إنها عبادة التــــــــــــــــــــــــــــأمل
تلك العبادة المنسية ........التى تتجلى من خلالها القدرة الإلهية .......................
ما دفعني لأنثر حروفي هنا ......وأسطر كلماتي بعبارات صادقة ...هو إيماني الخالص بعظم هذه العبادة وحاجتنا الماسة في عصرنا الحالي إليها ........
فإبداع الله وروعة الخلق تتجلى في كل ما حولنا .......تكاد تنطق بعظمة الخالق ..سبحان الله ...سبحان الله .......ولكن هل نظرنا إليها ؟؟ هل أدركتها حواسنا ؟؟
فنحن في جميع أفعالنا وتحركاتنا ....لا نرى ما حولنا ....لكن نرى الأفكار التي تتصارع في عقولنا ....تتحدث إلينا طول الطريق ...نخرج من البيت معها ..نركب السيارة معها ...تحدثنا ونحدثها ....جميع حواسنا مشغولة معها ..........
إذن أقول لك قف .......قف ....... تأمل ...وتفكر ...
عبادة التأمل ...والتفكر في خلق الله مارسها الأنبياء فقد كانت عبادة محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة....وكانت عبادة سيدنا إبراهيم عليه السلام
( وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ 75 ) الانعام
فهل جلست يوما في مكان لا سقف له ولا حدود ....انسلخت من جميع أمورك همومك ...وأفكارك ...قل لها عذرا أتركيني برهة لأخلو بنفسي ...وتركت أفكارك تسبح في فضاء واسع من ملكوت الله هنا ....... تأمل ....تأمل ......
ارفع رأسك لأعلى وامسح بعينيك صفحة السماء ...بتركيز ..وبطء ...انظر ..ولكن هذه المرة بقلبـــــــــــــــــك ............وتأمل .....
الشمس الغاربة ...تلملم أطراف أشعتها ...معلنة الرحيل ...تهبط ..تهبط ..متوجة بإكليل من ألوان امتزجت مع بعضها ...أبدعتها قدرة الرحمن في رسم لوحة النهاية لهذا النهار ....
فسبحـــــــــــــــــــــــان الله..........سبحــــــــــــــــــــــــان الله .
تأمل ...تأمل ....عندما يهبط الليل ويرخي سدوله .......ما أجمل السواد الحالك حينما يرصع بقطع متلألئة من النجوم ....تبرق بعضها وتخفت أخرى .....تتجمع بعضها في كتلة معا وتتباعد أخرى .....لوحة جمالية أبدعها الخالق ........هذه السماء الدنيا .....فما بالك ببقية السماوات .......
قال تعالى : ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ .....) الملك (5)
هنا أترك العنان لفكرك... وقلبك... ونظرك... يسرح مع كل مجموعة نجوم ...وكل مجرة في هذا الفضاء الشاسع ....يحلق بعيدا ....ياترى ما حجمنا ؟ ....وأين نحن من هذا الكون ؟ ...
ما هذا الحجم المهول ....وأي قدرة عظيمة قادرة على توجيهه وإدارته بإتقان ...أي خالق عظيم ....إنه الله الواحد الأحد ....
قال تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ 190 الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ 191 ) آل عمران .
الآن انزل رأسك وانظر أمامك .......وتأمل ...هذا البحر العملاق ....تتصارع أمواجه وتتلاطم .....ثم تهدأوتنساب صافية تصافح حبيبات الرمال على الشاطيء ....ثم ترتد عجلى
تأمل ........روعة خلق الله وامتزاج القسوة ........ بالرقة ............
هذا البحر يحطم الصخور العاتية حينا..........ويحنو علىحبيبات الرمل حينا آخر.........
فسبحان من وضع النقيضين في هذا المخلوق .............سبحـــــــــــــــــــان الله .......
قال الله تعالى : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ 53 ) فصلت
والأروع من هذا كله ...التأمل والتفكر بآيات معجزة الله ...القرآن الكريم ...تحمل من المعاني ما ترق به القلوب وتسمو به الروح وتنسكب منه الدموع .............
فتأمل معي كمثال هذه الآية التي عندما أصغي إليها أكاد أذوب خجلا من ربي الذي شبه قلوبنا ...بالحجر ...ثم قال سبحانه ...لا... بل الحجر ربما يكون أحيانا أكثر خشية ورقة ولينا ..........
قال تعالى : ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 74 ) البقرة .
إبداع الله في خلقه كثير .......في الطير ...الشجر ...النمل ...النحل ...الحجر ...البشر .....
لن أستطيع إحاطته في جلسة تأمل واحدة ....إنما يحتاج الى مسلسل طويل من جلسات التأمل .....نستطيع من خلالها الانسلاخ من متطلبات الدنيا وأمورها .....والتفكر في خلق الله لتعميق معنى الوحدانية في القلب ....ونترفع عن عالم الماديات المسيطر على حياتنا .....
والآن انتهت عبادة التأمل ......نعود مرة أخرى لما تركناه من أمور الدنيا برهة ............
ولكن بقلب عامر بالوحدانية .........وروح صافية ............
تحياتي لكم .......ودعواتي لكم بحياة زاخرة بلحظات التأمل .............
القصواء