الأخ الحبيب ( عماد ) حفظه الله ورعاه
اعلم أخي الحبيب بأن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة محدثة ، وأسوق إليكم أقوال علماء الأمة في ذلك إضافة لكافة الروابط المذكورة من قبل أخونا الحبيب ومشرفنا القدير ( ناصح أمين ) ، وإليكم التفصيل :
( الاحتفال بالمولد النبوي [ نقلاً عن الشيخ صالح الفوزان ] ) :
وإن من جملة ما أحدثه الناس من البدع المنكرة الاحتفال بذكرى المولود النبوي في شهر ربيع الأول , وهم في هذا الاحتفال على أنواع :
أولاً : منهم من يجعله مجرد اجتماع تُقرأ فيه قصة المولد , أو تقدم فيه خطب وقصائد في هذه المناسبة .
ثانياً : ومنهم من يصنع الطعام والحلوى وغير ذلك , ويقدمه لمن حضر.
ثالثاً : ومنهم من يقيمه في المساجد , ومنهم من يقيمه في البيوت .
رابعاً : ومنهم من لا يقتصر على ما ذكر , فيجعل هذا الاجتماع مشتملاً على محرمات ومنكرات من اختلاط الرجال بالنساء والرقص والغناء , أو أعمال شركية كالاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وندائه والاستنصار به على الأعداء وغير ذلك 0
وهو بجميع أنواعه واختلاف أشكاله واختلاف مقاصد فاعليه لا شك ولا ريب أنه بدعة محرمة محدثة أحدثها الشيعة الفاطميون بعد القرون الثلاثة المفضلة لإفساد دين المسلمين . وأول من أظهره بعدهم الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل في آخر القرن السادس أو أول القرن السابع الهجري , كما ذكره المؤرخون كابن خلكان وغيرهما 0
وقال أبو شامة : وكان أول من فعل ذلك بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين , وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره 0
قال الحافظ ابن كثير في : ( البدية والنهاية : 13/137 ) في ترجمة أبي سعيد كزكبوري : ( وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاٌ هائلاً .. إلى أن قال : قال البسط : حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي , وعشرة آلاف دجاجة , ومائة ألف زبدية , وثلاثين صحن حلوى .. إلى أن قال : ويعمل للصوفية سماعاً من الظهر إلى الفجر ويرقض بنفسه معهم ) 0
وقال ابن خلكان في ( وفيات الأعيان : 3/274 ) : ( فإذا كان أول صفر زينوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة , وقعد في كل قبة جوق من الأغاني وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي , ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات (طبقات القباب) حتى رتبوا فيها جوقاً ) 0
وتبطل معايش الناس في تلك المدة ، وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم ... " إلى أن قال : ( فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئاً كثيراً زائداً عن الوصف ، وزفها بجميع ما عنده من الطبول والأغاني والملاهي ، حتى يأتي بها إلى الميدان ... " إلى أن قال : " فإذا كانت ليلة المولد عمل السماعات بعد أن يصلي المغرب في القلعة " 0
فهذا مبدأ حدوث الاحتفال وإحيائه بمناسبة ذكرى المولد ، حدث متأخراً ومقترنأً باللهو والسرف وإضاعة الأموال والأوقات وراء بدعة ما أنزل الله بها من سلطان 0
والذي يليق بالمسلم إنما هو إحياء السنن وإماتة البدع، وألا يقدم على عمل حتى يعلم حكم الله فيه 0
* حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي :
الاحتفال بمناسبة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ممنوع ومردود من عدة وجوه :
أولاً : أنه لم يكن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من سنة خلفائه . وما كان كذلك فهو من البدع الممنوعة 0
ثانياً : في الاحتفال بذكرى المولد تشبه بالنصارى ، لأنهم يحتفلون بذكرى مولد المسيح عليه السلام والتشبه بهم محرم أشد التحريم 0
ثالثاً : أن الاحتفال بذكرى مولد الرسول مع كونه بدعة وتشبهاُ بالنصارى وكل منهما محرم فهو كذلك وسيلة إلى الغلو والمبالغة في تعظيمه حتى يفضي إلى دعائه والاستعانة به من دون الله 0
رابعاً : إن إحياء بدعة المولد يفتح الباب للبدع الأخرى والاشتغال بها عن السنن 0
* مناقشة شبه مقيمي المولد :
هذا ، وقد يتعلق من يرى إحياء هذه البدعة بشبه أوهى من بيوت العنكبوت ، ويمكن حصر هذه الشبه فيما يلي :
أولاُ : دعواهم أن في ذلك تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم :
ثانياً : الاحتجاج بأن هذا عمل كثير من الناس في كثير من البلدان :
ثالثاً : يقولون : إن في إقامة المولد إحياءً لذكرى النبي صلى الله عليه وسلم 0
رابعاً : وقد يقولون : الاحتفال بذكرى المولد النبوي أحدثه ملك عادل عالم ، قصد به التقرب إلى الله !
خامساً : قولهم : إن إقامة المولد من قبيل البدعة الحسنة لأنه ينبئ عن الشكر لله على وجود النبي الكريم !
سادساً : وقالوا أيضاً : أنها أُحدثت أشياء لم يستنكرها السلف ، مثل : جمع القرآن في كتاب واحد ، وكتابة الحديث وتدوينه 0
والجواب عن ذلك أن هذه الأمور لها أصل في الشرع فليست محدثة 0
وجمع القرآن في كتاب واحد له أصل في الشرع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابة القرآن لكن كان مكتوباً متفرقاُ ، فجمعه الصحابة في كتاب واحد حفظأً له 0
سابعاً : قد يقولون : إن الاحتفال بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم ينبئ عن محبته فهو مظهر من مظاهرها ، وإظهار محبته صلى الله عليه وسلم مشروع !
والجواب أن نقول : لا شك أن محبته صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم أعظم من محبة النفس والولد والوالد والناس أجمعين - بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه - ولكن ليس معنى ذلك أن تبتدع في ذلك شيئاً لم يشرعه لنا ، بل محبته تقتضي طاعته واتباعه ، فإن ذلك من أعظم مظاهر محبته ، كما قيل :
لو كان حبك صادقاً لأطعته000000000إن المحبّ لمن يحب مطيع
ومن هنا يتضح أخي الحبيب ( عماد ) أن الاحتفال بالمولد اتلنبوي بدعة محدثة لا يجوز بأي حال من الأحوال التقرب إلى الله بها ظناً أنها عبادة ، ولم يفعل ذلك الخلفاء ولا الصحابة ولا التابعين ولا السلف فأنى بنا فعل ذلك 0
ومن هنا يتضح أن ما بني على باطل فهو باطل ، فلا يجوز بأي حال من الأحوال الاحتفال بعيد النصارى لما ذكر آنفاً ، ولعدم جواز التشبه بالنصارى وقد أجمعت الأدلة النقلية الصريحة الصحيحة على ذلك :
* عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب ) ( متفق عليه ) 0
* عن شداد بن أوس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم ) ( حديث صحيح - صحيح أبو داوود 607 ) 0
* عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بعثت بين يدي الساعة بالسيف ، حتى يعبد الله وحده لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم ) ( حديث صحيح - صحيح الجامع 2831 ) 0
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من تشبه بغيرنا ، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى ، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع ، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف ) ( صحيح بشواهده - السلسلة الصحيحة 2194 ) 0
* عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) ( حديث صحيح - غاية المرام 109 ) 0
ولمزيد من الفائدة حول موضوع البدعة أرجو مراجعة الرابط التالي :
( هل من خطر لـ [ البدعة ] على الفرد والأسرة والمجتمع المسلم )
بارك الله فيكم أخي الحبيب ( عماد ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0