حـسـبـي عـلـيـك الله عـنــي يـجـازيـك
مــالــك أمـــــان ولا عــهـــودٍ ومــلّـــه
والمعروف أن كثيرا من البشر لا زالوا يمارسون الكذب كجزء تكميلي لشخصياتهم
ان الكذب له جذور نفسية عميقة ،ولا أستغرب ابدا أن البعض أصحاب ( أشكال دينية ) يدّعون كامل الاخلاق ويفتقدون الى تحرّي الصدق في تعاملاتهم الخاصة وخلافاتهم .
يؤكّد هذا اذن ، أن احد الجذور النفسية للكذب هو رغبة الانسان في لفت الانظار
وهؤلاء يكون لديهم شعور بالدونية ، فيلجأون الى الكذب لكسب بعض الانتباه ممن حولهم ، كان ما كان مستوى من حولهم
وقد تكون - المصالح المادية - عند الشخصيات المنتفعة المتطفلة سبب اساسيا للكذب
وهؤلاء _ إذا غصنا في تصوير نفسياتهم نستغرب عندما نعرف انهم لا يفكّرون بالطريقة التي يفكّر بها الانسان العادي
وصاحب المصلحة المادية عادة تكون طريقة برمجة عقله مختلفة ، مثل كلاب الأثر ، فهو يشتمّ المادّة أينما كانت
ثم تتبرمج مشاعره واتجاهاته مباشرة الى الهدف بطريقة اوتوماتيكية ، ويُسقط أي اعتبارات أخرى ، أخلاقية ، اجتماعية ، عائلية . وهؤلاء هم ( شياطين الانس ) .
طريقة البرمجة العقلية الخاصة بهؤلاء ، تجعل من الصعب على اصحاب العقول البشرية استيعاب ما حصل :
لي حيلة فيمن ينمُّ فإنني.... أطوي حديثي دونه وخطابي
لكنما الكذاب يخلق قوله.... ما حيلتي في المفتري الكذابِ ؟
ومن الجذور النفسية للكذب ..افتقاد الشجاعة لانعدام الثقة بالنفس ،
وبالتالي ، الهروب هو الحلّ الأمثل من القضايا ، وافتعال الأكاذيب لتبرير عدم القدرة على المواجهة السليمة
ومنها أيضا - أن الكذب هو نتيجة النواقص والأفعال السيئة ، ومحاولة تغطية الرذائل الشخصية ، برذيلة أقبح وهي الكذب .
لا يكذب المرء إلا من مهانته...أو فعله السوء أو من قلة الأدب
لبعضُ جيفة كلب خيرُ رائحة... من كذبة المرء في جدّ وفي لعب
وفي سياق حديثنا عن فلسفة الكذب ، تظهر كثيرا مقولة عامة ، وهي أن ( الكاذب يكذب على نفسه )
في الواقع ، الإنسان لا يكذب على نفسه
ولكن كثرة تكرار الكذب في حديث الانسان ، يجعل عقله الباطن ( والذي يصدّق الاحداث من خلال تكرارها ) يعتمد هذه المعلومة فينقلها الى عقله الواعي
لذلك فإن رأيت انسانا عميت عيناه عن الحقيقة حتى وان كانت امامه وأصرّ على الكذب ، فاعلم انه من المحترفين للكذب المرضيّ، الذين قلّما تخلو أحاديثهم من الكذب المركّب .
في فلسفتي ضدّ الكذب ،
فإنني على ضوء ما أرى من استفحال هذه الرذيلة في جميع الاوساط وعلى كافة المستويات
العائلية ، الاجتماعية ، الاخلاقية ، الدينية والشرعية ، العلمية ، فإن الدعوة الى تحرّي الصدق ما عادت تجدي ..والتخويف من رذيلة الكذب لا تجدي مع حقيقة الجذور النفسية التي تدفع له . ففي كثير من الأحيان وحينما يكون الكذب مرضيّا ينكر الكاذب بشدة أنه كاذب وبالتالي يعتبر ان هذه التوصيات لا تخصّه
وكذلك الدعوة الى ( تجنّب الكاذبين ) قد لا تجدي نفعا بعد وقوع الفاس في الراس، ان هناك صعوبة في اكتشاف الكذب على انواعه في أحيان كثيرة :
فكيف يمكن ان نتصرف إذا كان الكذب في كل مكان وفي الصمت والبكاء والضحك ؟
اننا وبعد التوكّل على الله ودعائه لإبعاد شياطين الانس عن طريقنا
علينا ان نطوّر طريقة قريبة لتمييز الكاذبين ، قد نخطئ وقد نصيب ، ولكننا على الأقل وبعد فهمنا لفلسفة الكذب ، قد يدلنا هذا على اشياء كثيرة ، ويساعدنا في صنع بعض القرارات
وقد تكون لغة الجسد ، وخاصة حركات العينين واليدين وطريقة النظر مؤشرا للكذب
بعض الاشارات مثل وضع اليدين في الجيوب ، او كثرة حركة اليدين ، عدم التقاء العينين ، والنظر الى ما يشبه الفراغ الانسان الصادق عندما يتحدث عن امر ما فأنه يتخيل ما حدث أثناء كلامه مما يجعل نظراته ثابتة
اما الكاذب فهو لا يستطيع تخيل ما لا وجود له ، فتضيع نظراته في الهواء
طريقة الكلام ، تنخفض نبرة الكلام عند الكذب ، ويتغير الصوت قليلا ،
او ترتفع حدة الصوت ( خذوهم بالصوت ) بشكل يتبين فيه لنا أن هناك تكلف واصطناع .
والكلام الكثير ( الرغي ) ، حيث ان الكاذب يحاول ان يعمل ما يشبه ( مسح دماغ ) لتأكيد كلامه فهو يضيعك في ألف قصة وقصة حتى لا تعرف ماذا تفعل ، فتصدق كلامه كله كالمنوّم.
الالحاح : ( كثر الطرق ، يُلين الحديد ) ، يحاول الشخص الكاذب ان يلح عليك بالفكرة التي يريد وضعها في رأسك بطريقة تستغرب لها
فهو لا ينفك يجمع لك الأدلة والبراهين على صدق مقولته الزائفة ،
الرغي والإلحاح من صفات من يكذبون لأجل المنفعة المادية ، فهم يخشون على صيدهم الثمين من التيقظ في أي لحظة .
كما ان من صفات الكاذب أن قصصه متقطّعة ، تُعاد صياغتها كل مرة ، وذلك لأن الأحداث مفتعلة ووهمية ، ينسى الكاذب ما كذب عندما اطلق القصة اول مرة ، وبالتالي عليك جمع التحديثات كل مرة .
والقلق الشديد في بعض أحواله يميز الكاذب ...
فهو قد يخشى من اكتشاف أحد لكذبه ،
استغربت من صديقتي او التي كنت أحسبها صديقة ، أنها تتصل بي بشكل مكرر
لم أكن افهم ما الداعي لكل هذه الاتصالات فجأة ، أين انت ؟ ماذا تفعلين ،؟ كيف تشعرين ؟
ثم فوجئت بتوالي الاتصالات مرة من ابنتها ومرة من ابنها ... أحسست بخبرتي وتجربتي ، أن هناك ما تريد قوله او تبريره .. وشيئا ما تريد اختباره ، ولاحقا علمت أنها كذبت عليّ وانها تخشى من رد فعلي ان اكتشفت .
الآن كيف نواجه الكاذب اذا تأكّدنا من كذبه علينا ؟؟
طبعا انا لا استطيع ان افرض طرقا للمواجهة لأن هذه مسؤولية كل شخص وحسب رؤيته للوضع ، وللضرر الذي قد أصاب سمعته أو مصالحه ، او علاقاته من جرّاء الكذب .
ولكن طريقتي المفضّلة لمواجهة الكاذبين هو ( الاهمال التام ) -
قطع العلاقة دون مواجهة ، وترك النار تحترق لوحدها ، لأنني من ناحية ، عليّ أن أعزّ نفسي من الوقوع في هوّة المستنقعات المريضة ، ومن ناحية أخرى ، فإن المواجهة قد تكون هي ما ينتظره مني خصمي ، لمزيد من التبريرات ومزيد من الأكاذيب ، التي تشمئزّ منها النفس السويّة.
التعديل الأخير تم بواسطة فاديا ; 16-02-2012 الساعة 08:39 PM.
تحليلنا أن هذا يحصل بسبب التكرار ورد الفعل الباطن والحقيقة أنه وعد الله سبحانه وتعالى تحقق في الكاذب ..
في رعاية الله وحفظه
صدقتِ أختاه ....
ويبقى الكاذب إنسان غبي
فهو لا يرى الاّ نفسه .. ويظن أن البقية قد عميوا عن التمييز والتفريق
إن من سمات من يصرّون على الكذب أنهم يتعرضون للفضيحة فيُعرفون بين الناس
ولا تقبل شهادتهم في أي موضوع ، ويتدنى مستواهم ،بعد أن - كذبوا بجهد - ليظهروه عاليا -
وهذا طبعا - أقل ما يستحقونه