_ المتن :
وقوله : ** بسم الله الرحمن الرحيم ** ،
** ربّنا وسعت كلّ شيء رّحمة وعلما **
سورة غافر 7
** وكان بالمؤمنين رحيما **
سورة الأحزاب 43
** ورحمتي وسعت كلّ شيء **
سورة الأعراف 156
** كتب ربّكم على نفسه الرّحمة **
سورة الأنعام 54
** وهو الغفور الرّحيم **
سورة يونس 107
** فالله خير حافظاً وهو أرحم الرّاحمين ** .
سورة يوسف 64
_ الشرح :
وقوله : ( بسم الله الرحمن الرحيم) تقدم تفسيرها في أول الكتاب .
ومناسبة ذكرها هنا
أن فيها إثبات الرحمة لله تعالى
صفة من صفاته
كما في الآيات المذكورة بعدها .
قال الإمام ابن القيم : ( الرحمٰن )
دال على الصفة القائمة به سبحانه
و( الرحيم ) دال على تَعَلُقِها بالمرحوم
كما قال تعالى : ( وكان بالمؤمنين رحيما )
ولم يجيء قط : رحمٰن بهم
وكان الأول للوصف والثاني للفعل
فالأول دال على أن الرحمة وصفه
والثاني دال على أنه
يرحم خلقه برحمته . اهـ .
قوله :
( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً )
هذا حكاية عن الملائكة الذين يحملون العرش ومن حوله أنهم يستغفرون للذين آمنوا
فيقولون :
( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً)
أي : وَسِعَتْ رَحمتُك وعِلمُك كل شيء
فـ ( رحمة وعلما ) منصوبان على التمييز المحول عن الفاعل .
وفي ذلك دليل على سعة رحمة الله
وشمولها .
فما من مسلم ولا كافر إلا وقد نالته
رحمة الله في الدنيا .
وأما الآخرة فتختص بالمؤمنين .
وقوله : ( وكان بالمؤمنين رحيما )
هذا إخبار من الله سبحانه أنه
رحيم بالمؤمنين
يرحمهم في الدنيا والآخرة .
أما في الدنيا فإنه هداهم إلى الحق
الذي جَهِلَه غَيرهُم وبصرهم الطريق
الذي ضل عنه غيرهم .
وأما رَحمتُه بهم في الآخرة
فآمَنَهُم من الفزع الأكبر
ويدخلهم الجنة .
وقوله : ( كتب ربكم على نفسه الرحمة )
أي : أوجبها على نفسه الكريمة
تَفَضُلاً منه وإحساناً.
وهذه الكتابة كونية قدرية
لم يوجبها عليه أحد .
وقوله : ( وهو الغفور الرحيم )
يخبر سبحانه عن نفسه
أنه مُتصفٌ بالمغفرة والرحمة
لمن تاب إليه وتوكل عليه
ولو من أي ذنب كان كالشرك
فإنه يتوب عليه ويغفر له ويرحمه .
وقوله تعالى : ( فالله خير حافظا )
هذا مما حكاه الله تعالى عن نبيه يعقوب عليه السلام حينما طَلبَ منه بَنُوه أن
يُرسل معهم أخاهم ،
وتعهدوا بحفظه ،
فقال لهم :
إن حفظ الله سبحانه له
خير من حفظكم .
وهذا تفويضٌ من يعقوب
إلى الله في حفظ ابنه ،
ومن أسمائه تعالى الحفيظ الذي يحفظُ
عباده بحفظِه العام من الهلاك
والعَطَب ويحفظ عليهم أعمالهم .
ويحفظ عبادَه المؤمنين بحفظه الخاص
عما يفسد إيمانهم وعما يضرهم
في دينهم ودنياهم .
الشاهد من الآيات الكريمة : أن فيها
وصف الله سبحانه وتعالى
بالرحمة
والمغفرة
على ما يليق بجلاله كسائر صفاته .
وفيها الرد على
الجهمية
والمعتزلة
ونحوهم ممن يَنفون عن الله اتصافه
بالرحمة والمغفرة .
فِرَاراً من التَشْبيه بزعمهم
قالوا : لأن المخلوق يوصف بالرحمة .
وتَأوَلوا هذه الآيات على المجاز
وهذا باطل ، لأن الله سبحانه أثبت
لنفسه هذه الصفة .
ورحمتُه سبحانه ليست كرحمة المخلوق
حتى يلزم التشبيه كما يزعمون
فإن الله تعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) والاتفاق في الاسم
لا يقتضي الاتفاق في المسمى ،
فللخالق صفات تليق به وتختص به
وللمخلوق صفات تليق به
وتختص به
والله أعلم .
( يتبع ) ...................