بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله الواحد القهار الذي خلق الليل والنهار والذي أجرى وخلق البحر والأنهار وصلى اللهم على نبينا المصطفى المختار وعلى آله الطيبين الأطهار وعلى الصحب الكرام الأخيار ولا عدوان إلا على الظالمين الذين ظلموا أمة الإسلام بالليل والنهار وبعد
فقد وجد كثير من الناس في هذه الأيام من يضرب كلام العلماء بعضه ببعض من اجل أن يبعد عن نفسه شبهة الوقوع في المحذور الشرعي ومن بين هولاء العلماء الذين ضربت أقوالهم بعضها ببعض شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله رحمة واسعة فأحببت أن اكتب بعض الكليمات لعلها تقرب المفهوم من كلامه رحمه الله وذلك بجمع النصوص في المسألة المختلف فيها لفهم كلام شيخ الإسلام رحمه الله ، وهذه المسألة هي مسألة الاستعانة بالجن التي جعلها كثير من الناس متكئا لهم في التعامل مع الجن حيث انهم اخذوا بجزء من كلامه رحمه الله وتركوا أجزاء أخرى إما انهم لم يقفوا عليها أو وقفوا عليها ولم ينتبهوا لمعانيها أو لغايات في نفوس بعضهم .
وهذه النصوص هي
1 – قال رحمه الله في النبوات ليس من هدي السلف الاستعانة بالجن .
2 – قال في الفتاوى وسؤال الخلق في الأصل محرم إلا انه أبيح للضرورة واستدل رحمه الله بأدلة منها حديث بن عباس الذي عند احمد إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وحديث أخر ولا تسألوا الناس شيئا .
3 – قال رحمه الله في الفتاوى إن الجن مع الإنس على أحوال :
أ – فمن كان من الإنس يأمر الجن بما أمر الله به ورسوله من عبادة الله وطاعة نبيه ويأمر الإنس بذلك فهذا من افضل أولياء الله تعالى وهو في ذلك من خلفاء الرسول ونوابه
ب – ومن استعمل الجن في أمور مباحة فهو كمن استعمل الأنس في أمور مباحة له كان يأمرهم بما يجب عليهم دينهم مما حرم عليهم ويستعملهم في مباحان له فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك
ج – ومن كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله إما في الشرك وإما في قتل معصوم الدم أو في العدوان عليهم بغير القتل كتمريضه وانساءه العلم وغير ذلك واما في فاحشة كجلب من يطلب منه الفاحشة فهذا قد استعان بهم على الإثم والعدوان ثم استعان بهم على الكفر فهو كافر وان استعان بهم على المعاصي فهو عاص .
هذه مجموعة نصوص ذكرها شيخ الإسلام في مواضع متفرقة فلا بد من ضمها لبعضها ولا بد من جمع كلامه حتى يستقيم المعنى حتى يفهم مقصود شيخ الإسلام من تجوزه للاستعانة بالجن ، لا أن نأخذ جزء من كلامه ثم نضرب الكلام الأخر بأجزاء أخرى لا بل لا بد من جمع الكلام حتى يستقيم الكلام ولكن قبل طرح منطوق كلام الشيخ والإمام لا بد من تعريج على أحوال الجن حتى نتصور كيف هي أحوالهم التي نريد أن نفهمها من كلامه رحمه الله ولو تصورنا ولك أن تتخيل ما سأذكره لك وكلامي قابل للزيادة إذ أن به نقص كثير يحتاج إلى تصويب وتصحيح من الاخوة الأفاضل .
أحوال الجن تنقسم إلى قسمين وهذا التقسيم حسب مفهومي لأحوالهم انهم قسمين
1 - قسم حر طليق خارج البدن
2 – قسم بداخل البدن إما بسبب مس أو بسبب سحر
سؤال هل يوجد عير هذين القسمين ارجوا التنبيه ؟
أما القسم الأول وهو الحر الطليق الخارج البدن وأيضا هو على أحوال
الحالة الأولى أن يأتي إليك الجن ويكلمك ويساعدك من غير أن تطلب منه ومن غير أن تعزم عليه ومن غير أن تناديه ز
الحالة الثانية : أن تطلب أنت من الجن العون والاستعانة بان يكلمك أو يخدمك أو يتعامل معك وهذا بطلب منك ليس كالحالة الأولى انه هو الذي جاءك لا بل أنت الذي طلب منه الاستعانة وفي هذه الحالة تنقسم إلى قسمين
أما القسم الأول : أن تطلب منه التعامل معك أو أن تسعى خلفه سعي العطشان في كبد الصحراء فكلما رأى السراب حسبه ماء وهذا الطلب يكون باستخدام أوراد بدعية ليست من منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من منهج الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ولا منهج السلف أن يذكروا أوراد معينة بقصد أن يسخر لهم جن من اجل خدمتهم أو مساعدتهم على بعض الأمور وهذا ما يسمى عند بعض الجهلة بالخدام بخدام السور أو خدام الأوراد وهذا الذي قد فعل فقد خالف قول شيخ الإسلام من جهتين أما الأولى انه فعل المحرم ألا وهو سؤال الخلق والأصل فيه التحريم وأبيح للضرورة والوجه الثاني انه ليس من هدي السلف كما قال شيخ الإسلام فكيف بشيخ الإسلام يقول قولا منهي ومحذور عنه ثم يقع فيه فهذا بعيد عنه رحمه الله رحمة واسعة فهذا الذي استعان بالجن عن طريق الأوراد البدعية سخر له جن يساعده على البدعة والميل عن منهج رسول الله .
أما القسم الثاني : وهم الذين يركضون خلف الجن من اجل أن يساعدوهم وذلك بفعل طلاسم الشرك والكفر فيسخر له شيطان يساعده على الكفر والزيغ والضلال ومن فعل هذا فقد وقع في الكفر وهذا لا يسمح به الشرع كما لم يسمح به شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله
سؤال هل يوجد غير هاتين الحالين لطلب الاستعانة من الجن عن طريق الأوراد إما الشركية أو البدعية
القسم الثالث : إما أن يأتيك الجن من غير أن تطلب منه في أول مرة ولكن يستدرجك في الأيام القادمة على أن تصير أنت الذي يسعى خلفه ويركض وراءه وإذا فعلت فقد وقعت في مخالفة قول شيخ الإسلام من وجهين الأول سؤالك للخلق الذي هو محرم في الأصل والثاني انه ليس من هدي السلف كما قال شيخ الإسلام فأنت لست على منهج شيخ الإسلام في فهم المسألة .
سؤال هل يوجد غير هذه الحالات التي يكون الجن فيها طليقا وحرا خارج البدن؟؟ ارجوا تنبيهي وإفادتي بما هو غائب عني
أما القسم الثاني : وهو القسم الذي يكون الجن داخل البدن إما عن طريق سحر أو مس أو متعلق بالجسد فعند القراءة وحضور الجني على بدن المصاب يتم الكلام فهي على أحوال إما أن الراقي يشترط على الجن الخروج بشرط التعامل معه واما أن لا يشترط فيخرج الجن من غير شرط من الراقي واما أن الجن يشترط عدم الخروج إلا بالتعامل معه أو أن يعرض على الشيخ التعامل واما أن لا يشترط الجن أي شيء فيخرج وهو صاغر .
ومن قبل بعرض الجن عليه أو بعرضه الاستعانة مع الجن فقد خالف قول شيخ الإسلام من جهتين الأولى انه سئل الخلق والأصل فيه التحريم والثانية انه خالف هدي السلف .
سؤال هل يوجد غير هذه الأحوال للجن داخل البدن ارجوا تنبيهي عن ما هو غائب عن ذهني .
هذه عرض تفصيلي لأحوال الجن ونريد من كل واحد أن يحكم حكم الإنصاف العدل من غير تهكم ولا استكبار بدراسة كلام شيخ الإسلام رحمه الله إذ كيف بعلم من أعلام الدين أن يقول شيئا ويقع في مخالفة ما يقول فمن قال بهذا فقد أجحف القول إذ كيف بشيخ الإسلام يقول إن الأصل في سؤال الخلق محرم ثم يبيح الوقوع في هذا المحرم إذ انه قال وسؤال الخلق محرم ولكنه أبيح للضرورة ولو سألنا سؤالا ما هي الضرورة في الاستعانة بالجن والصحيح انه لا ضرورة في الاستعانة بهم ثم كيف بشيخ الإسلام يقول ليس من هدي السلف الاستعانة بالجن ثم يبيح الاستعانة التي فهمت على غير مراده ثم انه رحمه الله وضع قيودا للاستعانة الأولى أن يكون تام العلم بالشريعة والثانية وجود الضرورة وظهرت من خلال كلامه رحمه الله لما قال وسؤال الخلق الأصل فيه انه محرم ولكنه أبيح للضرورة فهذا قيد أخر لم يذكره كثير من تعامل مع الجن وكان اعتمادهم على كلام شيخ الإسلام فأين ذهبوا بهذا القيد والقيد الآخر وهو أن يكون تام العلم وان وجد من يقول بالاستعانة مع الضرورة قلنا له أين هي الضرورة ومن الذي يقدر الضرورة أنت أم الشرع الحكيم ومن أنت حتى تقدر الضرورة هل أنت وصلت لمرحلة تقدير الضرورات كما يقدرها شيخ الإسلام أم ماذا ؟ لان الضرورة التي بزعمك وجد شيء أقوى منها يعالجها وهي كتاب الله تعالى إذ لو سألناك سؤالا أيهما أقوى وأنجع وابلغ تأثيرا في علاج المرضى كتاب الله وكلامه أم الاستعانة بالجن فان قلت كتاب الله سقطت الضرورة وانتهت المسألة من اصلها وان قلت يوجد حالات لا ينفع معها القران فقد وقعت في محذور كبير فقد يصل بك إلى الكفر إذا لم يكن هذا هو الكفر بعينه لما عارضت قوله تعالى ( وننزل من القران ما هو شفاء ) ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ) وعلى هذا الكلام يستقيم كلام شيخ الإسلام إذ انه لم يرد ولم يؤثر عن أحد من أهل الديانة انهم استعانوا بالجن منذ عهد رسول الله إلى عهدنا هذا مع العلم إن حاجتهم كانت ضرورية للاستعانة بالجن أيام الغزوات وأيام الاستضعاف وحتى شيخ الإسلام الذي قال بجواز الاستعانة لم يستعن بهم ولكن مفهوم الاستعانة عند شيخ الإسلام يختلف عن ما فهمه كثير ممن تعامل مع الجن إذ انه لا يسمح أن تطلب من الجن أو تسألهم والحالة التي يقصدها ويرمي إليها شيخ الإسلام أن يأتي الجن لك ويكلمك ويساعدك ويعينك في بعض الأمور من غير أن تطلب منه أو تستدعيه أو تنادي عليه .
إن هذه الأمور لو أطلق الأمر على العنان لنهدم كلام شيخ الإسلام لوقوعه في التعارض لذا لا بد من جمع الكلام حتى يستقيم المعنى وانه رحمه الله لم يستعين بهم رغم حاجته للجن أيام غزو التتر وأيام ظلمه وضربه وسجنه .
وخلاصة الكلام إن شيخ الإسلام يقول يحرم عليك أن تسال الخلق إلا لامر ضروري ومن بين الخلق الجن فلا يحق لك أن تسألهم أم أن تستعين بهم إلا للضرورة وان تكون تام العلم حتى لا تقع في مكائد الشيطان وقال رحمه الله إن من استعان بالجن فهذا ليس من هدي السلف فالحذر الحذر وإياكم وان يلبس عليكم أناس اخذوا جزء من كلام شيخ الإسلام وضربوا بالجزء الآخر عرض الحائط نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل انه على ذلك قدير والحمد لله رب العالمين فان كان أحد من الاخوة له زيادة أو ملاحظة فالمؤمن مرءاة أخيه جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم واحسن إليكم