .
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .
وقال الوزير أبو المظفر في " الإفصاح " ،
قوله : « شهادة أن لا إله إلا الله » ،
يقتضي أن يكون الشاهد عالمًا بأن :
لا إله إلا الله ،
كما قال : الله عز وجل :
** فاعْلَمْ أَنَّهُ لا إلَهَ إلاّ اللّهُ **
سورة محمد 19
وينبغي أن يكون الناطق بها شاهدًا فيها ،
فقد قال الله عز وجل ما أوضح به أنّ الشاهد بالحقّ إذا لم يكن عالمًا بما شهد به ،
فإنّه غير بالغ من الصدق به مع مَن شهد مِن ذلك بما يعلمه في قوله تعالى :
** إلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالحَقِّ وهُمْ يَعْلَمُونَ **
سورة الزخرف 86
قال : واسم الله تعالى مرتفع بعد « إلا »
من حيث إنّه الواجب له الإلهية .
فلا يستحقها غيره سبحانه .
قال : واقتضى الإقرار بها أن تعلم أنّ كل ما فيه أمارة للحدث ، فإنه لا يكون إلهًا ،
فإذا قلتَ : لا إله إلا الله ،
فقد اشتمل نطقك هذا على أن ما سوى الله ليس بإله ،
فيلزمك إفراده سبحانه بذلك وحده .
قال : وجملة الفائدة في ذلك أن تعلم أن هذه الكلمة هي مشتملة على الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ،
فإنّك لما نفيت الإلهية ،
وأثبت الإيجاب لله سبحانه ،
كنت ممن كفر بالطاغوت وآمن بالله .
وقال أبو عبد الله القرطبي في" التفسير " :
** لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ** ، أي : لا معبود إلا هو .
وقال شيخ الإسلام :
الإله هو المعبود المطاع .
وقال أيضا في ( لا إله إلا الله ) :
إثبات انفراده بالإلهية ،
والإلهية تتضمن كمال علمه وقدرته ورحمته وحكمته ،
ففيها إثبات إحسانه إلى العباد .
فإن الإله هو المألوه ،
والمألوه هو الذي يستحق أن يعبد ،
وكونه يستحق أن يُعبد هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب ، المخضوع له غاية الخضوع .
وقال ابن القيم رحمه الله :
الإله هو الذي تألهه القلوب محبة وإجلالاً وإنابة وإكرامًا وتعظيمًا وذلاً وخضوعًا وخوفًا ورجاءً وتوكلاً .
ولو كان معناها ما زعمه هؤلاء الجهال ،
لم يكن بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبينهم نزاعٌ ،
بل كانوا يبادرون إلى إجابته ،
ويلبون دعوته ، إذ يقول لهم : قولوا :
لا إله إلا الله ،
بمعنى : أنه لا قادر على الاختراع إلا الله .
فكانوا يقولون : سمعنا وأطعنا .
قال الله تعالى : ** ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ **
سورة الزخرف 87
** ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العَزِيزُ العَلِيمُ **
سورة الزخرف 9
** قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ ** الآية ،
سورة يونس 31
إلى غير ذلك من الآيات .
لكنَ القومَ أهلُ اللسان العربي ،
فعلموا أنّها تهدم عليهم دعاء الأموات والأصنام من الأساس ،
وتكب بناء سؤال الشفاعة من غير الله ،
وصرف الإلهية لغيره لأم الرأس ،
فقالوا :
** ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إلى اللّهِ زُلْفَى **
سورة الزمر 3
** هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ **
سورة يونس 18
** أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ **
سورة ص 5
فتبًا لمن كان أبو جهل ورأس الكفر من قريش وغيرهم أعلم منه بـ : « لا إله إلا الله » .
قال تعالى : ** إِنَّهُمْ كانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ
لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * ويَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ **
سورة الصافات 35 - 35
فعرفوا أنّها تقتضي ترك عبادة ما سوى الله، وإفراد الله بالعبادة ،
وهكذا يقول عباد القبور إذا طلبت منهم إخلاص الدعوة والعبادة لله وحده : أنترك سادتنا وشُفعاءنا في قضاء حوائجنا ؟!
فيقال لهم :
نعم وهذا الترك والإخلاص هو الحق ،
كما قال تعالى :
** بَلْ جَاءَ بالحَقِّ وصَدَّقَ المُرْسَلِينَ **
سورة الصافات 37
فـ : « لا إله إلا الله »
اشتملت على نفي وإثبات ،
فنفت الإلهية عن كل ما سوى الله تعالى ،
فكل ما سواه من الملائكة والأنبياء
فضلاً عن غيرهم ، فليس بإله ،
ولا له من العبادة شيء ،
وأثبتت الإلهية لله وحده ،
بمعنى أنّ العبد لا يأله غيره ،
أي : لا يقصده بشيء من التأله
وهو تعلق القلب الذي يوجب قصده بشيء
من أنواع العبادة ،
كالدعاء والذبح والنذر وغير ذلك .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 57 - 59 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
مراحل تلبيس إبليس على عُبّاد القبور
للشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله
https://youtu.be/kMcufM8TgA8