وَإِنِ ادَّعَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهِ، أَوْ بِوَضْعِ الحَمْلِ المُمْكِنِ، وَأَنْكَرَهُ فَقَوْلُهَا ) .
أي : إذا ادعت المرأة انقضاء عدتها فالقول قولها بشرط أن يكون في زمن يمكن انقضاؤها فيه .
لأنه أمر لا يعرف إلا من قِبلها ، فقبل قولها فيه .
قال ابن قدامة : وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا ، فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهَا ، قُبِلَ قَوْلُهَا .
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ ) .
فَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهُنَّ مَقْبُولٌ ، لَمْ يُحْرِجْنَ بِكِتْمَانِهِ ، وَلِأَنَّهُ أَمْرٌ تَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهَا فِيهِ ، كَالنِّيَّةِ مِنْ الْإِنْسَانِ فِيمَا تُعْتَبَرُ فِيهِ النِّيَّةُ ، أَوْ أَمْرٍ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا ، فَقُبِلَ قَوْلُهَا فِيهِ . ( المغني ) .
فائدة : 1
ما الحكم إذا ادعى الزوج بعد انقضاء عدتها أنه قد راجعها فأنكرته ؟
الحكم :
إن كان الزوج له بيّنـه حُكم له بها .
وإن لم يكن له بيّنة فالقول قولها .
أ- لأن الأصل عدم الرجعة .
ب-ولأن جانب العدد يرجح على جانب الزوج .
فائدة : 2
الحكم إذا راجع الرجل زوجته بالعدة وهي لا تعلم ، وبعد انقضاء عدتها تزوجت ؟
لو أن المرأة تزوجت بعد انقضاء عدتها ، ثم ادعى زوجها الأول أنه راجعها دون علمها ، وأقام البينة على ذلك : رُدت إليه .
قال ابن قدامة : وَجُمْلَةُ ذَلِكَ ، أَنَّ زَوْجَ الرَّجْعِيَّةِ إذَا رَاجَعَهَا ، وَهِيَ لَا تَعْلَمُ ، صَحَّتْ الْمُرَاجَعَةُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى رِضَاهَا ، فَلَمْ تَفْتَقِرْ إلَى عِلْمِهَا كَطَلَاقِهَا .
فَإِذَا رَاجَعَهَا وَلَمْ تَعْلَمْ ، فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، وَتَزَوَّجَتْ ، ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ ، ثَبَتَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ ، وَأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ غَيْرِهِ ، وَتُرَدُّ إلَى الْأَوَّلِ ، سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا .
هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ ؛ مِنْهُمْ الثَّوْرِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ .
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ t .
وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ ، إنْ دَخَلَ بِهَا الثَّانِي فَهِيَ امْرَأَتُهُ ، وَيَبْطُلُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ .
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t .وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ . ( المغني ) .