للشيخ / عبدالله بن صالح القصير
الحمد لله رب العالمين الذي أتقن ما صنع وأحكم ما شرع، وأغنى وأقنى، وأثاب فأوفى، أما بعد:
فإن فريضة الزكاة ونافلتها شرعتا لحكم عظيمة ومقاصد كريمة فإن في الزكاة تزكية لنفس مخرجها ولعمله وماله من وجوه عده:
فهي تزكي باذلها بتقوية إيمانه وحسن ظنه بالله تعالى وتطهر نفسه من خلق البخل والشح ونحوها من الأخلاق الرديئة التي لا تليق بالمؤمن المأمور بالجود بالخير وإنما سميت صدقة لأنها برهان على صدق الإيمان وقوة اليقين والرجاء والتوكل على الله تعالى.
وهي تزكي العمل فتقوي الرغبة في العلم الصالح وصدق التوبة من القبائح لأن الذي يبذل الزكاة خوفا من الله تعالى ورجاء له يحذر من سوء عمله فيتوب إلى الله منه ويجتهد في العمل الصالح رجاء أن يتقبل الله منه ويشكر الله تعالى على إحسانه إليه بالمال وجعله مستخفا فيه ويحسن إلى الخلق ومن أحسن إلى العباد أحسن الله إليه فإن الله تعالى يحب المحسنين.
وهي كذلك تزكي المال فتنميه وتكون سببا لحلول البركة فيه وتذهب شره وشؤمه فإن بقاء حق الناس فيه سبب لشؤمه وشره وتلفه وخروجها منه ووصولها لمستحقها سبب لنمائه وزيادته ودعاء الضعفاء والمساكين لصاحبه بالخير: **وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ** وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أنفق يا ابن آدم ينفق عليك)).
والزكاة مقدار يسير فيما أعطاك الله من الخير الكثير فهي اثنان ونصف في المائة في النقدين والأوراق المالية وكثير من الأموال ولا تجب إلا بمضي الحول في غالب الأموال وبلوغ النصاب وأدناه في الأوراق النقدية قيمة (85) غراما من الذهب أو (595) غراماً من الفضة، فمن ملك هذا القدر من الأوراق النقدية من أي عملة معتبرة وجبت عليه الزكاة وما زاد فهو بحسابه وكون الإنسان جمع المال وادخره لزواج أو بناء أو غيرهما من الأهداف فذلك لا يسقط الزكاة عنه إذا مضى عليه الحول وهو على حاله، وشهر رمضان المبارك من أنسب الأوقات لإخراج الزكاة لأنه يكثر فيه ظهور الفقراء والحاويج بحيث يمكن الإنسان أن يتحرى لزكاته من تكون الزكاة له عونا على طاعة الله تعالى، إضافة إلى أنه شهر تضاعف فيه الأعمال ويضاعف فيه الثواب ويعظم الأجر.
غير أن المرء ينبغي أن يدخر شيئا من زكاته لما بعد رمضان لأن كثيرا من الناس يتفقون على إخراج زكاتهم في رمضان ثم لا يجد الفقراء والمساكين في الأشهر الأخرى من يواسيهم ويتصدق عليهم. والصدقة وقت الحاجة ربما تكون أفضل منها في الزمن الفاضل لقول الله تعالى: **وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ، فَكُّ رَقَبَةٍ، أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ، أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ**.
وهكذا ينبغي للمؤمن أن يهتم بزكاة ماله فيخرج منها في أفضل الأوقات ويغتنم حاجة ذوي الحاجات ويختار لها أفضل الفقراء والمساكين دينا وصلاحا حتى تكون عونا لهم على طاعة الله.لا عادة سنوية تؤدى وتقبض دون مراعاة لمقصودها والحكمة من مشروعيتها.
وفق الله الجميع لصالح القول والعمل وغفر لهم التقصير والزلل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين