لماذا يجب الغسل من العائن ..؟
قال المازري :
هذا المعنى مما لا يمكن تعليله ، ومعرفة وجهه من جهة العقل ، فلا يرد لكونه لا يعقل معناه
وقال ابن العربي : إن توقف متشرع قلنا له الله ورسوله أعلم ، وقد عضدته التجربة وصدقته المعاينة أو متفلسف ، فالرد عليه أظهر لأن عنده أن الأدوية تفعل بقواها وقد تفعل بمعنى لا يدرك ، ويسمون ما هذا سبيله الخواص . وقال ابن القيم : هذه الكيفية لا ينتفع بها من أنكرها ولا من سخر منها ولا من شك فيها أو فعلها مجربا غير معتقد ، وإذا كان في الطبيعة خواص لا يعرف الأطباء عللها ، بل هي عندهم خارجة عن القياس . وإنما تفعل بالخاصية فما الذي تنكر جهلتهم من الخواص الشرعية ، هذا مع أن في المعالجة بالاغتسال مناسبة لا تأباها العقول الصحيحة ، فهذا ترياق سم الحية يؤخذ من لحمها ?
، وهذا علاج النفس الغضبية توضع اليد على بدن الغضبان فيسكن ، فكأن أثر تلك العين كشعلة نار وقعت على جسد ففي الاغتسال إطفاء لتلك الشعلة .
ثم لما كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر في المواضع الرقيقة من الجسد لشدة النفوذ فيها ولا شيء أرق من المغابن فكان في غسلها إبطال لعملها ، ولا سيما أن للأرواح الشيطانية في تلك المواضع اختصاصا ، وفيه أيضا وصول أثر الغسل إلى القلب من أرق المواضع وأسرعها نفاذا .
فتنطفئ تلك النار التي أثارتها العين بهذا الماء وهذا الغسل المأمور به ينفع بعد استحكام النظرة ، فأما عند الإصابة وقبل الاستحكام فقد أرشد الشارع إلى ما يدفعه بقوله في قصة سهل بن حنيف المذكورة كما مضى : ألا بركت عليه .
وفي رواية ابن ماجه فليدع بالبركة ، ومثله عند ابن السني من حديث عامر بن ربيعة .
وأخرجه البزار وابن السني من حديث أنس رفعه : " من رأى شيئا فأعجبه فقال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره " .
المكتبة الشاملة - تحفة الأحوذي