لقد أوضحت الدراسات والبحوث مدى ارتباط الإصابة بأمراض القلب والشرايين مع الضغوط النفسية، حيث إنها تؤدي إلى تفاعل داخلي في الجسم الذي بدوره يؤدي إلى إفراز هرمونات الغدة الكظرية (هرمونات الإدرنالين والنورأدرينالين) وهرمونات الاستيرويد في الدم والبول، وكذلك يتأثر جهاز المقاومة في الجسم ما يعكس سلباً على الصحة.
أثبتت دراسات أخرى أن الاكتئاب النفسي من بوادر (علامات بدائية) لأعراض الاحتشاء القلبي أو الموت المفاجئ، وقد تكون هذه العلامات دلالة على تطور مرض عضوي داخل الجسم.
وأوضحت نتائج دراسة الدكتور روبيرمان أن نسبة الوفيات بأمراض الاحتشاء القلبي تزيد مع ارتفاع مستوى الضغوط النفسية.وبالإضافة إلى علاقة الضغوط النفسية بأمراض القلب، فإن هناك دراسات أكدت وجود علاقة إيجابية بين الضغوط النفسية، وأمراض أخرى مثل الأورام السرطانية وقرحة المعدة ومرض السكر والتهاب المفاصل.
وأكدت الدراسات العديدة في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبلجيكا هذه العلاقة، حيث وجد أن أصحاب المناصب العليا في مختلف مجالات العمل، التي تتوفر فيها العوامل المهيأة لذلك، مثل الضغط النفسي والإجهاد الجسماني والتنافس والقلق في مجال العمل.
والسعي بكل جهد لإرضاء الطموحات، وارتفاع نسبة التدخين، خاصة في أوقات العمل، وقد لوحظ أيضا ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض القلب والشرايين بين النساء العاملات خارج المنزل. وقد نالت الشخصية ذات الشخصية - أ (Type A Behavior Pattern) النصيب الأكبر في هذه الدراسات.حيث أكدت هذه الدراسات أن نسبة معدل إصابة هؤلاء الأشخاص (الشخصية - أ) هو 6,1 مرة بمرض الاحتشاء القلبي العضلي أو الموت من أمراض القلب أكثر من الشخص العادي.
ويتميز الشخص ذو السلوك (أ) بأنه حاد الطبع سريع التهيج وذو صبر نافذ، ويغضب لأتفه الأسباب، ويفقد السيطرة على أعصابه عند المواقف المغضبة والمحرجة، ويكون له اتجاه متزايد في التنافس ورغبة قصوى لإظهار نفسه والوصول لأهدافه، وكذلك شعوره الدائم في ضيق الوقت وأهميته لإنجاز مهامه. وأكد العلماء في المعهد الوطني للقلب والرئة والدم الأميركي، بأن هؤلاء الأشخاص معرضون لزيادة خطورة الإصابة بأمراض القلب المزمن ظاهريا، وقد ترتفع نسبة الإصابة مع وجود عوامل أخرى مثل التقدم في العمر وارتفاع الضغط ونسبة الكولسترول في الدم والتدخين.
وأوضحت دراسات أخرى ارتفاع نسبة الموت المفاجئ خاصة بين هؤلاء الذين يفقدون أعمالهم ومهنتهم أو المصدر المادي لهم نتيجة لفقدانهم للسيطرة على الضغوط النفسية الناتجة عن تلك المصائب.ولاحظ الباحثون في الستينات أن الأشخاص الذين يتعرضون لأحداث كثيرة في حياتهم يكونون عرضة للإصابة بأمراض القلب.
وأوجد أدوليت ميير جدول الحياة (Life Chant) والذي يحتوي على 40 حدث من أحداث الحياة ولكل حدث خصص الباحث نقاطاً تسمى وحدات أحداث الحياة Life Chang Units، ويمكن إضافة مجموع النقاط أو الوحدات، وبالتالي فإنه كلما ارتفع مجموع هذه النقاط، كلما كان الشخص أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والشرايين، نتيجة لتزايد الضغوط النفسية في حياة الفرد، وأثبتت دراسات الدكتور رهه باسيكيفي وثيوريل في السبعينات ذلك حيث تم تطبيق أحداث جدول الحياة على المصابين باحتشاء عضلة القلب.
وأكدت النتائج أن معظم هؤلاء المصابين كان لديهم زيادة وارتفاع في وحدة تغيرات الحياة في الشهور الستة الأخيرة قبل الإصابة بالمرض إذن علينا اختبار أنفسنا للتعرف على مدى تأثير الضغوط النفسية على صحتنا وذلك في تطبيق جدول الحياة على أنفسنا وإضافة الوحدات، والاستنتاج إلى أي مدى أنت معرض للإصابة بأمراض القلب. وبصورة عامة نتمنى ألا تكون هذه الضغوط قد أثرت عليك بطريقة سلبية، لذلك نقدم النصائح التالية:
1ـ يجب عليك التعرف على السلوكيات السلبية للضغوط النفسية ومحاولة تحاشيها بقدر الإمكان.
2ـ تحسين القدرات النفسية في الاسترخاء النفسي والجسماني ومحاولة السيطرة على الأمور بهدوء دون العصبية.
3ـ استشارة الاختصاصيين في مجال الطب النفسي أو الحالات النفسية عند الضرورة بحالات الاكتئاب المزمن أو الحاد.
4ـ التخلص من السلوكيات الخاطئة والتي قد تكون ضارة بالصحة مثل التدخين وتناول الكحول أو المخدرات.
5ـ ممارسة الرياضة إحدى الطرق التي تخفف الضغوط النفسية ومفيدة لصحة القلب والشرايين، حيث أن الرياضة تساعد على إفراز هرمونات إيجابية في الجسم وقد تساعد الرياضة على تقوية الجهاز المناعي.
6ـ محاولة التخلص من الصفات والسلوكيات السيئة مثل العداء والمنافسة الحادة، والوسواس وغيرها من الصفات التي تؤدي إلى سلبيات في حياتك.
7ـ الأشخاص ذوو الشخصية (أ)، عليهم السعي للحصول على النصيحة من المتخصصين في المجال النفسي، لضبط إيقاع حياتهم في الحدود المعقولة.
8ـ الاستفادة من فترات الإجازات في الراحة والاسترخاء العضلي وتناسي مشاكلات العمل والمشاكلات الأخرى وممارسة الرياضة، وتناول الأكل الصحي والاستمتاع في الإجازات، حتى تبتعد عن رتابة الحياة وتنعم بصحة جسمانية ونفسية أفضل.
د. ليلى الجاسم اختصاصية في السلوك الاجتماعي والتوعية الصحية
المصدر : المجلة الطبية ( الصحة أولا ) .