استخدام السدر :-
قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( وذكر ابن بطال أن في كتب وهب بن منبه أن يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر ، فيدقه بين حجرين ، ثم يضربه بالماء ، ويقرأ آية الكرسي والقواقل ، ثم يحسو منه ثلاث حسيات ، ثم يغتسل به ، فإنه يذهب عنه كل ما به ، وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله ) ( فتح الباري - 10 / 233 ، أنظر " مصنف عبدالرزاق – 11 / 13 – برقم 19763 ) 0
القواقل : ( السور التي تبدأ بـ ( قل ) وهي : الجن ، الكافرون ، والإخلاص ، الفلق ، والناس ) 0
قال الشيخ سليم الهلالي : ( والقلاقل : هي التي أوائلها " قل " وهي خمس : أولها : سورة الجن ، ولكن المشهور هي أربعة : الكافرون ، والإخلاص ، والمعوذتان ) ( سلسلة الأحاديث التي لا أصل لها - ص 111 ) 0
قال اللالكائي : ( حدثنا محمد بن عثمان قال : حدثنا سعيد بن محمد الحناط قال : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال : سمعت سفيان يذكر عن سليمان بن أمية - شيخ من ثقيف من ولد عروة بن مسعود - دخل على عائشة سمع أمه وجدته :
سمع امرأة تسأل عائشة هل علي جناح أن أزم جملي ؟ قالت : لا 0 قالت : يا أم المؤمنين إنها تعني زوجها قالت : ردوها علي فقالت : ملحة ملحة في النار اغسلوا على أثرها بالماء والسدر ) ( شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة – 7 / 1288 – والأثر برقم ( 2278 ) ، وورد نحو ذلك الأثر عن الإمام البغوي في " شرح السنة " دون الاشارة الى " اغسلوا على أثرها بالماء والسدر – 12 / 189 – 190 ) 0
* ذكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله تعالى - أن علاج السحر بعد وقوعه وهو علاج نافع - بإذن الله - للرجل إذا حبس عن جماع أهله أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل ويقرأ فيها آية الكرسي و [ قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ ] ( سورة الكافرون – الآية 1 ) 0 و [ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ] ( سورة الإخلاص – الآية 1 ) 0 و [ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ] ( سورة الفلق – الآية 1 ) 0 و [ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ] ( سورة الناس – الآية 1 ) 0 وآيات السحر في سورة الأعراف وهي قوله تعالى : [ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ ٍ ]( سورة الأعراف – الآية 117 – 119 ) 0 والآيات في سورة يونس وهي قوله سبحانه : [ وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِى بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ] ( سورة يونس - الآية 79 - 82 ) 0
والآيات في سورة طه : [ قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِىَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِى نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأعْلَى*وَأَلْقِ مَا فِى يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ] ( سورة طه - 65 - 69 ) 0
وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه ثلاث مرات ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء إن شاء الله وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء ) ( مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - 3 / 279 - 280 ) 0
وقد اعترض الشيخ محمد حامد الفقي - رحمه الله - على استخدام السدر بهذه الكيفية فقال : ( مثل هذا لا يعمل به برأي ليث بن أبي سليم ، ولا برأي ابن القيم ، ولا غيرهما ، وإنما يعمل بالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجيء عنه صلى الله عليه وسلم شيء مما يقول ابن أبي سليم ، ولا ابن القيم ، وما ينقل عن وهب بن منبه ، فعلى سنة الإسرائيليين لا على هدي خير المرسلين ، ومن باب هذا التساهل دخلت البدع ثم الشرك الأكبر 0 وعلى المؤمن الناصح لنفسه أن يعض بالنواجد على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم- ويتجنب المحدثات ، وإن كانت عمن يكون ، فكل أحد يؤخذ من قوله ويرد عليه ، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم 0
وأجاب على اعتراضه فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز- رحمه الله - فقال : ( وبين أنه لم ترد أي مخالفة شرعية فيما قاله ابن أبي سليم ،
وأن كلامه داخل تحت الأصول العامة ، فقال : " أقول : اعتراض الشيخ حامد على ما ذكره الشارح عن أبي سليم ووهب بن منبه وابن القيم ليس في محله ، بل هو غلط من الشيخ حامد ، لأن التداوي بالقرآن الكريم ، والسدر ، ونحوه من الأدوية المباحة ، ليس من باب البدع ، بل هو من باب التداوي0وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :" عباد الله ! تداووا ولا تتداوا بحرام "( جزء من حديث أخرجه الدولابي - 2 / 38 ، والحديث ذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " - 5 / 86 -من رواية الطبراني وقال : ( ورجاله ثقات ) - وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الجامع 1762 - السلسلة الصحيحة 1633 ) 0
) 0 ( فتح المجيد - 316 ) 0
يقول فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين –حفظه الله- : ( وكذا رقيت على بعض الأقارب أو الأحباب الذين حبسوا عن نسائهم ، بما ذكره ابن كثير من ورقات السدر ، وقراءة الآيات التي ذكرها ، فوقع الشفاء بإذن الله ) ( مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 237 ) 0
قال الأستاذ عبدالعزيز القحطاني : ( وهذا العلاج –يعني استخدام السدر– أفاد أكثر من مائة حالة كانوا لا يصلون إلى جماع أزواجهم 0 ثم بعضهم كان مسحوراً فانفك عنه ، وبعضهم يخرج منه الدود ، ويكره بعضهم الزواج وكلّما تم عقد القران بطل هذا العقد بدون أسباب ، أو لا يتم التوفيق للآخرين بزواجهم وهكذا من أنواع السحر الذي يعمل ويدس ويسقى لهم دون أن يعلموا ) ( طريق الهداية في درء مخاطر الجن والشياطين - ص 119 - 120 ) 0
0
علما بأن استخدام ماء السدر بالكيفية المشار إليها خاصة في علاج المربوط عن أهله قد أفاد فائدة عظيمة بفضل الله عز وجل ، وكثير من المعالجين يعلم هذه الحقيقة ، وهذا لا يعني اقتصار الفائدة المرجوة على هذا الجانب فحسب فيمكن أن يستخدم للمصروع والمعيون والمسحور بشكل عام ، أما ما ذكره الشيخ عبدالله السدحان :
( بعض العلماء قال بفائدة السدر والاغتسال به للسحر ، وهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هي من تجارب وهب بن منبه ذكره صاحب فتح الباري ، وخاصة السدر لأنه يذكر الجان بسدرة المنتهى التي عندها جنة المأوى ، ويذكر بالسدر المخضود في الجنة ، فيخافون لأنهم أهل مشاعر مرهفة حساسة 0 فاستعمال السدر سواء في السحر أو غيره إيذاء للجان ولا يختص بالسحر وحده ) ( كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية ؟ - ص 62 ) 0
وهذا الكلام مجانب للصواب ويحتاج لوقفة وإعادة نظر ، والقياس المشار إليه لا يوجد له أي دليل نقلي صريح ، فليس هناك أدنى علاقة ما بين سدرة المنتهى والسدر المعني في قول العلماء ، إضافة إلى أنه لا يجوز مثل هذا القياس حيث أن كثير من المعاني التي جاء ذكرها في القرآن الكريم قد تذكر الجن بذاتها ولكن ليس لها أدنى أثر في الاستخدام مع مرضى الاقتران الشيطاني ، وكما أشرت آنفا فالخبرة والدراية أكدت بما لا يدع مجالاً للشك خاصية استخدام السدر ومنفعته في علاج المربوط عن أهله ، وكذلك منفعته في علاج الأمراض الروحية بشكل عام ، وهذا الكلام لا يعني مطلقا الانتقاص من قدر الشيخ ومكانته وخبرته في هذا الجانب إلا أن الحق أحق أن يتبع ، سائلا المولى عز وجل أن يجعلنا من المتبعين للكتاب والسنة ، منافحين ومدافعين عنهما إنه سميع مجيب الدعاء 0
ــــــــــــــــــــــــ
المصدر : السلسلة العلمية نحو موسوعة شرعية في علم الرقى
الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة (8)
تأليف : أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني .