------------------
إنّ في الناس كل حينٍ ودهرٍ على اختلاف أحوالهم ومشاربهم ومآربهم،
حاجةٌ شديدةٌ إلى العلم الشرعي؛ لتقضى به الأحكام، وتسيّر بهِ الحياة
منهجاً ربانياً رشيداً، تبياناً لكلّ شيء وهدى ورحمة!
كيف نثقف النساء دينياً " ؟
الفئة العمرية 18 – 25 سنة
تمهيد:
إنّ في الناس كل حينٍ ودهرٍ على اختلاف أحوالهم ومشاربهم ومآربهم، حاجةٌ شديدةٌ إلى العلم الشرعي؛ لتقضى به الأحكام، وتسيّر بهِ الحياة منهجاً ربانياً رشيداً، تبياناً لكلّ شيء وهدى ورحمة!
ولقد قضى الله علينا في هذا الزمان الذي كثرت فتنه، وعمّ فيه الجهل، ورقّت الديانات واتّبعت الأهواء، أن تكونَ حاجة الناس إليه أشدّ وأعظم، بل وتزيد الحاجة عند من تناط بهنّ تربية النشء، وصناعة جيل غدٍ مشرقٍ يحمل الراية، ويتسامى بالغاية، أنشأته مدارس الأمهات، فصار شعباً طيّب الأعراقِ!
لهذا، فإنّي أقدّم هذه الاقتراحات المتواضعة، بناء على ما أبلغتني بهِ د.حصة بنت عبد الكريم الزيد عن مشروع تثقيف المجتمع دينياً، الذي سيقسّم على فئاتِ المجتمع، ونالني شرف التكليف بكتابة ما يمكن تقديمه لفئة الفتيات العمرية 18 – 25 سنة، داعية الله أن تكونَ في محلّها نافعةً طيّبة مباركة، هذا، والله أسأل إخلاص مبتداها وقبول منتهاها، آمين!
أولاً: الالتحاق بالدروس العلمية:
وهنا مدار الأمر وأصله، وبه حفظِ العلم ونقلَ عبر القرون، لكنّ هذه الطريقة لا تكونُ إلاّ للفتياتِ اللاتي أنشئنَ على حبّ الكتاب، ووجّهن الوجهة الصحيحة في تربيتّهن، ولديهنّ الأرضية الصالحة للالتحاق بالدروس، مع القدرة على التوفيق بينها وبين الدراسة النظامية، والجدية والانتظام، والالتزام بالسمت الحسن، فمن وفقها الله ونالت مثل هذا أو بعضه، فالدروس أوّل طريقٍ وأكمل.
ثانياً: الدورات الشرعية:
هناك من لا تستطيع الانتظام بشكل دائمٍ في الدروس، لأمور كثيرة أبسطها عدم وجود الوقت الكافي، أو عدم توفر مواصلاتٍ دائمة، فهذه يحسن بها الالتحاق بالدورات الشرعية المكثفة، والتي تكونُ غالباً في وقت فراغٍ كالعطلة الصيفية ونحوها، والأفضل أن تمتد لأسبوعين أو ثلاثة، وأن تكون مركـَّـزة شاملة بإشراف أستاذات متخصصات، ولزيادة نظر في هذا، فقد طُبّقت هذه التجربة في بعض المؤسسات الخيرية " كمؤسسة مكّة "، وخرجت الطالبات منها بخيرٍ كثير.
ثالثاً: القراءة الموجّهة:
بعض الفتياتِ في هذا العمرِ تكونُ محبّة للقراءة متابعة لجديد الكتب، لكنّ الغالب أنّ قراءتها لا تكونُ موجّهة وجهة سليمةً تنشئ لها أرضيّة فكرية ودينية متينة
والمدخلُ إلى هؤلاء الفتيات له عدّة طرائق، منها:
التأليف المخصص: بحيث تؤلف كتب موجّهة لهنّ خصيصاً، تناقشُ همومهنّ، وتؤصّل أفكارهن، وتزيد ثقافتهن، ويشترط أن تكون ذاتُ عرضٍ جذاب، وأسلوبٍ سهل سلس، سواء كان الموضوع سلوكياً أو عقدياً بعيداً عن التفصيلات والفروع والخلافات، ليقبلنَ عليها بلهفة وحماس.
نادي القراءة: وهذه الفكرة تمّ تطبيقها في بعض والمكتبات وكذلك المجموعات الدعوية الصغيرة، بحيث يكون هناكَ لقاء شهري تجتمع فيه عضوات النادي لمناقشة جديد الكتب وآخر ما قرأنَ، وللاستعارة وتبادل الكتب بينّهن، والفكرة ناجحة جداً إذا روعيَ فيها اختيار الكتب القوية التي تؤصل العلم الشرعي المرتبط بالقضايا العصرية، ويشترط جدا ًوجود إشراف كفء متابع لنوعية الكتب المطروحة في هذه اللقاءات وتوجيهها.
التوجيه الفردي: وهذا عبء قائم على أهل التربية والتعليم (أو الوالدين) إذا لحظت المعلّمة الواعية في تلميذتها حبّاً للقراءة وتوجهاً نحوها. بحيث تخصّها بالمتابعة، وتسألها عن قراءتها وجديدها، وتقترح عليها أسماء كتبٍ جيدةٍ تناسب ومستواها القرائي.
المجلات: والمجلات المتخصصة في هذا العمر لها دور كبيرٌ في إرساء قواعد الثقافة الدينية، خاصة إذا كانت ذات إخراج جميلٍ وأسلوب مشوّق مع سلامة في المنهج والمسيرة، ومن أمثلة هذه المجلات مجلة "حياة"، التي تقبل عليها الفتيات إقبالاً كبيراً.
رابعاً: التثقيف إلكترونياً:
المجموعات البريدية: في الشبكة العنكبوتية مجموعات بريدية يسجل فيها الشخص، فتصل إلى بريده بعد التسجيل أبرز العلوم والأخبار الخاصة بالمجموعة التي سجّل فيها، فمثلاً هناك مجموعات تعنى بأخبار العالم الإسلامي، ومجموعات بالرياضة، وهناك الفنّ أيضاً وغيره، فلو قام مركز أو مؤسسة دعوية باستحداث مجموعتهم الخاصة – وهي لا تكلف شيئاً – بحيث يرسلون رسائل دورية للمسجلين، تحمل بين طياتها الفكرة الجيدة والأسلوب الشيّق، حتى تنتشر في ربوع الأرض بإذن الله لا تترك بيت مذر ولا وذر إلا دخله العلم والخبر، لا تحده المناطق والمسافات والحدود!
المعاهد الشرعية: أيضاً في الشبكة يوجد معاهد تعليم العلوم الشرعية، تقوم الطالبة بتسجيل اسمها فيه بالمراسلة الإلكترونية، ثمّ يكون لها جدولها الدراسي، بحيث تسمع المحاضرة من الأستاذ من الجهاز، وتقرأ الكتب الموجودة في موقع المعهد، وتمتحن أيضاً، وهي تجربة مثيرة جداً للفتيات لو وجدنَ من يوجههن لها، أو يقوم على معهد مثيل، خاصة مع ما تقدم عما في الإنترنت الفرصة العظيمة للنشر الواسع الذي لا يحدّ بشيء.. ومثال ذلك " معهد الفرقان ".
توزيع أو بيع الأقراص المشوقة، جيل الكومبيوتر يحّب التعامل مع الأقراص بشكل كبير، لذلك .. استخدام الأقراص في التثقيف سيكون وسيلة فعالة، خاصة إذا كان معروضة بشكل احترافي جذاب، ومواضيع مشوقة متنوعة، تلامس الاحتياج الفعلي للفتاة المسلمة.
خامساً: التثقيف بالمسابقات:
والمسابقات لها وهج لا ينطفئ عند الشابات، وتستثير حماسهنّ والفكرة معروفة لكنّ إدراجها تكميلي للبرنامج، ومنها المسابقة على شريط موجّه للفتيات، أو على كتاب يثير حماستهنّ، أو تكون مسابقات عامة. في النهاية .. هو هدف واحد!
سادساً: البرامج التلفازية:
وغالب البرامج الدينية حالياً تعتمد على الوعظِ أو القصص أو الفتاوى العاّمة دون تأصيل قوي واضح، رغم أنّ التلفاز له شريحة واسعة من الفتيات الحريصات على متابعة برامجه، لذلك فإنّ أبرز فكرة يمكن تطبيقها في هذا الجانب، هو البرامج التخصصية، فالبرامج إذا أعدّت وقدّمت بشكل موجه تماماً للفتيات في هذا العمر ستكون ذات تأثير قوي فاعل، سواء كانت على شكلِ مشكلة وحل، أو وعظ، أو محاضرة، أو استشارات، أو تقارير وغير ذلك من الوسائل الإعلامية.
ويمكن أيضاً أن تُشجَّع الفتياتُ على متابعة البرامج الهادفة والقنوات التعليمية، " كقناة المجد العلمية " .. ولو ربط الأمر بمجموعة واحدة تتدارس هذه العلوم فيما بينها لكانت فكرة مبتكرة تتحمس لها الفتيات.
سابعاً: البحوث:
وقد جعلتها متأخرة، لأنّها الأقل عملية بالنسبة للشريحة الكبرى من الفتيات، لكنّ هذه الطريقة نافعة جداً لمن وجدت فيها روح التقليب في الكتب وحبّ البحث وكثرة المطالعة. ولو لم يأتِ من البحوث إلا معرفة أسماء الكتب ونسبتها لمؤلفيها وتوسعة المدارك؛ لكفى!
هذا ما تيسّر لي كتابته والله أعلم ..
منقول