،،،،،،
بارك الله فيكم أخيتي الفاضلة ومشرفتنا القديرة ( أم سلمى ) على هذا النقل الطيب ، وأضف اجابة لسؤال لي في كتابي الموسوم ( هداية الأنام إلى فتاوى الرقى للأئمة الأعلام ) ، وهو على النحو التالي :
يقول السائل : بدأت أشعر بفقدان أشياء في المنزل منذ فترة ليست بالقصيرة ، علما أنه لا يوجد أحد غريب في البيت ، ولا يوجد خادمة كذلك ، وأعيش أنا وزوجتي وطفلين صغيرين ، فما تفسير ذلك ؟؟؟
الجواب : ( إن المسلك المنطقي يحتم علينا قبل كل شيء التأكد من عدم وجود أيد خفية تعبث وتسرق من المنزل ، وإن ثبت غير ذلك فهذا يعني أن بعض الجن والشياطين يعبثون ويسرقون من هذا البيت ، وقد يحصل مثل هذا الأمر ، ودليل ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عندما جاء شيطان يسرق من أموال زكاة الفطر ، وكما ثبت أيضا من حديث جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله : ( إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم ، فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم ، وأغلقوا الأبواب ، واذكروا اسم الله ، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا ، وأوكئوا قربكم ، واذكروا اسم الله ، وخمروا آنيتكم ، واذكروا اسم الله ، ولو أن تعرضوا عليه شيئا ، وأطفئوا مصابيحكم )( متفق عليه ) 0
قال النووي : ( هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير والأدب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا ، فأمر بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان ، وجعل الله عز وجل هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه ، فلا يقدر على كشف إناء ، ولا حل سقاء ، ولا فتح باب ، ولا إيذاء صبي وغيره إذا وجدت هذه الأسباب 0 وهذا كما جاء في الحديث الصحيح أن العبد إذا سمى عند دخول بيته قال الشيطان : لا مبيت أي لا سلطان لنا على المبيت عند هؤلاء ، وكذلك إذا قال الرجل عند جماع أهله : اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا كان سبب سلامة المولود من ضرر الشيطان ، وكذلك شبه هذا مما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة ، وفي هذا الحديث الحث على ذكر الله تعالى في هذه المواضع ، ويلحق بها ما في معناها 0 قال أصحابنا : يستحب أن يذكر اسم الله تعالى على كل أمر ذي بال ، وكذلك يحمد الله تعالى في أول كل أمر ذي بال ، للحديث الحسن المشهور فيه 0
وقوله : " جنح الليل " هو بضم الجيم وكسرها ، لغتان مشهورتان ، وهو ظلامه ، ويقال : أجنح الليل أي أقبل ظلامه ، وأصل الجنوح الميل 0 وقوله : " فكفوا صبيانكم " أي امنعوهم من الخروج ذلك الوقت 0
وقوله : " فإن الشيطان ينتشر " أي جنس الشيطان ، ومعناه أنه يخاف على الصبيان ذلك الوقت من إيذاء الشياطين لكثرتهم حينئذ 0 والله أعلم )( صحيح مسلم بشرح النووي - 13 ، 14 ، 15 / 60 ، 61 ) 0
قال ابن حجر في الفتح : ( قال ابن الجوزي : والحكمة في انتشارهم : أن حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار ؛ لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره ، وكذلك كل سواد )( فتح الباري - 13 / 69 ) 0
ولتلك الأرواح خاصية التمثل والتشكل والسرقة ونحوه ، وهذا يؤكد الاهتمام والمحافظة على هدي رسول الله لتفويت الفرصة عليهم للعبث والسرقة ونحوه ، وذلك بتغطية الآنية والتسمية عليها وفعل ذلك في كل الأحوال والظروف ، والاستعانة بالله وتحصين البيوت بتلاوة القرآن والذكر والدعاء والبعد عن المعاصي والإقبال على الطاعات 0
* قصة واقعية :
وأذكر قصة واقعية عايشت أحداثها بنفسي تؤكد قدرة الجن والشياطين على السرقة وفتح الأبواب ونحوه ، وهي قصة خادمة مسكينة كانت تعيش قريرة العين مطمئنة الفؤاد محبوبة من أهل المنزل وذويه ، وكانت مخلصة ومتفانية في عملها ، إلى أن جاء اليوم الذي أصبح أهل البيت يفتقدون فيه بعض الأموال وبعض الأمور العينية ، وبدأ الشك يحوم حول تلك الخادمة المسكينة ، ومع عدم وجود دليل واحد يدينها بتلك الأعمال ، إلا أنها كانت الغريبة الوحيدة في ذلك المنزل ، ومع ذلك فبعض أهل البيت لم يفكروا ولو للحظة واحدة بأنها السبب في حصول تلك الأمور ، لسمعتها الطيبة وسيرتها النظيفة ، وبدأت المشاكل تنصب عليها من كل حدب وصوب ، وأصبحت تعاني من الأمراض وعدم القدرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه البيت وأهله ، إلى أن قرروا تسفيرها ، وقبل ذلك ووفاء للسنين الطويلة التي أمضتها في هذا المنزل قرروا علاجها ، ولم يقف الطب العضوي على الأسباب الحقيقية وراء تلك الآلام ، وبعد ذلك توجهوا للرقية الشرعية ، وبعد رقية تلك الخادمة المسكينة نطق على لسانها شيطان خبيث واعترف بأنه السبب في كل ما حصل لها ، وأنه من كان يسرق من المنزل كي تتهم تلك المسكينة وتسفر إلى أهلها ، وكذلك كان سببا رئيسيا للأوجاع والآلام التي شعرت بها كي تطلب السفر والعودة إلى بلدها ، وعند سؤاله عن سبب ذلك أخبر بأن بعض أقاربها أرادوا عودتها للزواج فقاموا بسحرها عن طريق ساحر خبيث ، وبعد فترة من العلاج من الله سبحانه وتعالى عليها بالشفاء ) 0
وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0