أتردد كثيرا عادة عند الكتابة في هذه المواضيع، ولا أجيد متابعتها وبناء أفكار بخصوصها،
فلا اريد ان اخدع نفسي والآخرين انني فعلت شيئا لفلسطين بمجرد الكتابة عنها !
ولكنني أجد نفسي مضطرة إلى التوقف أمام ظاهرة " الخطاب البائس "،
الخطاب السياسي العربي البائس الذي تتعدد صوره وأشكاله عبر التاريخ العربي المثخن بالهزائم .
ماذا قدم قلمنا للجرح الإسلامي !!
سوى الشعارات والقاء التهم والوصف بالعمالة والخيانة والمؤامرة، وبالتالي الفرقة والانقسام....
في جميع الأزمات والحروب التي عاشتها الامة الإسلامية في هذا العصر ....
نجد الخطاب واحدا يتجه باتجاه واحد،
يفتش فيه الآخ العربي عن الأخ العربي كي يلقي عليه باقة من التهم .
خطاب موحد الصيغة دوما ، يهاجم الذات العربية وينعتها بالخيانة والعمالة ،
وان ماحدث هو بسبب تلك الذات المرتمية في أحضان العدو ،
تلك الذات التي قادت الأمة الى الويلات..
الخطاب الذي يرتد نحو ذاته ويهاجمها ويلقي عليها التهم تلو التهم ،
ليؤجج مشاعر الحقد والكراهية تجاه الجسد العربي .
وبدلا من أن يضع يده على الجرح ، ويعمل لتعزيز قواه ،
ووضع الحد لمسلسل خيباته المتقنة وتخاذله المستمر ،
نجده دوما في نفس الصورة ، :
يقف متناقضا ومتهما لذاته المنكسرة ...
انتقد هذه الخطابات الرنّانة ،
التي تشتد لهجتها عقب اي تصعيد في الاراضي المحتلة في كل مكان ، وتقابل بالتصفيق والهتاف والتطبيل ،
بينما يعتقد اصحابها - انهم دافعوا فيها عن شرف الامة - من الوريد الى الوريد،
ناسين ومتناسين كيف وقعت فلسطين أصلا في يد المحتل ؟
وكأنما " زعيق التخوين" قد اصبح منفسا للتعبير عن" العجز التام " الذي يحيط بنا من الماء الى الماء ..
لا بد من تعديل مسارنا ،
قبل أن نتحول كليا الى مجرد ( ظاهرة صوتية ) متمثلة ( بزعيق وتخوين واتهامات )...
إلى مسار " التثقيف الواعي" ،
لتذكير الناس بأولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، وتعريفهم بأنه أمانة في أعناقهم،
فهي اضعف الايمان بالنسبة الى بعض الشباب المسلم اليوم الذي يقف محتارا ،
يريد ان ينصر إخوانه في كل مكان، خاصة في فلسطين،
فيجد من العراقيل والسدود ما يجد،
ولا يدري ماذا يفعل أمام هذه الفتن التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: "فتن كقطع الليل المظلم".
لا بد من نشر الايمان بأن هذه القضية لا تعتبر قضية فلسطين فقط ، بل ( جرح إسلامي دامي ). .
لا بد للوالد ... والوالدة من ان يشرحوا لأولادهم عن حيفا ... ويافا ... والقدس
خاصة ان الاعلام العربي يستحي من ذكر (هذه المناطق ) الا في مناسبات فريدة !
ولا بد من تعزيز هذه الفكرة في نفوس اطفالنا :
نحقق نصرنا وعزتنا ونحفظ شرفنا وارضنا عندما ننصر ديننا.
قبل ان تجد الشعوب الإسلامية والعربية نفسها في غياهب الاحتلال والاستعمار،
فما حدث لإخواننا اليوم ربما يحدث لنا غدا.
لنكن عمليين .. واقعيين ... مقتنعين ....
بأن (وقت الصحوة والاستفاقة ) قد فاتنا ... وحقن التخدير أتت على سنين كثيرة من عمرنا ،
فطوتها مع ارتال التراخي والتثاؤب....
أبلغ ما يمكن ان نفعله ..هو أن نربي أجيالنا على ضرورة نسيان ( حاضرنا ) والذي سيصبح ( ماضيهم )
وأن يبدأوا بخطوات أكثر رسوخا وعمقا وحكمة وصلابة .
لنكف عن ضجيج خطابات جوفاء .....ولنحاول مع اجيالنا القادمة ... !