موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر الفقه الإسلامي

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 22-08-2023, 10:22 PM   #1
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي حكم الضمان في حق المضمون عنه جائز

ما هو الضمان؟
الضمان هو من عقود التوثقة ، والضمان لغة مشتق من الضِّمن ، والضمن معناه دخول الشيء في الشيء ؛ لأن ذمة الضامن دخلت في ذمة المضمون عنه.
وأما في الشرع : فهو التزام جائز التصرف ما وجب أو يجب على غيره ، من حق مالي.
مثال الأول : التزام ما وجب : أن يكون شخص مديناً لآخر بدراهم فيمسكه صاحب الدين ، ويقول : أعطني ديني الآن ، وإلا رفعت أمرك إلى السلطات ، فيأتي إنسان من أهل الخير ويقول : أنا أضمن دينه.
ومنه ضمان أبي قتادة - رضي الله عنه- دين الميت الأنصاري ، حين قُدِّم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فقال : " أعليه دين "؟ قالوا : نعم ، فتأخر وقال :" صلوا على صاحبكم" ، فقال أبو قتادة : الديناران عليَّ ، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى عليه .
أما التزام مايجب : فمثل أن يكتب شخص لآخر ورقة : أنا ضامن كل مايستدينه هذا الرجل من هذا المحل التجاري ، أي : إنسان أراد أن يشتري بضاعة من صاحب دكان وليس معه مال ، فجاء إلى رجل آخر غنيًّ فقال له : أنا أريد أن أشتري بضاعة من المحل الفلاني ، ولكن ليس معي نقود ، أعطني ورقة ضمان فيعطيه ورقة ضمان ، يقول فيها : ما استدانه هذا الرجل من هذا المحل فضمانه عليَّ ، فهذا التزام ما قد يجب وهو لم يجب بعد وهو جائز للمصلحة المترتبة عليها ومن أجل التيسير على الناس .
وإن شاء الضامن حدد فقال : أنا أضمن ما اشترى من هذا التاجر في حدود ألف ريال -مثلاً- فهذا ضمان شيء محدد ، وهذا أولى أي : أن الأولى للضامن إذا ضمن ما لم يجب ، أن يحدد مقدار ما يضمنه ؛ لئلا يستدين المضمون شيئاً يجحف بمال الضامن.

ما حكم الضمان؟
حكم الضمان في حق المضمون عنه جائز ، أما في حق الضامن فهو سنة مستحبة ؛ لأنه من الإحسان ، والله يحب المحسنين ، والضمان من عقود التوثيقات ، فالأشياء التي تحفظ بها الحقوق : 1- الشهادة. 2- الضمان . 3- الكفالة. 4- الرهن.

ما هي شروط الضمان؟
جائز التصرف ، وهو:
1- البالغ .2-العاقل . 3- الحر. 4- الرشيد .
أي : من جمع أربعة أوصاف :
1- أن يكون بالغاً ، وضده الصغير ، والصغير لا يعطى ماله ، حتى وإن كان يحسن التصرف ؛ لقول الله تعالى:{وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن ءانستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم** ، فاشترط الله لدفع المال شرطين :
الأول :** إذا بلغوا النكاح**
الثاني : أن نبصر منهم الرشد ، لقوله : ** ءانستم منهم رشداً** ، والرشد : هو إحسان التصرف في المال ، وهو في كل موضع بحسبه ، فمثلاً الرشد في الدين استقامة الدين ، الرشد في باب الولي في النكاح ، معرفة الكفء ومصالح النكاح ، والرشيد في العبادات هو الذي قام بالواجبات وترك المحرمات ، والرشد في المال إحسان التصرف فيه.
2- أن يكون عاقلاً ، وضده المجنون.
3- أن يكون حراً ، والحر ضده العبد ، فالعبد لا يصح أن يضمن ؛ لأن العبد لا يتصرف إلا بإذن سيده.
4- أن يكون رشيداً ، والرشيد هو الذي يحسن التصرف في ماله بيعاً وشراء وتأجيراً وإيجاراً ورهناً وارتهاناً ، وما أشبه ذلك.
أما كونه لا يصرفه في المحرم أو ما أشبه ذلك ، فلا شك أن الذي يصرفه في المحرم سفيه ، لكن ليس السفه الذي يمنع من التصرف ، وإلا لوجب أن نحجر على كل من يتعامل بشيء محرم.

إذا حل الأجل فمن يطالب صاحب الحق الضامن أم المضمون؟
الدائن له مطالبة من شاء منهما ، أي : من الضامن والمضمون عنه في الحياة وفي الموت.
أما في الحياة فأن يكون كل منهما حيّاً ، فيأتي صاحب الحق لزيد الذي هو الضامن ، أو لعمرو الذي هو المضمون ، فيطالب هذا وهذا ، وله أن يطالبهما جميعاً بأن يأتي هذا في الصباح ، وهذا في المساء ، أو يطلب واحداً منهما ، ويسكت عن الآخر.
وأما في الموت فلو مات الضامن ، فله أن يطالبه في تركته ؛ فكما إن الإنسان إذا مات مدينه يطالب الورثة من التركة فهكذا الضامن ، فإن لم يخلف مالاً فإنه يطالبه في الآخرة لأنه التزم أن يقضي هذا الدين.
أما المضمون عنه فواضح ، فلو مات المضمون عنه فإن لصاحب الحق أن يطالبه في تركته ، فإن لم يخلف تركة طالبه يوم القيامة.



إذا التزم الضامن بوفاء الحق ومن شرط فهل يلزمه الوفاء للدائن؟
نعم يلزمه ؛ وتعليل ذلك أن الضامن التزم وفاء الحق بدون شرط ، أي : لم يقل الضامن حين ضمانه : إن تعذر استيفاؤك من المضمون عنه فأنا ضامن ، فلو قال هذا لكان المسلمون على شروطهم ، لكن لما لم يقل هذا بل التزم التزاماً مطلقاً فلرب الحق أن يطالبه.

إذا التزم الضامن بوفاء الحق واشترط ألا يطالبه إلا إذا تعذر مطالبة المضمون عنه ، فهل له ذلك؟
نعم ، إذا اشترط الضامن ألا يطالبه إلا إذا تعذر مطالبة المضمون عنه ، فالصحيح أنه شرط صحيح ؛ لعموم قوله : " المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً" ، وهذا الشرط لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً.

إذا ضمن عن الميت فهل تبرأ بذلك ذمته؟
على كلام المؤلف أن من ضمن دين ميت فإن ذمة الميت لا تبرأ ، بدليل أنا أجاز للمضمون له أن يطالب في تركه الميت ، ولكن الذي يظهر أنه إذا التزم التزاماً كاملاً ، بغير نية الرجوع فإن ذمة الميت تبرأ ، أما إذا التزم مع نية الرجوع ، فمعلوم أن ذمة الميت -وإن برئت من الأول- تعلق بها حق الثاني ، لكن حق الثاني لا يتعلق بذمة الميت وإنما يتعلق بالتركة.

بماذا تبرأ ذمة المضمون عنه؟
تبرأ بإيفائه ، والمضمون عنه إذا أوفى برئت ذمة الضامن ؛ لأن الضامن فرع ، فإذا برأ الأصل برأ الفرع ؛ ولأنه إن برئت ذمة المضمون لم يبق هناك شيء يضمن.

بماذا تحصل براءة ذمة الضامن؟
تحصل براءة ذمة الضامن بأمرين :
1-إما أن يُبرئه صاحب الحق ويقول له : يا فلان أسقطت ضمانك ، اذهب ليس عليك شيء.
2- أن يوفي الضامن ، فإذا أوفى برئت ذمته ، لكن إذا أوفى بنية الرجوع فيرجع على المضمون عنه ، وعلى هذا فإذا برئت ذمة الضامن ، فلا تبرأ ذمة المضمون سواء برئت ذمة الضامن بإيفاء أو بإبراء.

هل يمكن أن يضمن عمن لا يعرفه؟
يمكن بأن يجد شخصاً يشتري في السوق ، وهو لا يعرفه لكن رق له ، وقال : أنا أضمنك ، فهذا لا بأس به ، لكنه قد عرض نفسه لخطر وهو ألا يوفي المضمون عنه ، ويأتيه المضمون له الذي هو صاحب الحق ، ويقول له : أوفني ، فإذا أوفاه ربما يضيع حقه ، إلا أن يسَّر الله أن يأتي هذا المجهول.

هل يُشترط معرفة الدَّين المضمون؟
لا يشترط أن يعرف الدين المضمون ، لكن على كل حال كلما عرفه فهو أحسن وأبعد عن المشكلات ، ولكنه ليس بواجب.

هل يشترط في الضمان رضا الضامن؟
نعم ولا نكره أحداً على أن يضمن ، فلا بد أن يرضى ، فإن لم يرض فإنه لا يُلزم بالحق ، حتى لو أراد سلطان جائر إن يُلزم فلاناً بأن يضمن فلاناً فإنه لا يلزمه ؛ لقول الله تعالى في التجارة : ** إلا أن تكون تجارةٍ عن تراض** ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إنما البيع عن تراض" ، وهكذا جميع العقود لا بد فيها من الرضا ، إلا من أكره بحق كالمحجور عليه ونحو ذلك.

ما حكم ضمان المجهول إذا آل إلى علم؟
جائز ، ومنه ما يعرف عند الفقهاء بضمان السوق ، بأن يلتزم الإنسان بضمان كل ما يجب على هذا المضمون في معاملته في هذا السوق. مثلاً: سوق الذهب، كل معاملة تجري في سوق الذهب فأنا ضامن لهذا الرجل ، فهذا يجوز مع أنه مجهول.
ضمان المجهول لا بأس به ، إلا أنه ينبغي أن يحدد مقدار الدين ، وأن يحدد الرجل الذي يريد أن يستدين منه ؛ لأنه إذا لم يحدد وضمن في حدود عشرة آلاف ، فيمكن أن يقف على أحد الدكاكين ويقول : هذا الضمان بعشرة آلاف ، فيشتري بعشرة آلاف ، ثم يذهب إلى دكان آخر ويشتري بعشرة آلاف ، ويقول : هذا الضمان ، إلا إذا قال : متى قدمت هذه الوثيقة واشتريت بمقدار ما ضمنته لك فليكتب تحتها :انتهى مقدار المضمون ، فلا بأس ، وإلا فيمكن أن يتلاعب المستدين.

ما حكم ضمان المجهول الذي لم يؤل إلى علم؟
لا يجوز ، مثاله : أتلف إنسان متلفات عظيمة ، فقيل له : ماهي؟ قال : لا يحضرني ، فلا أدري تساوي مليوناً ، أو عشرة ريالات ، ولا يمكن أن نعلم بها ، فهذا مجهول لا يمكن العلم به ، فلا يصح ضمانه ؛ لأن الضامن لا يدري ماذا يؤدي؟ حتى لو جاءه من أتلفت له هذه المتلفات، وقال : أنا طالب ، قيل له : حدد وعين ، فلا بد من أن يكون هذا المجهول مآله إلى العلم.

ما هي العواري؟
العواري جمع عارية ، وهي إباحة نفع العين لمن ينتفع بها ويردها.
مثاله : جاء إنسان يستعير سيارة من شخص ليسافر بها إلى بريدة ، فقال صاحب السيارة : أنا أريد ضامناً يضمن السيارة لي ، قال : هذا فلان يضمن فيصح.

هل العارية مضمونة بكل حال أم أنها لا تضمن إلا بالتعدي والتفريط؟
الصحيح : أن العارية لا تضمن إلا بتعدٍّ أو تفريط ، بمعنى أن الإنسان لو استعار الكتاب ووضعه في بيته في مكان محرز ، وجاء سارق فسرقه ، أو نزل عليه مطر فأفسده ، أو احترق المكان فاحترق الكتاب ، فإنه غير ضامن ؛ لأنه ليس متعدياً ولا مفرطاً ، وهذا القول هو الراجح. فعلى هذا القول هل يصح ضمان العارية في هذه الحال مطلقاً؟ لا ، لكن يصح أن يضمن التعدي أو التفريط ، بمعنى أن يقول : أنا ضامن إن تعدى أو فرط.

ما هو المغصوب ، وهل يصح ضمانه؟
المغصوب وهو ما أخذ من صاحبه قهراً بغير حق ، فضمان المغصوب صحيح ؛ لأن الغاصب ضامن بكل حال. مثاله: إنسان غصب آخر ساعة وأخذها قهراً منه ، وهرب فوجده صاحب الساعة فامسكه ، وقال : أذهب بك إلى السجن ، أو أعطني ساعتي ، فقال : الساعة في البيت ليست معي ، قال صاحب الساعة : سوف أرفعك حتى تسجن ، فتقدم رجل آخر وقال : أنا أضمن الساعة ، فهنا يصح الضمان ؛ لأن المغصوب مضمون على كل حال والغاصب ضامن على كل حال ؛ لأنه معتدٍ ، يده ليست يد أمانة ، وعلى هذا ففي هذه الحال يصح للضامن أن يضمن هذه الساعة ؛ لأنها مضمونة بكل حال.

هل يضمن المقبوض بالسوم؟
المقبوض على وجه السوم له صور :
الصورة الأولى : أن يساومه ويقطع الثمن.
مثاله : أن يقف الإنسان على صاحب محل ، ويقول : هذه السلعة اشتريتها منك بمائة ريال ، وقال صاحب المحل : لا بأس ، ثم قال : سأذهب إلى أهلي أريهم إياها ، إن وافقوا أخذتها وإن لم يوافقوا رددتها ، قال : لا بأس ، فأخذها الذي سامها ليذهب بها إلى أهله ، فتلفت السلعة ، فهي مضمونة على كل حال على السائم ، سواء تعدى أو فرط أو لم يتعد ولم يفرط ؛ وذلك لأنه قبضها وقطع الثمن فصار كأن البيع تم ، فهي مضمونة عليه بكل حال ، ولهذا صح ضمان هذه السلعة المقبوضة على وجه السوم.
والقول الثاني : وهو الصحيح ، أنه لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط ؛ ووجه ذلك أن هذا المقبوض حصل بيد السائم بإذن مالكه ، فيده يد أمانة ، وكونه سامه وقطع الثمن أو سامه ولم يقطع الثمن ، فإنه لا أثر له في الضمان ؛ لأن الرجل الذي قبضه أمين ائتمنه صاحب السلعة ، وعلى هذا فيكون المقبوض على وجه السوم ليس مضموناً على قابضه إلا أن يتعدى أو يفرط.
الصورة الثانية : أن يساومه بدون قطع الثمن ، مثل أن يساومه ولكن لم يرض بالسوم ، فقال : أعطني أذهب به إلى أهلي إذا رضوا أتيت غليك ، وزدتك واشتريت ، فهذا يضمن على المذهب ؛ لأنه إذا قبضه بعد المساومة صار مضموناً عليه ، والصحيح : أنه لا يضمن إذا تعدى أو فرط ؛ لأن هذا الرجل الذي أخذ المال بعد المساومة أخذه من صاحبه باختياره ، فصار المال بيده بإذن مالكه فهو أمين ، والأمين لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط.
الصورة الثالثة : أن يقبضه قبل أن يساومه ، فقال : أعطني هذا أريه أهلي إذا رضوا اشتريته منك ، فهذا مقبوض بلا مساومة ، فهذا لا يصح ضمانه ؛ لأنه لم يسم ؛لأن الضمان إنما يكون فيما يجب.
الخلاصة : هل المقبوض على وجه السوم مضمون بكل حال؟ المذهب نعم إذا ساومه وقطع الثمن.
والقول الثاني : انه ليس مضموناً إلا إذا حصل تعدٍ أو تفريط.
والفرق بين التعدي والتفريط أن التعدي فعل ما لا يجوز ، والتفريط ترك ما يجب.

هل يصح ضمان عهدة المبيع؟
نعم ، وعهدة مبيع وذلك أن البائع إذا باع الشيء فقد ضمن عهدته ، أي تعهد بأن هذا البيع صحيح ، وأن المال ملكه وما أشبه ذلك ، والمشتري إذا اشتراه فقد تعهد بإقباضه الثمن وتسليمه ، فعهدة المبيع يصح ضمانها شواء ضمنت عهدة المبيع للمشتري أو ضمنت عهدة الثمن للبائع ، مثاله : عنده سيارة وعند الآخر سيارة فقال له : بعني سيارتك الكبيرة بسيارتي الصغيرة ، فالثمن السيارة الصغيرة ، فقال المشتري : من يضمن لي عهدة السيارة الكبيرة ، ومعنى عهدتها أنني خفت أنها مسروقة أو مستعارة وليست للبائع أو ليس له ولاية عليها ، بمعنى أنها إذا خرجت مستحقة أو أن البيع فاسد فإنه يضمن لي القيمة ، فهذا عهدة المبيع للمشتري.
وعهدة الثمن للبائع فالصغيرة هي الثمن ، فقال البائع : أنا أخشى أن هذه السيارة الصغيرة مسروقة فأطلب أحداً يضمن العهدة ، فهذا يصح ؛ لأنه لو ظهر الثمن مستحقاً لكان الذي دفعه واجباً عليه أن يضمن فصار ضمانه جائزاً.
وفي ضمان عهدة المبيع فوائد : أن فيه راحة لمن ضمن له ، وأيضاً تمشية حال للمضمون عنه ؛ فلهذا كان من محاسن الشريعة أنه يصح ضمان عهدة المبيع سواء كان ذلك عهدة الثمن للبائع ، أو عهدة المثمن للمشتري.
هل من ضمان عهدة المبيع إذا ظهر به عيب أن يرجع الإنسان بأرش العيب،فقال:أريد أحداًً يضمن لي العهدة إذا ظهر فيه عيب، أن يضمن لي الأرش أو يضمن لي التمكن من الرد؟ نعم هذا جائز.

هل يصح ضمان الأمانات؟
لا يصح ضمان الأمانات ، وهي كل عين بيدك بإذن من الشرع أو إذن من المالك.
ولا ضمان فيها إلا بتعدٍّ أو تفريط فلا يصح ضمانها ؛ لأن الأصل غير ضامن ، وإذا كان الأصل غير ضامن ، فلا يصح أن يبنى على شيء لم يثبت فلم يضمن الفرع.
لكن التعدي فيها يصح ضمانه ؛ لأنه إذا تعدى الأمين انتفت عنه الأمانة وصار ضامناً بكل حال ، فيصح أن يضمن التعدي فيها.

لو قضى الضامن الدين ، فهل يرجع على المضمون عنه؟
نعم يرجع ؛ لأنه هو الأصيل ، ومعلوم أنه لا يمكن أن نجعل الضامن يخسر ولا يُعوض ، ورجوعه لا يخلو من ثلاث حالات:
الأولى : أن ينوي التبرع فهذا لا يرجع.
الثانية : أن ينوي الرجوع فيرجع.
الثالثة: إذا أوفى ولم يطرأ على باله نية الرجوع أو عدمها ، على المذهب لا يرجع ،والصحيح أنه يرجع ؛ لأنه إنما التزمها فرعاً عن أصل .
وعلى هذا فإنه على القول الراجح يرجع في حالين ، إذا نوى الرجوع ، وإذا لم ينو شيئاً ، ولا يرجع إذا نوى التبرع ، والمذهب يرجع إذا نوى الرجوع فقط.

إذا قام الضامن بوفاء الدين عن لمدين وهذا الدين يشترط فيه نية المدين فهل يرجع عليه أم لا؟
المسألة محل خلاف بين أهل العلم والصحيح جواز ذلك.
مثاله : جاء رجل وقال : أنا سأذهب إلى المجاهدين أعطوني دراهم من الزكاة ، وكنت أعلم أن صاحبي عنده زكاة كثيرة ، فأعطيت هذا الرجل ثلاثين ألفاً على أنها زكاة صاحبي فهل أرجع ؟ على كلام المؤلف لا ؛ لأن الزكاة تجب فيها النية ، وهنا الذي عليه الزكاة لم ينو، وأما الثلاثون ألفاً فلا تذهب ، بل عند الله وفيها أجر وتكون صدقة للذي بذلها .
فلو أنني أخبرت ، وقلت : إنني دفعت عنك زكاة ، فقال : أنا مجيز لك هذا التصرف ، فالمذهب لا يجزئ ؛ لعدم وجود النية حين الدفع ، والصحيح : جواز ذلك ، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة حفظه التمر ، وهو وكيل للرسول صلى الله عليه وسلم على صدقة الفطر يحفظها ، فجاءه الشيطان ليلة من الليالي وأخذ من التمر فأمسكه أبو هريرة ، فقال الشيطان : إنه فقير ولها عائلة ، فَرَقَّ له أبو هريرة وتركه ، وهكذا الليلة الثانية ، والليلة الثالثة قال : لا بد أن تذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فخاف من الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : أخبرك بأية تقرأها ، فإن قرأتها في ليلة لم يزل عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح ، فأعلمه بآية الكرسي ، فلما أصبح قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : ما فعل أسيرك البارحة ؟ وقال : إنه صدقك وهو كذوب، فقال : أتدري من تخاطب منذ ثلاثة أيام ؟ فقال : لا ، فقال : ذلك شيطان .
فأبو هريرة -رضي الله عنه- حين دفع من الزكاة لم يدفع بإذن الرسول ، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام أجازه .
فالصحيح أن الإنسان لو دفع عن غيره زكاة وأجازه الغير ، فإن الصحيح جواز ذلك.

ما هي الكفالة ؟
الكفالة التزام جائز التصرف إحضار بدن من عليه الحق ، وإن شئت فقل : إحضار من يصح ضمانه ؛ حتى تدخل الأعيان المضمونة كالعواري على القول بأنها مضمونة بكل حال ، والمغصوب ، وعهدة المبيع ، وضمان التعدي في الأمانات.

ما الفرق بين الضمان والكفالة؟
الضمان أن يلتزم إحضار الدين ، وهذا إحضار البدن ، فإذا أحضر الكافل المكفول وسلمه لصاحب الحق برئ منه ، سواء أوفاه أو لم يوفه، وهذا فرق واضح وحينئذ تكون الكفالة أدنى توثقة من الضمان ؛ لأن الضمان يضمن الدين ، والكفالة تضمن مكن عليه الدين ، فإذا أحضره برئ منه ، وإذا مات المكفول برئ منه ، وإذا مات في الضمان لا يبرأ.

لو كان العرف عند الناس أن الكفالة بمعنى الضمان ، فهل يحمل المعنى على العرف أو على الشرع؟
على العرف ؛ لأن هذه معاملات يجري الناس فيها على أعرافهم.

ما حكم الضمان ، وما حكم الكفالة؟
سبق أن قلنا الضمان سنة للضامن ؛ لما فيه من مساعدة أخيه وتفريج كربته ، ولكننا قيدنا ذلك بما إذا كان الضامن قادراً على الوفاء ، أما إذا كان فقيراً ثم بعد أن يحل الأجل يطالب وليس عنده شيء ، فهذا خطأ وليس بمستحب ؛ بل هو في أقل الأحوال أن يكون مكروهاً ؛ لأنه يُلزم نفسه ما لا يلزمه.
والكفالة من حيث هي سنة للكفيل وهذا بشرط أن يعلم أنه قادر على إحضار بدن المكفول ، أو إيفاء الدين عنه ، فإن عرف من نفسه أنه غير قادر فلا ينبغي أن يكفل أحداً ؛ ولهذا نجد الآن أناساً كثيرين يأتون وهم يشكون ديوناً عظيمة عليهم ، سببها أنهم يكفلون الناس ، والإنسان إذا عرف أن مكفوله متساهل ومتلاعب فلا يكفله.
أما من حيث المكفول والمضمون ، فهذا لا يعتبر له رضاً ، ولا يعتبر له علم ؛ لأنه ليس عليه ضرر.

هل الأعيان التي تضمن هي التي تكفل؟
لا ، وإنما الذي يكفل بدن من عنده عين مضمونة ، فالذي يكفل هو الشخص الذي عنده العين.
إذاً كل عين مضمونة ، يصح كفالة بدن من هي عنده.
والعين المضمونة هي التي تضمن بكل حال سواء بتفريط أو بغير تفريط. مثاله : المسروق عند السارق عين مضمونة ، والمغصوب عند الغاصب عين مضمونه ، المبيع بكيل أو وزن أو ما أشبه ذلك قبل قبضه هذا -أيضاً- من الأعيان المضمونة على البائع ، فكل عين تضمن بكل حال فإنها تصح الكفالة ببدن من هي عنده.
أما بالنسبة للعارية فالقول الصحيح أنها ليست من الأعيان المضمونة ؛ بل هي أمانة وإذا وجد فيها تلفاً ، نظرنا هل يضمن أو لا يضمن؟.

هل تصح الكفالة ببدن من عليه الدين؟
نعم ، تصح الكفالة ببدن من عليه الدين ، كرجل في ذمته لشخص ألف ريال ، فطالبه صاحب الحق ، وأمسك به وقال : أوفني ، ولكنه ليس معي شيء ، فقال : سوف أرفعك إلى الجهات المسؤولة ، فتقدم إنسان محسن ، وقال : أنا أكفل الرجل ؛ لأنه لو قال : أنا أكفل الدين صار ضامناً ، لكن قال : أنا أكفل الرجل ، يعني إحضاره ، فهذا يصح.
هل تصح كفالة من عليه حدّ؟
لا يصح ، مثاله : رجل سارق أمسكته الجهات لمسؤولة لتقطع يده ، فقال : ذروني أذهب إلى أهلي ، وأخبرهم بأني مستحق لقطع اليد فقالت الجهات المسؤولة : لا نتركك ، لا بد من القطع الآن ، فقال السارق : لي من يكفلني وهو فلان ، يكفلني إلى أن أرجع ، فتقدم رجل وقال : أنا أكفله فلا يصح أن يكفله ؛ لأنه لو تعذر الاستيفاء من السارق ، لم يمكن الاستيفاء من الكفيل .

إذا كان الكفيل له سلطة وقدرة على إحضار المكفول ، فهل يصح كفالة من عليه حد؟
نعم أما إن كان لا يستطيع فلا تصح كفالته ، والمشهور من المذهب أنه لا تصح كفالة من عليه حد بأي حال من الأحوال ؛ والعلة في ذلك ما ذكرنا وهي تعذر الاستيفاء من الكفيل ، لو تعذر الاستيفاءُ من المكفول.

هل يصح كفالة من عليه قصاص؟
لا يصح ؛ لأنه لو تعذر حضور هذا الذي وجب عليه القصاص لم نتمكن من استيفائه من الكفيل ، لكن يلاحظ أن القصاص أهون ؛ لأنه إذا تعذر القصاص رجعنا إلى الدية ، والدية يمكن أن يقوم بها الكفيل ، ولهذا من صحح الكفالة في الحد فيمن يستطيع إحضار المكفول ، فإنه يصحح الكفالة فيمن عليه قصاص من باب أولى ؛ وذلك لأنه إذا تعذر القصاص لعدم حضور المكفول فإنه يمكن أن يعاد إلى الدية.
والمذهب أنه لا تصح كفالة بدن من عليه قصاص ؛ ووجه ذلك أنه لو تعذر حضور المكفول ، لم نتمكن من استيفاء القصاص من الكفيل ، فتكون الكفالة لا فائدة منها .
فالقاعدة في هذا تؤخذ من التعليل ( أن كل شخص لا يمكن الاستيفاء منه لو تغيب المكفول فإنه لا يصح أن يكفل).

هل يعتبر رضا الكفيل في الكفالة ؟
نعم ، وهذا معلوم ؛ لأنه سوف يلتزم بحق وإذا لم يرض بذلك فإنه لا يلزم به.

هل يعتبر رضا المكفول به؟
لا يعتبر رضا المكفول ، فلو قال إنسان لشخص : أنا أكفل فلانا ، فقال المكفول : أنت تكفلني؟! أنا أوثق منك عند الناس وأوفى منك ، وأعلى منك حسباً ، أنت تكفلني ، من أنت؟! فهنا يقول : أنا لا أرضى أن تكفلني ، فهل يعتبر ؟لا يعتبر ، إلا إذا كان يترتب على هذا سوء السمعة بالنسبة للمكفول ، فإنه لا يجوز أن يتقدم أحد في كفالته ؛ لأن ذلك يضر بسمعته ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا ضرر ولا ضرار" .

إذا مات المكفول فهل يبرء من الدين؟
نعم ، ؛ لأنه لما مات المكفول فلا يمكن إحضاره ، وهذا الفرق بين الكفالة والضمان ، فالضمان إذا مات المضمون لم يبرأ الضامن ، أما الكفالة فإذا مات المكفول برئ الكفيل.

هل يبرء الكفيل إذا تلفت العين المكفولة دون تعدٍ أو تفريط؟
نعم يبرأ إذا تلفت بفعل الله أما لو تلفت بفعل آدمي فإن الكفيل لا يبرأ ؛ لأن الكفيل في هذه الحال يمكنه مطالبة المتلف.

إذا سلم المكفول نفسه في الوقت المحدد عند حلول الأجل فهل يبرأ الكفيل؟
نعم ، مثاله : الدين يحل في أول يوم من رمضان ، فجاء هذا الرجل أول يوم من رمضان وسلم نفسه لصاحب الحق ، فإنه يبرأ الكفيل ، سواء قدر على الإستيفاء منه أم لم يقدر ؛ لأنه إنما التزم بإحضار بدنه وقد حضر.
فإن سلم نفسه قبل حلول الأجل فهل يبرأ؟ فيه تفصيل ، إن سلم نفسه قبل حلول الأجل وليس ثَمَّة يد ظالمة تحول بينه وبين استيفاء حقه فلا بأس وإلا فلا ؛ لأنه لو سلم نفسه قبل أن يحل الدين ، ربما يكون هذا حيلة ليبرأ الكفيل ، ثم بعد ذلك يهرب ، لكن إذا لم يكن هناك يد حائلة ظالمة تمنع من استيفاء الحق ، فلا بأس بأن قال : أنا الآن أسلم نفسي وأعطيك الحق الآن.

إذا أبرئ المكفول فهل يبرئ المكفول؟
نعم ؛ لأن القاعدة أنه إذا برئ الأصل برئ الفرع ، وإن أبرئ الكفيل لم يبرأ المكفول ، لأنه لا يبرأ الأصل ببراءة الفرع.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 04:19 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com