عمران بن حصين (4) (52 هـ)
عِمْرَان بن حُصَيْن بن عبيد بن خَلَف أبو نُجَيد الخزاعي. القدوة الإمام
__________
(1) أحمد (5/38) وأبو داود (3182) والنسائي (1911) واللفظ له.
(2) أحمد (5/42 و48-49) بدون ذكر القصة. الترمذي (4/435/2224) واللفظ له. وقال: "حديث حسن غريب".
(3) السير (14/508).
(4) الإصابة (4/705-706) وشذرات الذهب (1/58) وطبقات ابن سعد (4/287-291) والمستدرك (3/470-472) ومجمع الزوائد (9/381-382) والجرح والتعديل (6/296) وتهذيب التهذيب (8/125-126) والاستيعاب (3/1208) والسير (2/508-512).
صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسلم عام خيبر. وغزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوات، بعثه عمر بن الخطاب إلى البصرة ليفقه أهلها، وكان من فضلاء الصحابة. روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن معقل ابن يسار. وروى عنه بشير بن كعب العدوي، والحسن البصري وحفص الليثي وعبدالله بن بريدة ومطرف بن عبدالله بن الشخير وغيرهم. كان الحسن يحلف ويقول: ما قدم عليهم البصرة خير لهم من عمران بن الحصين. وقال محمد بن سيرين: ما قدم البصرة أحد يفضل على عمران بن حصين. وقال معاوية بن قرة: كان عمران بن الحصين من أشد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجتهادا في العبادة. وعن رافع بن سحبان أن رجلا أتى عمران بن حصين وهو في المسجد فقال: رجل طلق امرأته وهو في مجلس ثلاثا فقال: إثم لزمه وحرمت عليه امرأته فانطلق فذكر ذلك لأبي موسى يريد عيبه، فقال أبو موسى: أكثر الله فينا مثل أبي نجيد. قال عمران: "وقد كان يسلم علي (يعني من طرف الملائكة) حتى اكتويت، فَتُرِكْتُ، ثم تَرَكْتُ الكيّ فعاد" (1) . توفي سنة اثنتين وخمسين رضي الله عنه.
موقفه من المبتدعة:
- روى البخاري عن أبي السوار العدوي قال: سمعت عمران بن حصين قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : الحياء لا يأتي إلا بخير. فقال بشير بن كعب: مكتوب في الحكمة: إن من الحياء وقارا وإن من الحياء سكينة. فقال له
__________
(1) أحمد (4/427) مسلم (2/899/1226 (167)).
عمران: أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحدثني عن صحيفتك؟ (1)
__________
(1) أحمد (4/426و427) والبخاري (10/638/6117) ومسلم (1/64/37) وأبو داود (5/147-148/4796).
- وجاء في الإبانة: عن حبيب بن أبي نضلة المالكي، قال: لما بني هذا المسجد مسجد الجامع، قال: وعمران بن حصين جالس فذكروا عنده الشفاعة (1) ، فقال رجل من القوم: يا أبا نجيد إنكم لتحدثوننا أحاديث ما نجد لها أصلا في القرآن، قال: فغضب عمران بن حصين، وقال للرجل: قرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: فهل وجدت فيه صلاة المغرب ثلاثا وصلاة العشاء أربعا والغداة ركعتين والأولى أربعا والعصر أربعا؟ قال: فممن أخذتم هذا الشأن ألستم عنا أخذتموه وأخذناه عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وعنا أخذتموه، أو عن من أخذتم في كل أربعين درهما درهم، وفي كذا وكذا شاة كذا وكذا، ومن كذا وكذا بعيرا كذا وكذا، أوجدتم هذا في القرآن؟ قال: لا. قال: فعمن أخذتم هذا ألستم عنا أخذتموه؟ وأخذناه عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذتموه عنا؟ قال: فهل وجدتم في القرآن وليطوفوا بالبيت العتيق، وجدتم طوفوا سبعا واركعوا خلف المقام ركعتين، هل وجدتم هذا في القرآن؟ عمن أخذتموه ألستم أخذتموه عنا وأخذناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذتموه عنا؟ قالوا: بلى. قال: فوجدتم في القرآن لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام، أوجدتم هذا في القرآن؟ قالوا: لا. قال عمران: فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام (2) . قال: أو ما سمعتم الله تعالى قال لأقوام في كتابه: مَا
__________
(1) في الإبانة: "الساعة" والتصحيح من دلائل النبوة للبيهقي (1/25). والسياق يؤكده.
(2) أحمد (4/439) وأبو داود (3/67-68/2581) والترمذي (3/431/1123). وقال: "هذا حديث حسن صحيح". والنسائي (6/420-421/3335) وصححه ابن حبان الإحسان (8/61-62/3267).
سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ اححب. حتى بلغ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) (1) . قال حبيب: أنا سمعت عمران يقول: الشفاعة نافعة دون من يسبحون. (2)
- وروى الخطيب في الفقيه والمتفقه عن الحسن أن رجلا قال لعمران ابن حصين: يا أبا نجيد إنكم لتحدثونا بأحاديث، الله تعالى أعلم بها، حدثونا بالقرآن. قال: القرآن والله نعم، أرأيت لو رفعنا إليه، وقد وجدت في القرآن َأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثم لم نر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كيف سن لنا كيف نركع، كيف كنا نسجد، كيف كنا نعطي زكاة أموالنا. قال: فأفحم الرجل. (3)
- عن الحسن أن عمران بن حصين أوصى لأمهات أولاده بوصايا، وقال: من صرخت علي، فلا وصية لها. (4)
موقفه من المشركين:
- عن الحسن عن عمران بن حصين أنه رأى في يد رجل حلقة من صفر، فقال: ما هذه؟ قال: من الواهنة، قال: أما إنها لن تزيدك إلا وهنا ولو مت وأنت ترى أنها نافعتك لمت على غير الفطرة. (5)
__________
(1) المدثر الآيات (42-48).
(2) الإبانة (1/1/233-235/66) والشريعة (1/179/104).
(3) الفقيه والمتفقه (1/237-238).
(4) السير (2/511).
(5) الإبانة (2/7/860/1172).
موقفه من الخوارج:
عن عمران بن الحصين قال: أتى نافع بن الأزرق وأصحابه فقالوا: هلكت يا عمران قال: ما هلكت قالوا: بلى، قال: ما الذي أهلكني ؟ قالوا: قال الله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (1) . قال: قد قاتلناهم حتى نفيناهم، فكان الدين كله لله. إن شئتم حدثتكم حديثا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: وأنت سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: نعم. شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد بعث جيشا من المسلمين إلى المشركين. فلما لقوهم قاتلوهم قتالا شديدا. فمنحوهم أكتافهم. فحمل رجل من لحمتي على رجل من المشركين بالرمح. فلما غشيه قال: أشهد أن لا إله إلا الله إني مسلم، فطعنه فقتله. فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله هلكت. قال: وما الذي صنعت مرة أو مرتين، فأخبره بالذي صنع فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فهلا شققت عن بطنه فعلمت ما في قلبه؟! قال: يا رسول الله لو شققت بطنه لكنت أعلم ما في قلبه. قال: فلا أنت قبلت ما تكلم به، ولا أنت تعلم ما في قلبه. قال: فسكت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات. فدفناه فأصبح على ظهر الأرض. فقالوا: لعل عدوا نبشه. فدفناه. ثم أمرنا غلماننا يحرسونه. فأصبح على ظهر الأرض. فقلنا: لعل الغلمان نعسوا. فدفناه. ثم حرسناه بأنفسنا فأصبح على ظهر الأرض. فألقيناه في
__________
(1) الأنفال الآية (39).
بعض تلك الشعاب. (1)
موقفه من القدرية:
- عن أبي الأسود الدؤلي قال: سألت عمران بن حصين عن باب القدر، فقال لو أن الله عذب أهل السماوات والأرض لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو أنه رحم أهل السماوات والأرض لكانت رحمته أوسع من ذلك، ولو أن رجلا له مثل أحد ذهبا ينفقه في سبيل الله لا يؤمن بالقدر خيره وشره ما تقبل منه. (2)
- وعنه قال: قال لي عمران بن الحصين: أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر ما سبق؟ أو في ما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقلت: بل شيء قضي عليهم، ومضى عليهم. قال فقال: أفلا يكون ظلما؟ قال: ففزعت من ذلك فزعا شديدا. وقلت: كل شيء خلق الله وملك يده. فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون. فقال لي: يرحمك الله، إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزر عقلك. إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقالا: يا رسول الله، أرأيت ما يعمل الناس اليوم، ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد
__________
(1) ابن ماجه (2/1296-1297/3930-3931) والطبراني (18/226/562) والطحاوي في مشكله (8/277/3234) من طريق عاصم الأحول عن سميط عن عمران به. وحسنه البوصيري في الزوائد، لكن أخرجه أحمد (4/438-439) والطبراني (18/243609) عن المعتمر بن سليمان عن أبيه حدثني سميط عن أبي العلاء قال حدثني رجل من الحي أن عمران بن حصين حدثه ثم ذكر الحديث. قال الهيثمي في المجمع (1/27): "في إسناده رجل مجهول".
(2) أصول الاعتقاد (4/749/1239) والإبانة (2/9/50-51/1445) والشريعة (1/401-402/461).
سبق، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقال: "لا. بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم. وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) (1) ". (2)