أمور تعين على التوبة
أخي الحبيب.. لقد جعل الله في التوبة ملاذاً مكيناً وملجأً حصيناً، يلجه المذنب معترفاً بذنبه، مؤملاً في ربه، نادماً على فعله، غير مصر على خطيئته، يحمي بحمى الاستغفار، ويرجو رحمة العزيز الغفار، إلا أنه توجد بعض العوائق في طريق سير العبد على التوبة وهاك بعضها:
1- الإخلاص لله أنفع الأدوية: فإذا أخلص الإنسان لربه، وصدق في طلب التوبة أعانه الله عليها، وأمده بألطاف لا تخطر بالبال، وصرف عنه الآفات التي تعترض طريقه قال الله تعالى: لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ [ يوسف:24].
2- امتلاء القلب بمحبة الله عز وجل: فالمحبة أعظم محركات القلوب، فالقلب إذا خلا من محبة الله تعالى تناوشته الأخطار، وتسلطت عليه سائر النوائب والمحبوبات، فشتته، وفرقته.
ولا يغني هذا القلب، ولا يلم شعثه، ولا يسد خلته إلا عبادة الله عز وجل ومحبته.
3- المجاهدة: قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69].
قال ابن المبارك رحمه الله:
ومن البلايا للبلاء علامة *** ألا يرى لك من هواك نزوع
العبد عبد النفس في شهواتها *** والحر يشبع تارة ويجوع
والمقصود بالمجاهدة مجاهدة النفس حتى الممات والسير بها إلى رضوان الله تعالى.
4- قصر الأمل، وتذكر الآخرة: فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله بمنكبي فقال: ** كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل**.
وكان ابن عمر يقول: ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك ) [رواه البخاري].
قال ابن عقيل رحمه الله: ما تصفو الأعمال والأحوال إلا بتقصير الآمال، فإن كل من عدّ ساعته التي هو فيها كمرض الموت، حسنت أعماله، فصار عمره كله صافيا.
5- الدعاء: فهو من أعظم الأسباب، وأنفع الأدوية، ومن أعظم ما يسأل ويدعى به سؤال الله التوبة النصوح، ولذا كان من دعاء نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:128]
وكان من دعاء النبي : ** رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم ** [رواه أحمد والترمذي].
6- استحضار أضرار الذنوب والمعاصي: ومنها حرمان العلم والرزق، والوحشه التي يجدها العاصي في قلبه، وبينه وبين ربه تعالى، وبينه وبين الناس.
ومنها تعسير الأمور، وظلمة القلب وغيرها مما ذكره العلامة المحقق ابن القيم رحمه الله في ( الداء والدواء ) فليراجعه من أراد المزيد فإنه فريد في بابه رحم الله مؤلفه.