بسم الله الرحمن الرحيم
عالم الجن عالم غيبي دون شك ولكنه عالم حقيقي وقد أخبرنا الله ورسوله عن هذا العالم ، فالجن فيهم طرائق وأحزاب ، منهم الصالحون ومنهم دون ذلك، ومنهم المسلمون ومنهم الكافرون، خلقهم الله تعالى لعبادته قبل أن يخلق الانسان، فهما مشتركان في هذا الواجب .
وفي الوقت ذاته حذرنا الله ورسوله من الشيطان الرجيم، كونه عدو لدود وأبدي للانسان بصفة عامة وللمؤمن بصفة خاصة {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً**.
فمن هنا يتبين لنا خطورة هذا الأمر، وضرورة فقه هذه الحرب القائمة بيننا وبين الشيطان، فالحرب قائمة ولها معالمها وعلاماتها، ولابد بالتالي أن نعد لها العدة اللازمة لكي ننتصر فيها، لأن الانتصار يعني الفوز بالجنة وبرضا الله، والهزيمة معناها خسارة الدين والعقيدة ثم الدخول إلى النار مع ابليس وجنده.
فحينما ندرك هذه الحقائق الخطيرة عن هذه المعركة ومصيرها، فإنه لا يسعنا سوى النهوض بقوة لتحمل مسؤولياتنا اتجاه ديننا، والسعي إلى تطبيق تعاليمه وطاعة الله عز وجل واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن طاعة الله أن نتخذ الشيطان عدواً ، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا سعينا سعياً حثيثاً لجمع كل المعلومات عن هذا العدو لمعرفة مكامن ضعفه لنهاجمه منها وندخل عليه ، وكذلك نتعرف على مكامن قوته لنتفاداها ونتقيها، حتى يُكتب لنا النصر عليه وعلى قبيله .
من هنا كانت الضرورة لتعلم هذا العلم الذي يجمع بين الطب الروحي والطب العضوي بالإضافة إلى العلم المختص بالأعشاب والتغذية، فالمسألة تحتاج إلى عدة اختصاصات، لأن الشيطان له عدة طرق ووسائل يدخل منها إلى جسم الإنسان ليسيطر على عقله وعلى جسده وعلى جميع حواسه، لكي يتمكن في الأخير من تسيير الانسان والتأثير عليه سلباً لخدمة أهدافه وإبعاده عن ربه.
والنصوص الشرعية في هذا الباب أكثر من أن تُحصى، وما يهمنا هنا هو ضرورة استحضار خطورة المسألة من قبل المسلمين، والسعي إلى تعلم هذا العلم الفريد، لكي نتمكن من الانتصار في معركتنا الأبدية مع الشيطان وحزبه.
إن كيد الشيطان ضعيف ولكنه يكون قوياً حينما تكون عقيدتنا ضعيفة أو محرفة، او حينما تكون عزائمنا على مواجهته خائرة ومعنوياتنا مهزوزة، ونحن بصفتنا ندرك حقيقة الشيطان وأهدافه فإننا نملك الأسلحة المضادة لمكائده، على رأسها التقوى والاستقامة على أمر الله، ثم التحصين المستمر ومراقبة الله في السر والعلن حتى لا ندع ثغرة يدخل منها الشيطان ، فهو يتربص بنا ليتمكن من الدخول ونفث سمومه ووساوسه.
فلا بد أن نتعلم كيف نحارب الشيطان وكيف نتخلص من كيده إذا ما نجح في الدخول إلى داخل جسد الانسان.
هذا علم مهم ينبغي على كل مسلم في هذا العصر أن يسعى لتعلمه واكتشاف أسراره، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهو اليوم من أوجب الواجبات بعدما كثرت الفتن وابتعد الناس عن دينهم بل ابتعدوا حتى عن فطرتهم وزاغوا كثيراً عن منهج الله عز وجل.
فالشيطان قد نجح في اختراق أغلب أجساد بني الانسان، والعلم الذي يتخصص في طريقة إخراجه من الجسد وتطهير هذا الجسد من سمومه هو علم غائب أو مغيب عنا لأننا لم نعطه الأهمية الكافية واللازمة ، وبحاجة إلى من يكتشفه ويتعمق فيه، فسلفنا الصالح ومن قبلهم رسولنا الكريم وصحابته من بعده قد تحدثوا كثيراً وبإسهاب عن طرق العلاج ووسائل محاربة الشيطان داخل الجسد ، والشيطان بلا شك عدو الإنسان ويجب على الإنسان محاربته بالسلاح بالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتلاوة والتعويذات والأدعية ينتصرالمسلمون على عدوهم وبالتالي لايبقون ضعفاء أمامه، وتكون لهم السيطرة على مجريات المعركة .
نحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالرجوع إلى هذا العلم والأخذ به حتى ندخل المعركة بنفسية المنتصر، ونملك الوسائل والأسلحة اللازمة لمواجهته والانتصار عليه.