سلسلة مقالات (هندسة النفس في ظلال الرقية)
الدرس الأول: "الرقية المنهجية: هل أنت مريضٌ بلمسة الجان أم مسكونٌ بالركام؟"
متى الخلاص؟!
من طرق أبوابا كثيرة، وجرب من البرامج العلاجية تجاربا وفيرة،
حين تعلم أن الشفاء بيد الله وحده، وأنه ليس "مفتاحاً" يُعطى لك، بل هو "تربة" يجب أن تهيئها أنت.
حين تبدل النظارة، ولا تنظر للمصاب بأنه ضحية لعارض خارجي فحسب، بل ننظره إليه كـ "بناءٍ تخلخلت أعمدته"، فاستوطنت فيه الرياح.
لندخل للدرس الأول في رحلتنا وهو فهم (قانون الثغرات المنهجية).
1. المرحلة الأولى: "التخلية" قبل "التحلية" (هل طهّرت المحراب؟)
أكبر خطأ يقع فيه المصاب هو محاولة صبّ "ماء الرقية" في "إناءٍ ملوث".
قبل أن تسأل عن آيات الحرق والشفاء، اسأل نفسك: ما هو (الركام المعرفي) الذي يسكنك؟
ما هي النظارة التي ترتديها فترى من خلالها؟
• هل إصابتك هي "مرجعيتك" التي تُعرّف بها نفسك؟ (أنا الممسوس، أنا المعيون).
• هل أنت غارق في (العبودية المخملية) لمشاعرك، بحيث أصبح المرض "حجة" للهروب من رسالتك في الحياة؟
القاعدة المنهجية: لا ينفع الاستعاذة من "شيطان الخارج" وأنت لم تمارس (التخلية) لـ "شيطان الداخل" (المخادعات النفسية التي تبرر لك الكسل والتيه).
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم فاطرَ السمواتِ والأرضِ عالمَ الغيبِ والشهادةِ ربَّ كلِّ شيءٍ ومليكَه، أشهدُ أن لا إله إلا أنت، أعوذُ بك من شرِّ نفسي، وشرِّ الشيطانِ وشِرْكِه)
2. المرحلة الثانية: تصحيح القبلة؛ (ما هي غايتك من الشفاء؟)
الكثيرون يطلبون الشفاء ليعودوا لحياتهم السابقة. لنفس "التيه"، لنفس "الغرق في الشهوات"، لنفس "التبعية للأغيار".
الخلل المنهجي هنا: أنت تطلب الشفاء لتعود إلى (المرجعية الزائفة) التي كانت سبباً في ضعف حصونك الروحية أصلاً!
الرقية المنهجية تُعلمك أن الشفاء ليس غاية، بل هو "وسيلة" لـ (تصحيح القبلة) لتكون عبداً خالصاً لله، لا عبداً لصحته ولا لمرضه.
3. المرحلة الثالثة: فخ المخادعات (هل استلذت نفسك دور الضحية؟)
أحياناً، تصبح الإصابة الروحية (نظارة مستأجرة) نرى من خلالها فشلنا. ونبرر بها تيهنا وكسلنا:
• "لم أنجح لأنني محسود."
• "لم أتزوج لأنني معقود."
هذه هي (المخادعات النفسية) التي تحميك من مواجهة حقيقتك. العارض الروحي موجود، لا ننكره، لكنه وجد في (تآكل فطرتك) وهروبك من المسؤولية بيئة خصبة. إذا لم تكسر "صنم الضحية" داخل قلبك، لن تنفعك ألف ختمة.
واجب العمل (البروتوكول الفوري):
قبل أن تبدأ وردك القادم، أريدك أن تمارس (الانكشاف) مع نفسك وتجيب في تعليق أو في سرك:
1. لو شُفيت اليوم تماماً.. ما هو العمل (الرسالي) الذي ستفعله لله وتوقفت عنه بسبب المرض؟ (اختبار النية).
2. هل تستخدم مرضك كـ (مخادعة) لتبرر تقصيرك في حق نفسك أو أهلك؟ (اختبار الصدق).
وأخيرا؛ الرقية "بناء" وليست "طلاء".
سأقوم في الدروس القادمة ان شاء الله بتفكيك السجون النفسية التي جعلت العوارض الروحية تستأسد عليكم.
الشفاء يبدأ من قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ**.
انتظروا الدرس الثاني: (هندسة الحصون.. كيف تبني سد القوة في وجه رياح الوهن؟)
والحمد لله رب العالمين