والمسافر إذا كان ذاهباً للعمرة في رمضان هل يفطر في مكة؟ نعم يفطر في أم القرى في أفضل البقاع في أيام العشر؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو الأسوة وهو صلى الله عليه وآله وسلم أحرص الناس على الخير بلا شك، فتح مكة في العشرين من رمضان أو في الثامن عشر منها وبقي في العشر الأواخر في مكة ولم يصم، ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح البخاري أنه لم يصم.
ما قال: هذا زمن شريف ومكان شريف فأنا آسف إن لم أصم، بل أخذ بتيسير الله {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ** [البقرة:185] .
ولقد شاهدت من يعتمرون في العشر الأواخر يدخل المسجد الحرام ويطوف وهو على آخر نفس من المشقة ويسعى وهو على آخر نفس من المشقة، فإذا قيل له: أفطر، قال: أسف! كيف أفطر؟ يقول: لا ما يمكن أن أفطر في العشر الأواخر من رمضان وفي مكة، أتحمل والأجر على قدر المشقة، هذا خطأ، هذا فهم خاطئ نقول: إذا كان أنشط لك أن تفطر فأفطر فأنت مأمور بالفطر.
وفي غزوة الفتح كان الرسول صلى الله عليه وسلم سافر من المدينة في رمضان في السفر، كان يقول لهم: أفطروا ولكن لم يأمرهم بعزم، فلما قرب من مكة، قال النبي الذي أعطاه الحكمة: (إنكم ملاقوا العدو والفطر أقوى لكم فأفطروا) ألزمهم بالفطر، كان في الأول رخصة ثم صار عزيمة، لأنه أقوى لهم على العدو، فكذلك أيضاً في العمرة إذا كان أقوى لك أن تفطر فأفطر.
أنت جئت للعمرة فأدِ العمرة على ما ينبغي، ولكن لو سألنا سائل فقال: هل الأفضل أن أبادر العمرة في النهار وأفطر أو أؤخرها إلى الليل وأبقى صائماً؟ الأول أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قدم مكة معتمراً لا يتأخر، حتى أنه ينيخ راحلته عند المسجد ويدخل ويطوف قبل أن ينزل منزله فهذا أفضل