فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها، فإذا قرأه بتفكر حتى مر بآية وهو محتاجا إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة ولو ليلة، فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن، وهذه كانت عادة السلف: يردد أحدهم الآية إلى الصباح، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قام بآية يرددها حتى الصباح وهي قوله **إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ**.
فقراءة القرآن بالتفكر هي أصل صلاح القلب، ولهذا قال ابن مسعود: لاَ تَهُذُّوا القُرْآنَ هَذَّ الشِّعْرِ، وَلاَ تَنْثُرُوه نَثْرَ الدَّقَل، وَقِفُوا عِنْدَ عَجَائبِهِ، وَحَرِّكُوا بِهِ القُلُوبَ، وَلاَ يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ.
وروى أبو أيوب عن أبي جمرة قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة إني اقرأ القرآن في ثلاث، قال: لأن اقرأ سورة من القرآن في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحب إلي من أن اقرأ القرآن كما تقرأ.
رفع الله قدركم بالقرآن الكريم ورزقكم أعلى عليين