صيغ التكبير لصلاة العيد
السؤال
في التكبير الجماعي بعد الصلاة في العيد نجد صيغا مختلفة، ففي بعض المساجد في مصر يتبعون التكبير بالصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آل سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا محمد وعلى أنصار سيدنا محمد وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا، وذلك في جماعة، فهل هذا جائز؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالتكبير بصورة جماعية في العيدين من المسائل التي وقع فيها الخلاف: فذهب بعض العلماء إلى عدم مشروعيته.
ولكن الراجح عندنا جوازه وأنه لا حرج فيه، قَالَ الشّاَفعيُّ ـ رحمه الله: فإذا رَأَوْا هِلاَلَ شَوَّالٍ أَحْبَبْتُ أَنْ يُكَبِّرَ الناس جَمَاعَةً وَفُرَادَى في الْمَسْجِدِ وَالأَسْوَاقِ وَالطُّرُقِ وَالْمَنَازِلِ وَمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ ـ في كل حَالٍ ـ وَأَيْنَ كَانُوا وَأَنْ يُظْهِرُوا التَّكْبِيرَ وَلاَ يَزَالُونَ يُكَبِّرُونَ حتى يَغْدُوَا إلَى الْمُصَلَّى وَبَعْدَ الْغُدُوِّ حتى يَخْرُجَ الإِمَامُ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ يَدَعُوا التَّكْبِيرَ، وَكَذَلِكَ أُحِبُّ في لَيْلَةِ الأَضْحَى لِمَنْ لم يَحُجَّ، فَأَمَّا الْحَاجُّ فَذِكْرُهُ التَّلْبِيَةُ.
انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 7335 .
وأما صيغ التكبير: فالأمر فيها واسع، ومهما كبر به مما ورد عن السلف فحسن، قال ابن القيم في الهدي: ويُذكر عنه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يُكبِّر من صلاة الفجر يومَ عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق فيقول: اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ، لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، والله أكْبَرُ الله أكبر ولِلَّهِ الحَمْدُ، وهذا وإن كان لا يصح إسناده، فالعمل عليه، ولفظه هكذا يشفع التكبير، وأما كونه ثلاثاً، فإنما رُوى عن جابر وابن عباس مِن فعلهما ثلاثاً فقط، وكِلاهما حسن.
قال الشافعي: إن زاد فقال: الله أكبرُ كبيراً، والحمدُ للَّه كثيراًَ، وسُبْحانَ اللهِ بُكرةً وأصيلاً، لا إلهَ إلا اللهُ، ولا نعبدُ إلا إيَّاه، مخلصين له الدِّينَ ولو كره الكافرون، لا إله إلا اللهُ وحدَهُ، صدَقَ وعده، ونصرَ عبدَه، وهزم الأحزابَ وحده، لا إله إلا الله واللهُ أكبرُـ كان حسناً.
انتهى.
وقال الصنعاني في سبل السلام: وَفِي الشَّرْحِ صِفَاتٌ كَثِيرَةٌ وَاسْتِحْسَانَاتٌ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى التَّوْسِعَةِ فِي الْأَمْرِ، وَإِطْلَاقُ الْآيَةِ يَقْتَضِي ذَلِكَ.
انتهى.
وقال الحافظ في الفتح: وأما صيغة التكبير فأصح ما ورد فيه ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان قال: كبروا الله: الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا.
ونقل عن سعيد بن جبير ومجاهد وعبد الرحمن بن أبي ليلى ـ وهو قول الشافعي ـ وزاد ولله الحمد.
وقيل: يكبر ثلاثا ويزيد لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلخ.
وقيل: يكبر ثنتين بعدهما: لا إله الا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، جاء ذلك عن عمر وعن ابن مسعود نحوه وبه قال أحمد وإسحاق.
وقد أحدث في هذا الزمان زيادة في ذلك لا أصل لها.
انتهى.
وأما زيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه: فقد استحسنها بعض أهل العلم لعدم منافاتها للوارد وخالفهم آخرون، جاء في حواشي التحفة في بيان خلاف فقهاء الشافعية في هذه المسألة: صَرِيحُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا تُنْدَبُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ التَّكْبِيرِ، لَكِنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بَيْنَ النَّاسِ بِإِتيَانِهِمْ بِهَا بَعْدَ تَمَامِ التَّكْبِيرِ، وَلَوْ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِهَا عَمَلًا بِظَاهِرِ: رَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ.
وَعَمَلًا بِقَوْلِهِمْ: إنَّ مَعْنَاهُ: لَا أُذْكَرُ إلَّا وَتُذْكَرُ مَعِي.
لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا.
ع ش ـ عِبَارَةُ شَيْخِنَا: وَتُسَنُّ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَنْصَارِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ انتهى.
ونقل النووي في المجموع عن الشافعي أنه قال في المختصر: وما زاد من ذكر الله فحسن.
وكلام الشيخ ابن جبرين ـ رحمه الله ـ يدل على أنه لا بأس بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التكبير فقد جاء في فتاواه: فيسن للمسلمين إظهار التكبير والجهر به، فهو من شعائر ذلك اليوم، وصفته: الله أكبر الله أكبر الله أكبر،لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
وإن شاء قال: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً أصيلا، وتعالى الله جباراً قديراً، وصلى الله على محمد النبي وسلم تسليماً كبيراً، أو نحو ذلك من التكبير.
انتهى.
وبما تقدم نخلص إلى أن هذه الزيادة مختلف فيها والأولى تركها والاقتصار على ما ورد عن السلف فهو أفضل وأطيب، وخروجا من خلاف من لم ير مشروعيتها، وأن زيادتها من الأمور التي لا تنكر على من جاء بها، فإن الأمر في هذا واسع ـ كما رأيت ـ في كلام العلماء المتقدم، والمسألة من مسائل الاجتهاد.
والله أعلم.
مركز الفتوى "إسلام ويب"