الذكر والاستغفار عبادة لا يصِّحَانِ إلا بتوقيف
السؤال الثاني من الفتوى رقم: (19886) من فتاوى اللجنة الدائمة.
س 2: هل يجوز أن يُقال: (أستغفر الله عدد ما خلق)؟
ج 2: الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم أنه كان يقول: «سبحان الله عدد خلقه» (1)، فقد روىٰ مسلم في صحيحه عن ابن عباس عن جويرية «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلَّى الصبح، وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحىٰ وهي جالسة؛ فقال: ((ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟!)) قالت: نعم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وُزِنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهنَّ: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته » (2) (3).
وفي لفظ لمسلم أيضًا: عن ابن عباس -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((سبحان الله عدد خلقه سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلمات)) (4) .
أما الاستغفار: فالثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر الاستغفار، وأنه كان يستغفر الله في اليوم مائة مرة، وقد جاءت الآيات والأحاديث في الحث على الاستغفار وفضل المستغفرين؛ فقال الله تعالى: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ (5)، وقال تعالى: ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ (6) الآية.
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه شداد بن أوس -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إلهَ إلاَّ أنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأبُوءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، فَإنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ أنْتَ.)) قال: ((مَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي؛ فَهُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ، وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ؛ فَهُوَ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ.)) (3) أخرجه البخاري في (صحيحه) ، وأخرج الترمذي والنسائي والإمام أحمد نحوه .
فيشرع لكل مسلم ومسلمة أن يحرص على أن لا يفوته هٰذا الفضل الكبير والثواب العظيم، وأن يقتصر علىٰ ما ورد عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأما الصيغة المذكورة في السؤال فلا أصل لها بهٰذا اللفظ، فالأولى تركها؛ لأن الذكر والاستغفار عبادة لا يصحان إلا بتوقيف.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرابط من مدونة: (الانتقاء من درر فتاوى العلماء)
من هــنا
__________
(1) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2726),سنن الترمذي الدعوات (3555),سنن النسائي السهو (1352),سنن ابن ماجه الأدب (3808),مسند أحمد بن حنبل (6/430).
(2) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2726),سنن الترمذي الدعوات (3555),سنن النسائي السهو (1352),سنن ابن ماجه الأدب (3808),مسند أحمد بن حنبل (6/430).
(3) أحمد 1 / 258 ، 353 ، 6 / 325 ، 430 ، والبخاري في (الأدب المفرد) ص 225- 226 برقم (647) ، ومسلم 4 / 2090برقم (2726) ، وأبو داود 2 / 171 برقم (1503) ، والترمذي 5 / 556 برقم (3555) ، والنسائي في (المجتبى) 3 / 77 برقم (1352) ، وفي (عمل اليوم والليلة) ص 212- 214 برقم (161- 165) ، وابن ماجه 2 / 1251-1252 برقم (3808) .
(4) صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2726),سنن الترمذي الدعوات (3555),سنن النسائي السهو (1352),سنن ابن ماجه الأدب (3808),مسند أحمد بن حنبل (6/430).
(1) سورة آل عمران الآية 17
(2) سورة هود الآية 3
(3) رواه من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه : أحمد 4 / 122 ، 125 ، والبخاري في (الصحيح) 7 / 145 ، 150 ، وفي (الأدب المفرد) ص / 216 برقم (617) ، والترمذي 5 / 467- 468 برقم (3393) ، والنسائي 8 / 279 برقم (5522) ، وابن أبي شيبة 10 / 296 ، وابن حبان 3 / 212 ، 213 برقم (932 ، 933) ، والحاكم 2 / 458
منقول