عصـيّ الدمـع 
 
عمر طرافي البوسعادي 
 
تماديتِ في العصيــــــان يا نفس فارقبي *** جحيما مــــن النيــــران شبّ حــواليا 
 
ألم ترمقي تلك الكلاليب لم تــــزل ْ *** مقــاريضها هبّتْ تسيـــــر حِيــــــاليا ؟ 
 
أما راعكِ الزقــوم جوفي به امتــلا *** وأسـْــنُ الحميـــم مــن غســـــاقٍ سقانيا؟ 
 
وجلدي عراه النضـج هـذا شـُــواظـهُ *** وغسليــنهُ قــد ســال مــن حــرّ ما بيـا 
 
أنـــــادي ولكنْ لا مجيبَ لدعــوتي *** : أفيضـــوا عليَّ المــاء قـــدْ مِتّ ُ صاديـا 
 
وجمــرةُ قعـر النار تجذب منسمــي *** تطير بـلــبّي مــن عقـــاب بــــــدا ليا 
 
أصــيح و أبكي كا لثكالى ودمعـــتي *** تقطّـع أنفاســـــي شهيقــــا تتـــــاليا 
 
ولي في البُكا ندبُ العويــل وصرخــة ٌ *** تمــــزّق في دار الكـــلام حبــــــاليا 
 
زبانيـــــةُ الأهـوال هاهم ترينــهم *** يجرّونني في النــــــــار ندْمـــانَ باكيـا 
 
ألا فاشفقي يا نفــسُ لستُ بقـــــادرٍ *** على أن تـُــشاكي كيف لـــو عشــتِ حاليا ؟! 
 
وإنــــي أراكِ تعرضيـنَ عن الـتقــى *** كأنـــّـكِ لا تدرين جهـــلا مآليــــا ! 
 
تطيعينَ شيطـانا أحبــّكِ عنـــــــوة *** فراح يـدسّ الســــمّ يُــغـوي فؤاديـــا 
 
سقــاكِ بمعسول الحديث تغـــــــزلا *** فلبــّيتُ ما أمــلى هيــاما بــــــرانيا 
 
وإنْ لم تــَـكـُفـــّي عن هواكِ لكيــدهِ *** جنيتُ المعاصــي بالـتـســـتّـر خــافيا 
 
أ ثـــُــمَّ إذا ما قــد زللتُ منعتـــني *** عــذابا عسيــــــرا ..هل ذكرتِ قوافيـا ؟ 
 
إذا كان سلطان الهوى زيف واعـــــــدٍ *** فميعــاد ربـي قد تبـــــــــرّأ خاليا 
 
ووعــد الجليـــل جنـة ٌ طال عرضهـا *** كخطيـن سارا في السطـــــــوح توازيا 
 
هنــــــالكَ ما لا يمكنُ العين وصفــهُ ***و لا أذُنٌ صاختْ لمن كـــــــان صاغيـا 
 
ملاط القصور أذفـر المسك نفحـــــــة ً *** وحيطــانها الإبــريز معْ فضـــّةٍ هيــا
وحصبـاؤها الياقوت أنعــمْ بـتــربـــةٍ *** منَ الزعفــران قد أهــاجتْ خيـــاليــا 
 
و أنهـارها ماءٌ فــراتٌ مرجـــــــرجٌ *** و أنهـار خمــرٍ تنعــــشُ الآنَ باليــا 
 
ومن لبــــــنٍ أخـرى عظيـــم مذاقهـا *** ومن عســلٍ تلكم ، حـلا الشهـْـد صـافيا 
 
وحور الجنــان في الخيــام تقصّـــــرتْ *** لأزواجهـنّ اشتقــنَ عشــنَ صواديـــا 
 
وفيها ..وفيها مـــن مســــرّات أنفـــسٍ *** عديـــدٌ مـن اللـــذات أروتْ أمانيــا 
 
و إن شئتِ يــا نفسُ الزيـادة بهجـــــــةً *** تريــنَ إلهــي للعبـــــاد مدانيا 
 
وما قد أحبّ العبــــدُ شيئا كنظــــــرةٍ *** إلى الله ما أحـــلاهُ هذا التـــــــلاقيا 
 
أسائـل نفسي في القرارة أدمعــــــــــا *** فتأبى وتبقى في الإبــــــــاء كما هيا 
 
تقول : عــصيَّ الدمـــع ..مالكَ حيــــلة *** إذا لم تجاهــدْني غـــــدا الحوبُ دائيـا 
 
لعمـري جهــــاد النفس صعبٌ مــــراسهُ *** بديمـومة الأفعــــال نلـــتَ دوائيـا 
 
فكـــــن عاملا لله سرّا وجهـــــــرةً *** وكــــن عــابدا تحيــي قياما ليـاليا 
 
وكــن عالما مااسْطعتَ فالعلـم ســــــؤددٌ *** تصير سخـــيَّ الدمـع بالكــلّ هاميــا 
 
وحسبـكَ أنّ الله يقبــــــــلُ توبــــةً *** إذا صدقتْ عينــاك تبكي الخواليــــــا 
 
 
 
 
 
تمت بعون الله وتوفيقه يوم : 29يناير 2006م 
شعر الفقير إلى ربه : عمر طرافي البوسعادي / الجزائر