الأخطاء الجلية لمعالجي الرقية الشرعية
إعداد عبد الرحيم عبده محمد الحوري
جهة العمل: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
يعمد بعض المعالجين لاستخدام أسلوب الخنق ، أو الخنق الخاطئ في العلاج والاستشفاء ، وقد يؤدي ذلك إلى منع وصول الدم لبعض الخلايا في الدماغ ، مما قد يتسبب في قتل تلك الخلايا ، والتي تؤثر بدورها على المخ ، أو التسبب بمنع وصول الهواء للجهاز التنفسي والرئة ، وهذا الإجراء قد يؤدي أحيانا إلى موت المريض ، أو حصول مضاعفات سلبية متعلقة بالحالة المرضية قد تظهر أعراضها في المستقبل مع مرور الزمن ، كما بين ذلك بعض الأطباء الأخصائيين 0
يقول الدكتور حسني مؤذن الأستاذ بجامعة أم القرى : ( ما يتعرض له المرضى من أذى نتيجة للضرب المبرح والخنق ، الذي فيه منع للدم من أن يصل إلى المخ ، والهواء من أن يصل إلى الرئة ، دون التمييز الصحي بين أحوال المرضى ، إذ أن محور العملية العلاجية يكمن في جعل المريض يتكلم بشخصية الجني ، حتى ولو كلفهم ذلك حياة المريض بدعوى أن الضرب لا يقع إلا على الجني ولعلكم تسمعون وتقرأون في الصحف من فترة لأخرى عن وفاة أطفال أبرياء أو كبار بسبب ضرب المعالِجين بغرض استنطاق الجن )
يقول الأستاذ علي بن محمد ياسين : ( وأما فيما يتعلق بالخنق فإننا نجد أن البعض ممن يستخدمون هذه الطريقة يعتمدون على أحاديث نبوية يضعونها في غير موضعها - وساق جملة من الأحاديث - إلى أن قال :
أولاً : لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه استخدم الخنق في إخراج الجن من بدن الممسوس 0
ثانياً : الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – خنق جناً ولم يخنق إنساً 0
ثالثاً : من أين لنا الجزم أن هناك جنياً في بدن المريض ؟! وكيف نستطيع أن نعرف إذا كان الخنق يقع عليه أو على المريض 0
رابعاً:لوكان الخنق يجدي في إخراج الشيطان( القرين )من الجسد،لخنق كل منا نفسه أو أخاه لكي يخلصه من هذا العدو اللدود
خامساً:إن في استخدام الخنق لإخراج الجن من بدن المريض، ضرراً أعظم من ضرر بقائه ، لما يسببه الخنق من أضرار عظيمة)[[4]
قلت : العلة في منع استخدام هذا الأسلوب لا يعزى لكثير من النقاط التي ذكرها الكاتب - وفقه الله للخير فيما ذهب إليه – فكافة المسائل المدونه إما أن تتبع الأساليب الحسية في العلاج والاستشفاء وهذه بطبيعة الحال لا تحتاج لدليل خاص به ، أو أنها ناتجة عن جهل من قبل المعالِج في التعامل مع المرضى ، ومثل هذا الجهل لا يبنى عليه أساس ، وإنما علة التحريم يمكن أن يشار إليها من خلال القاعدتين الفقهيتين المشهورتين ( الضرر لا يزال بمثله )[5]
،وكذلك ( إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما )
ويستفاد من هاتين القاعدتين ، أن المعالِج لا ينبغي أن يلجأ إلى بعض الوسائل والأساليب العلاجية المخطرة على جسم المريض ، إذا كانت تفضي إلى ضرر مماثل للضرر النازل بالمريض ، فكيف إن كان استخدام أسلوب خطير كالخنق وفي هذا الاستخدام مضرة أشد من مضرة المرض الذي يشكو منه المريض 0
يقول الدكتور حلمي عبدالحافظ داود استشاري الأمراض العصبية في مجمع الرياض الطبي : ( قد يؤدي الخنق إلى :
1)- إغلاق مجاري الهواء العليا عن طريق الضغط على الحنجرة وذلك يؤدي إلى انقطاع مفاجئ في كمية الهواء المتدفقة إلى الرئتين ، وبالتالي عدم أكسدة الدم وانخفاض كمية الأكسجين الموجودة في الهيموجلوبين ، وبالتالي نقص الأكسجين المتدفق على الدماغ من خلال الدم ، مما يؤدي إلى الموت اختناقاً 0
2)- إغلاق شرايين الدم التي تحمل الدم إلى الدماغ ( الشريان السباتي الأيمن والأيسر ) مما يؤدي إلى ما يسمى بالموت الدماغي ، عند انقطاع تدفق الدم أكثر من ثلاث دقائق ، ويكون بصورة تلف في خلايا الدماغ ،وفي بعض الأحيان قد يحدث جلطة في المخ تؤدي إلى شلل نصفي كامل بسبب انفصال بعض جلطات الدم الموجودة على جدران الشريان )
ومن خلال النقولات آنفة الذكر يتضح جلياً عدم جواز استخدام أسلوب الخنق في العلاج والاستشفاء لما قد يترتب على استخدام هذا الأسلوب من مضاعفات على الحالة المرضية ، ويكفي القاعدة الفقهية ( المصالح والمفاسد ) في تحريم استخدام هذا الأسلوب ، حيث أن المفسدة المترتبة على ذلك عظيمة جداً ، والله تعالى أعلم 0
4ـ المبالغة في الضرب على جسد المريض و أحيانا يكون الضرب لدرجة الموت يضربون المرضى بالمس ضربا مبرحا ومن المعلوم أن من الجن من له خبرة في مخادعة القراء فتجده يتكلم على لسان المصروع ولكنه لم يحضر على جسده حضورا كاملا ، فلو ضرب فإنما يقع الضرب على المصروع ، بعض الجن يحضر حضوراً كاملا ولكنه خبيث ماكر يترك المعالج يضربه المرة والثانية والمصروع لا يشعر بالضرب ، ولكن الخبيث سرعان ما يتنصل خلال الضرب فيقع الضرب على المصروع ، وغالبا ما يسبب الرعب والخوف للمرضى فيرفضون العلاج مرة أخرى لأنهم سوف يظنون أن العلاج بالقران ما هو إلا ضربٌ بالعصا .
، فينبغي أن تتأكد من أن المريض مصابٌ بمس من الجن ، فإن حضر الجني على المصاب فأمره بالخروج من بدن المصروع بدون ضرب ، فإن وافق فالحمد لله ، وإن امتنع عن الخروج استعمل معه أسلوب الدعوة بالترغيب والترهيب فهو أنجع الأساليب التي يقتنع بها الجن بأنواعهم ، إذا رفض قبول الدعوة والنصيحة إستمر معه بالرقية ، فإنه سوف يضعف ويكون أقبل للنصيحة من ذي قبل فإن رفض ، فإن الله سبحانه وتعالى أعطانا كتابا لو أُنزل على جبل لصدعه ، بل يوجد من الجن من يتعمد سباب وشتم الراقي حتى ينشغل بضربه وينصرف عن التركيز في قراءة الرقية . وإذا كان لابد من الضرب فلا بد أن يكون طرقا خفيفا ، وتأكد من حضور الجني حضورا كاملا واضرب على الأكتاف والأرداف والأطراف ، وتأكد أن المصاب ليس في جسده عملية جراحية أو جرح ، وتأكد إن كانت امرأة أنها ليست بحامل، مع التنيبه على أن الضرب على الصدر والظهر يكون مع الرجال والمحارم من النساء ، وبدل الضرب يمكن للمعالج أن يضع يده ( مع الرجال والمحارم فقط ) عند الرقية على أماكن لها تأثيرٌ شديدٌ على الجني ، في أي مكان كان داخل جسد المصروع وهذه الأماكن هي :
* جانبي الجبهة ( الاصداغ ) * أوسط الرأس * بين الحاجبين والأنف ( جذر الأنف ) * فوق منطقة أوسط البطن .
* بين الإبهام والسبابة أو يمسك السبابة * الضغط على الحاجبين * خلف الأذن .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :
قد يحتاج في إبراء المصروع ودفع الجن عنه إلى الضرب فيضرب ضربا كثيراً جدا، والضرب إنما يقع على الجني ولا يحس به المصروع حتى يفيق ويخبر أنه لم يحس بشيء من ذلك ولا يؤثر في بدنه (1).
ولقد ورد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يضرب المصاب بمس من الجن بيده الشريفة ، ولكن مع الأسف الشديد فهم كثيرٌ من طلبة العلم أسلوب الضرب فهما خاطئا ، وهذا لربما رجع بعض القراء إلى نصوص من السنة وأقوال لبعض السلف ولكن لقلة العلم الشرعى أو الجهل أو عدم الرجوع إلى العلماء لفهم النصوص جعلهم فهمونا فهما خاطئا ويأولونها حسب هواهم فوقعوا فى المحظور ، ولذلك من باب الأمانة لا بد لإرجاع كل مسألة ما إلى أهلها وأصحابها من العلماء والأطباء لدراستها وإنزال قواعد الشريعة عليها إذا لم توجد نصوص صريحة أشارت إليها .
5ـ إرهاق بعض المعالجين للمرضى بقراءة القرآن بشكل كبير لا يطيقه المريض فيبدأ المريض متشجعا ثم بعد ذلك يقف فلا يقرأ شيء من القرآن ، والمريض يحتاج مساعدة وتشجيع وإلا فما الفائدة من إتيانه إليك ، وفى نفس الوقت المرض فى البداية لا يساعده على المواظبة والإستمرار وقراءة هذا الكم الهائل من القرآن، ولكن الأمور تحتاج على تدرج .
6ـ بعض المعالجين لديهم اعتقادات فاسدة يوهمون بها المرضى بأن لهم قدرات ليست متوفرة عند أحد غيرهم فهم يدعون أن لديهم القدرة سواء في تجميع الجني في عضو معين كالإصبع الكبير في القدم وإخراجه عن طريق الوخز و هذا فيه تلبيس من الشيطان على المعالج و تلبيس من المعالج على المرضى ليثبت لنفسه التميز عن غيره .
7ـ يستخدم بعض المعالجين آلات توصل بالكهرباء فيقومون بحرق المريض حرقا كحرق النار ظانين أنهم بهذا الحرق سوف يخرجون الجني المتلبس من ذلك الجسد و هذه الممارسة ممارسة باطلة وهذا الفعل لا يجوز لسببين رئيسين :
أولاً : إن في ذلك مخالفة صريحة للنصوص الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث ورد النص بتحريم الحرق بالنار سواء كان الأمر يتعلق بالإنس أو الجن على السواء ، لأن النار لا يعذب بها إلا رب النار ، فقد ثبت من حديث حمزة الأسلمي -رضي الله عنه- قال : ( إن رسول r أمّره على سرية ، قال : فخرجت فيها ، وقال : " إن وجدتم فلانا فاحرقوه بالنار " فوليت فناداني فرجعت إليه ، فقال : " إن وجدتم فلانا فاقتلوه ، ولا تحرقوه ، فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار )