،،،،،،
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله 0
( ياأَيُّهَا الَّذِينءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
( سورة آل عمران - الآية 102 )
( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )
( سورة النساء - الآية 1 )
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَولا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
( سورة الأحزاب - الآية 70 – 71 )
أما بعد :
فإن أحسن الكلام كلام الله سبحانـه وتعالى ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار 0
ذكر بعض الاخوة - وفقهم الله لكل خير - تفصيلات دقيقة تتعلق بقرين الانسان ، وسوف أستعرض ما بنو عليه قولهم هذا ، وأبين أنهم قد جانبوا الصواب في ذلك مستعيناً بالله أولاً ثم بأقوال العلماء وطلبة العلم - حفظهم الله ورعاهم وجعلهم ذخراً وسنداً لنا في حفظ الكتاب والسنة - 0
يقول القرطبي في تفسير الآية الكريمة :
( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً )
( سورة الكهف - 50 )
يقول - رحمه الله - ( قوله تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه [ ص: 375 ] تقدم في ( البقرة ) هذا مستوفى . قال أبو جعفر النحاس : وفي هذه الآية سؤال ، يقال : ما معنى ففسق عن أمر ربه ففي هذا قولان : أحدهما : وهو مذهب الخليل وسيبويه أن المعنى أتاه الفسق لما أمر فعصى ، فكان سبب الفسق أمر ربه ; كما تقول : أطعمته عن جوع . والقول الآخر : وهو مذهب محمد بن قطرب أن المعنى : ففسق عن رد أمر ربه 0
أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وقف - عز وجل - الكفرة على جهة التوبيخ بقوله أفتتخذونه يا بني آدم وذريته أولياء وهم لكم عدو ; أي أعداء ، فهو اسم جنس .
بئس للظالمين بدلا أي بئس عبادة الشيطان بدلا عن عبادة الله . أو بئس إبليس بدلا عن الله . واختلف هل لإبليس ذرية من صلبه ; فقال الشعبي : سألني رجل فقال هل لإبليس زوجة ؟ فقلت : إن ذلك عرس لم أشهده ، ثم ذكرت قوله أفتتخذونه وذريته أولياء فعلمت أنه لا يكون ذرية إلا من زوجة فقلت نعم . وقال مجاهد : إن إبليس أدخل فرجه في فرج نفسه فباض خمس بيضات ; فهذا أصل ذريته . وقيل : إن الله - تعالى - خلق له في فخذه اليمنى ذكرا وفي اليسرى فرجا ; فهو ينكح هذا بهذا ، فيخرج له كل يوم عشر بيضات ، يخرج من كل بيضة سبعون شيطانا وشيطانة ، فهو يخرج وهو يطير ، وأعظمهم عند أبيهم منزلة أعظمهم في بني آدم فتنة ، وقال قوم : ليس له أولاد ولا ذرية ، وذريته أعوانه من الشياطين . قال القشيري أبو نصر : والجملة أن الله - تعالى - أخبر أن لإبليس أتباعا وذرية ، وأنهم يوسوسون إلى بني آدم وهم أعداؤهم ، ولا يثبت عندنا كيفية في كيفية التوالد منهم وحدوث الذرية عن إبليس ، فيتوقف الأمر فيه على نقل صحيح .
قلت : الذي ثبت في هذا الباب من الصحيح ما ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن الإمام أبي بكر البرقاني أنه خرج في كتابه مسندا عن أبي محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ من رواية عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فبها باض الشيطان وفرخ . وهذا يدل على أن للشيطان ذرية من صلبه ، والله أعلم . قال ابن عطية : وقوله وذريته ظاهر اللفظ يقتضي الموسوسين من الشياطين ، الذين يأتون بالمنكر ويحملون على الباطل . وذكر الطبري وغيره أن مجاهدا قال : ذرية إبليس الشياطين ، وكان يعدهم : زلنبور صاحب الأسواق ، يضع رايته في كل سوق بين السماء والأرض ، يجعل تلك الراية على حانوت أول من يفتح وآخر من يغلق . [ ص: 376 ] ثبر صاحب المصائب ، يأمر بضرب الوجوه وشق الجيوب ، والدعاء بالويل والحرب . والأعور صاحب أبواب الزنا . ومسوط صاحب الأخبار ، يأتي بها فيلقيها في أفواه الناس فلا يجدون لها أصلا . وداسم الذي إذا دخل الرجل بيته فلم يسلم ولم يذكر اسم الله بصره من المتاع ما لم يرفع وما لم يحسن موضعه ، وإذا أكل ولم يذكر اسم الله أكل معه . قال الأعمش : وإني ربما دخلت البيت فلم أذكر الله ولم أسلم ، فرأيت مطهرة فقلت : ارفعوا هذه وخاصمتهم ، ثم أذكر فأقول : داسم داسم أعوذ بالله منه زاد الثعلبي وغيره عن مجاهد : والأبيض ، وهو الذي يوسوس للأنبياء . وصخر وهو الذي اختلس خاتم سليمان - عليه السلام - . والولهان وهو صاحب الطهارة يوسوس فيها . والأقيس وهو صاحب الصلاة يوسوس فيها . ومرة وهو صاحب المزامير وبه يكنى . والهفاف يكون بالصحارى يضل الناس ويتيههم . ومنهم الغيلان . وحكى أبو مطيع مكحول بن الفضل النسفي في كتاب اللؤلؤيات عن مجاهد أن الهفاف هو صاحب الشراب ، لقوس صاحب التحريش ، والأعور صاحب أبواب السلطان . قال وقال الداراني : إن لإبليس شيطانا يقال له المتقاضي ، يتقاضى ابن آدم فيخبر بعمل كان عمله في السر منذ عشرين سنة ، فيحدث به في العلانية . قال ابن عطية : وهذا وما جانسه مما لم يأت به سند صحيح ، وقد طول النقاش في هذا المعنى وجلب حكايات تبعد عن الصحة ، ولم يمر بي في هذا صحيح إلا ما في كتاب مسلم من أن للصلاة شيطانا يسمى خنزب . وذكر الترمذي أن للوضوء شيطانا يسمى الولهان .
قلت : أما ما ذكر من التعيين في الاسم فصحيح ; وأما أن له أتباعا وأعوانا وجنودا فمقطوع به ، وقد ذكرنا الحديث الصحيح في أن له أولادا من صلبه ، كما قال مجاهد وغيره . وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود : إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب فيتفرقون فيقول الرجل منهم سمعت رجلا أعرف وجهه ولا أدري ما اسمه يحدث . وفي مسند البزار عن سلمان الفارسي قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها ينصب [ ص: 377 ] رايته . وفي مسند أحمد بن حنبل قال : أنبأنا عبد الله بن المبارك قال حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي موسى الأشعري قال : إذا أصبح إبليس بث جنوده فيقول من أضل مسلما ألبسته التاج قال فيقول له القائل لم أزل بفلان حتى طلق زوجته ، قال : يوشك أن يتزوج . ويقول آخر : لم أزل بفلان حتى عق ; قال : يوشك أن يبر . قال ويقول القائل : لم أزل بفلان حتى شرب ; قال : أنت قال ويقول : لم أزل بفلان حتى زنى ; قال : أنت قال ويقول : لم أزل بفلان حتى قتل ; قال : أنت أنت وفي صحيح مسلم عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله قال فيدنيه أو قال فيلتزمه ويقول نعم أنت . وقد تقدم وسمعت شيخنا الإمام أبا محمد عبد المعطي بثغر الإسكندرية يقول : إن شيطانا يقال له البيضاوي يتمثل للفقراء المواصلين في الصيام فإذا استحكم منهم الجوع وأضر بأدمغتهم يكشف لهم عن ضياء ونور حتى يملأ عليهم البيوت فيظنون أنهم قد وصلوا وأن ذلك من الله وليس كما ظنوا .) ( الجامع لأحكام القرآن – 10 / 375 – 376 ) 0
قال الشيخ الشنقيطي - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى :
( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني …)
( وقوله في هذه الآية الكريمة : ( وذريته ) دليل على أن للشيطان ذرية ، فادعاء انه لا ذرية له مناقض لهذه الآية مناقضة صريحة كما ترى ، وكل ما ناقض صريح القرآن فهو باطل بلا شك ، ولكن طريقة وجود نسله هل هي عن تزاوج أو غيره ، لا دليل عليها من نص صريح ، والعلماء مختلفون فيها ، وقال الشعبي سألني رجل : هل لإبليس زوجة ؟ فقلت إن ذلك عرس لم أشهده ، ثم ذكرت قوله تعالى : ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ) الكهف/50 ، فعلمت أنه لا تكون ذرية إلا من زوجة ، فقلت : نعم .
وما فهمه الشعبي من هذه الآية من أن الذرية تستلزم الزوجة روي مثله عن قتادة ، قال مجاهد : إن كيفية إيجاد النسل منه أنه أدخل فرجه في فرج نفسه فباض خمس بيضات ، قال : فهذا أصل ذريته . وقال بعض أهل العلم : إن الله تعالى خلق له في فخذه اليمنى ذكرا ، وفي اليسرى فرجا ، فهو ينكح هذا بهذا فيخرج له في كل يوم عشر بيضات ، يخرج من كل بيضة سبعون شيطانا وشيطانة .
ولا يخفى أن هذه الأقوال ونحوها لا معول عليها لعدم اعتضادها بدليل من كتاب أو سنة ، فقد دلت الآية الكريمة على أن له ذرية ، أما كيفية ولادة هذه الذرية فلم يثبت فيه نقل صحيح ، ومثله لا يعرف بالرأي .
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية : " قلت : الذي ثبت في هذا الباب من الصحيح ما ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن الإمام أبي بكر البرقاني أنه خرج في كتابه مسندا عن أبي محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ من رواية عاصم عن أبي عثمان عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فبها باض الشيطان وفرخ . " وهذا يدل على أن للشيطان ذرية من صلبه .
قال مقيده عفا الله عنه : هذا الحديث إنما يدل أنه يبيض ويفرخ ، ولكن لا دلالة فيه على ذلك ، هل هي من أنثى هي زوجة له ، أو من غير ذلك . مع أن دلالة الحديث على ما ذكرنا لا تخلو من احتمال ، لأنه يكثر في كلام العرب إطلاق باض وفرخ على سبيل المثل ، فيحتمل معنى باض وفرخ أنه فعل بها ما شاء من إضلال وإغواء ووسوسة ونحو ذلك على سبيل المثل ، لأن الأمثال لا تغير ألفاظها ) ( أضواء البيان - ( 4 / 133 – 135 ) .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيميين - رحمه الله تعالى - : ( قوله وذريته من ولدوا منه سئل بعض السلف ,سأله أناس من المتعمقين ، وقال له " أللشيطان زوجة " قال " إني لم احضر العقد" جواب صحيح ولا لأ ؟ ، قال "إني لم احضر العقد " ، السؤال هل له زوجة ما له داعي ، نحن نؤمن بان له ذرية , من زوجة ولا من غير زوجة ,ما ندري. أليس الله عز وجل خلق حواء من آدم فيجوز أن الله عزو جل خلق ذريته منه ، كما خلق حواء من آدم وهذه المسائل مسائل الغيب لا ينبغي للإنسان أن يورد عليها شيئا يرد على مسائل الشارع لأن هذه أمور فوق مستوانا نحن ، نؤمن بأن له ذرية لكن هل يلزمنا أن نؤمن بأن له زوجة ؟ لا يلزمنا ) ( تفسيرسورة الكهف 3/ ب ) 0
سئل فضيلة الشيخ عطية صقر - مفتي مصر السؤال التالي : هل ذرية إبليس نتجت عن زواج ، وهل فى الجن ذكر وأنثى ؟؟؟
فأجاب - حفظه الله - : ( يقول الله تعالى {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دونى وهم لكم عدو **. الكهف : 50 ، تفيد هذه الآية الكريمة أن إبليس له ذرية ، ولكن كيف أتت هذه الذرية؟ ومع أن معرفة الجواب ليست مهمة لكن العلماء شغلوا أنفسهم به ، فنقلوا من الأقوال ما نقلوا واستنبطوا ما شاء لهم الاستنباط وذكر القرطبى حديثا فى ذلك قال إنه صحيح وهو "لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها ، فبها باض الشيطان وفرَّخ " ذكره الحميدى فى الجمع بين الصحيحين عن الإمام أبى بكر الباقلانى أنه خرجه فى كتابه عن سلمان عن النبى صلى الله عليه وسلم وإذا كان هذا الحديث يدل على أن للشيطان ذرية من صلبه كما قال القرطبى وهو موافق لما جاء فى الآية الكريمة فإن عبارة "باض الشيطان وفرخ " ليست نصا قاطعا فى أن الذرية نتجت عن وضع الشيطان للبيض ثم التفريخ كما يحدث للطيور ، فقد يكون المراد ذرية إبليس يكثر وجودها فى الأسواق من أجل الإفساد.
يقول القشيرى أبو نصر: والجملة أن الله تعالى أخبر أن لإبليس أتباعا وذرية وأنهم يوسوسون إلى بنى آدم وهم أعداؤهم ، ولا يثبت عندنا كيفية فى كيفية التوالد منهم وحدوث الذرية عن إبليس ، فيتوقف الأمر فيه على نقل صحيح. انتهى، وهذا هو الكلام الصحيح. يقول الشعبى : سألنى رجل فقال : هل لإبليس زوجة؟ فقلت : إن ذلك عرس لم أشهده. ثم ذكرت قوله تعالى {أفتتخذونه وذريته أولياء**فعلمت أنه لا تكون ذرية إلا من زوجة، فقلت نعم. وينقل القرطبى "ج 10 ص 420 " عن مجاهد أن إبليس أدخل فرجه فى فرج نفسه فباض خمس بيضات ، فهذا أصل ذريته ، وقيل : أن الله تعالى خلق له فى فخذه اليمنى ذكرا، وفى اليسرى فرجا، فهو ينكح هذا بهذا، فيخرج له كل يوم عشر بيضات ، يخرج من كل بيضة سبعون شيطانا وشيطانة ، فهو يخرج وهو يطير... ذلك بعض ما فى الكتب وغيره كثير مما أربأ بالمسلمين اليوم أن يعنوا به ) 0
المصدر :
سئل الشيخ محمد بن صالح المنجد – حفظه الله – السؤال التالي : هل لإبليس ذرية ، وإن كانت له ذرية فهل كان بطريق التزاوج ، وهل له زوجة ؟؟؟
فأجاب الشيخ – حفظه الله – نقلاً عن كتاب أضواء البيان للشنقيطي – رحمه الله – قائلً :
الحمد لله ،،،
وأورد كلام العلامة الشنقيطي كاملاً كما تم ذكره آنفاً 0
وبعد هذا العرض لأقوال علماء الأمة ، أقول وبالله التوفيق :
أولاً : لا زلنا ندندن حول مسألة رئيسية تتعلق بموضوع ( القرين ) ، والذي يجب أن نلتزم به جميعاً هو أن لا نتعدى النصوص النقلية الصريحة الصحيحة في ذلك ، فما ثبت أثبتناه وما لم يثبت ألقينا به في عرض الحائط 0
ثانياً : من تتبع كلام علماء الأمة نجد بأنهم قد ركزوا على المسألة السابقة ، وقد نقلت في ذلك فتاوى معتبرة عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء في المملكة العربية السعودية ، والعلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - والعلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - ، والعلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله - في موضوع :
( && القول الواضح المبين فيما يطلقه المعالجون في مسألة القرين && ) !!!
ولا داعي لتكرار ذلك ويمكن العودة للرابط آنف الذكر لمعرفة التفصيلات 0
ثالثاً : ورود خبر يتعلق بالغيب من التابعين والسلف ما لم يعتضد بدليل نقلي صريح صحيح لا نلقي له بالاً مع توقبرنا وتقديرنا لعلماء السلف والخلف ، فمسائل الغيب لا بد من دليل يعضدها ، ولذلك نقل القرطبي ما نصه :
قال القرطبي - رحمه الله - : ( قال ابن عطية : وهذا وما جانسه مما لم يأت به سند صحيح ، وقد طول النقاش في هذا المعنى وجلب حكايات تبعد عن الصحة ، ولم يمر بي في هذا صحيح إلا ما في كتاب مسلم من أن للصلاة شيطانا يسمى خنزب . وذكر الترمذي أن للوضوء شيطانا يسمى الولهان ) 0
قلت وبالله التوفيق : أما ( الولهان ) فقد جاء في حديث ضعيف :
حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا خارجة بن مصعب عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عتي بن ضمرة السعدي عن أبي بن كعب عن النبي قال :
( إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان فاتقوا وسواس الماء )
( الراوي : أبي بن كعب - ضعيف جداً - الألباني - ضعيف الترمذي - برقم 57 )
قال وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن مغفل قال أبو عيسى حديث أبي بن كعب حديث غريب وليس إسناده بالقوي والصحيح عند أهل الحديث لأنا لا نعلم أحدا أسنده غير خارجة وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن الحسن قوله ولا يصح في هذا الباب عن النبي شيء وخارجة ليس بالقوي عند أصحابنا وضعفه بن المبارك قال الترمذي : حديث غريب وليس إسناده بالقوي 0
ولذلك لم يثبت فيب هذا الباب إلا اسم الشيطان ( خنزب ) كما جاء من حديث عثمان بن العاص - رضي الله عنه - 0
* وقال الشنقيطي - رحمه الله - : ( ولا يخفى أن هذه الأقوال ونحوها لا معول عليها لعدم اعتضادها بدليل من كتاب أو سنة ، فقد دلت الآية الكريمة على أن له ذرية ، أما كيفية ولادة هذه الذرية فلم يثبت فيه نقل صحيح ، ومثله لا يعرف بالرأي ) 0
* وقال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - : ( وهذه المسائل مسائل الغيب لا ينبغي للإنسان أن يورد عليها شيئا يرد على مسائل الشارع لأن هذه أمور فوق مستوانا نحن ، نؤمن بأن له ذرية لكن هل يلزمنا أن نؤمن بأن له زوجة ؟ لا يلزمنا ) 0
* وقال الشيخ عطية صقر ( مفتي مصر سابقاً - حفظه الله - : ( وينقل القرطبى "ج 10 ص 420 " عن مجاهد أن إبليس أدخل فرجه فى فرج نفسه فباض خمس بيضات ، فهذا أصل ذريته ، وقيل : أن الله تعالى خلق له فى فخذه اليمنى ذكرا، وفى اليسرى فرجا، فهو ينكح هذا بهذا، فيخرج له كل يوم عشر بيضات ، يخرج من كل بيضة سبعون شيطانا وشيطانة ، فهو يخرج وهو يطير... ذلك بعض ما فى الكتب وغيره كثير مما أربأ بالمسلمين اليوم أن يعنوا به ) 0
رابعاً : عدم التمسك بالسنة وما جاء في السنة حتماً يؤدي إلى الغي والضلال ، ولذلك ثبت من حديث عن العرباض بن سارية – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله :
( أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن أُمِّر عليكم عبد حبشي ، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين ، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة )
( صحيح الجامع 2549 )
النواجذ : ( أقصى الأضراس ، وهي أربعة في أقصى الأسنان بعد الأرحاء ، وتسمى ضرس الحلم لأنه ينبت بعد البلوغ وكمال العقل ، وقيل النواجذ التي تلي الأنياب ، وقيـل هي الأضراس كلها نواجذ ) ( أنظر لسان العرب لابن منظور – 3 / 513 ) 0
خامساً : أنبه نفسي والاخوة الأفاضل ممن اشتغلوا بعلم الرقية الشرعية أن يلزموا الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة العاملين العابدين حتى ينأى الجميع من الوقوع في البدعة والضلال 0
هذا ما تيسر لي من بضاعة مجزاه ، فما أصبت فمن الله وحده وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله بريئان 0
وأختم هذا الموضوع فأقول :
( اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك أنت تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم )
بارك الله في الجميع ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0