وتوبة العبد إلى ربه محفوفة بتوبة من الله عليه قبلها،و بعدها
قال ابن القيم في [مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين] (313/1)
وتوبة العبد إلى ربه محفوفة بتوبة من الله عليه قبلها،و توبة منه بعدها، فتوبته بين توبتين من الله سابقة ولاحقة فإنه تاب عليه أولا [إذنا و توفيقا و إلهاما] فتاب العبد فتاب الله عليه ثانيا [قبولاً وإثابةً].
قال الله سبحانه وتعالى (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤف رحيم * وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم ) فأخبر سبحانه أن توبته عليهم سبقت توبتَهم وأنها هي التي جعلتهم تائبين فكانت سببا ومقتضيا لتوبتهم فدل على أنهم ما تابوا حتى تاب الله تعالى عليهم ،والحكم ينتفي لانتفاء علته.
ونظير هذا : هدايته لعبده قبل الاهتداء فيهتدي بهدايته فتوجب له تلك الهداية هدايةً أخرى يثيبه الله بها هداية ًعلى هدايته فإن من ثواب الهدى الهدى بعده .
كما أن من عقوبة الضلالةِ : الضلالة بعدها
قال الله تعالى : (والذين اهتدوا زادهم هدى) فهداهم أولا فاهتدوا فزادهم هدى ثانيا.
وعكسه في أهل الزيغ كقوله تعالى :( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) فهذه الإزاغة الثانية عقوبة لهم على زيغهم .
وهذا القدر من سر اسميه الأول والآخر فهو المعد وهو الممد ومنه السبب والمسبب وهو الذي يعيذ من نفسه بنفسه كما قال أعرف الخلق به : (وأعوذ بك منك)
والعبد تواب والله تواب فتوبة العبد : رجوعه إلى سيده بعد الإباق وتوبة الله نوعان : [إذن وتوفيق] و [قبول وإمداد].اهـ