باسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
قف يا زمن
 
قفْ يا زمانُ أبوحُ بالأشجان **** فلعلَّ في الشكوى دواءَ جناني 
قف يا زمانُ أقصُّ ما حَفِلَت به **** أيامُنا من ذلّةٍ وهوانِ 
قفْ يا زمانُ لكي تُقارنَ حالنا **** بالصِيدِ من آبائنا الشجعانِ 
قفْ يا زمانُ أبُثُّك الشكوى التي **** من هولِها يتحدثُ الملوانِ 
نطق الرويبضُ يازمانُ فقل معي **** آهٍ على الآثارِ والقرآنِ 
قوم تلوكُ الفقهَ لوكَ « لُبانةٍ » **** في كلِ مسألةٍ لها قولانِ 
يتهافتون على شِقاقِ نبينا **** والمصلحينَ تهافتَ الذُّبانِ 
لا يأبهونَ بما أتى عن مالكٍ **** والشافعيِّ وأحمدِ الشيباني 
بل ما أتى عن سيد الثقلين ضد **** شذوذِهم يُرمى بدون تواني 
يُرمى بتأويلٍ سخيفٍ بارد **** من باردِ النظراتِ والإيمانِ 
وتجاوزَ الأمرُ الحدودَ جميعَها **** حينَ استباحوا حرمَةَ القرآنِ 
تُصغي لواحدهم فتعجبُ عندما **** يتأولُ القرآنَ بالهذيانِ 
فيقولُ عند الشافعيِ وعندنا **** من أنتَ يا مسكينُ في الميزانِ 
حُبُ النصارى واليهودِ فريضةٌ **** في فقهِ طائفةٍ بذي الأزمانِ ! 
والملحدون وكلُ صاحبِ بدعةٍ **** أضحوا وأصحاب الهدى سيانِ 
ماذا الجفاءُ لغيرنا كلٌّ له **** دينٌ يدينُ بهِ بلا نُكرانِ 
إنْ قلتَ قد جاء الكتابُ ببغضهمْ **** نصٌّ صريحٌ من عظيم الشانِ 
قالوا لنا تتبدل الفتوى على **** مرِّ الزمانِ تبدلَ القمصانِ 
أمّا الغناءُ فقام شهمٌ حاذقٌ **** فأباحَهُ بالنايِ والعيدانِ 
وتعسّفَ الآثارَ دون هوادةٍ **** وتأولَ المقصودَ بالتبيانِ 
وأتاكَ من هذا اللفيفِ جماعةٌ **** ببواقعٍ يندى لها الخدانِ 
قالوا لنا :تليَ الرئاســةَ طَفْلةٌ **** فرعاءُ من عدنانِ أو قحطانِ 
وتدينُ آلافُ الفحولِ لأمرها **** بلْ والشعوبُ تُساقُ كالقطعانِ 
ويجوزُ أن تليَ القضاءَ خريدةٌ **** في جِيدها شَبَهٌ من الغزلانِ 
في حينها لا تأتِ سُــدَّةَ حاكمٍ **** واهجرْ حِماهُمْ أيّما هِجرانِ 
ولتأتِ قاضيةَ النساءِ فإنها **** تُذكي الغرامَ بثديها الفتانِ 
واسمعْ مقالةَ جهبذٍ منهم أتى **** بمصيبةٍ تربوا على ثهلانِ 
لا تتبعوا إن مات منكم مسلمٌ **** هديَ النبيِ المُصطفى العدناني 
لُفّوه في كيسٍ وواروه الثرى **** من دون تغسيلٍ ولا أكفانِ 
قالوا : وكلّ مصيبةٍ في أرضنا **** من هيئةِ المعروف والنكرانِ 
دوماً يصيحون « الصلاةَ» أما لهم **** شغلٌ بغيرِ أذيةِ الجيرانِ 
وفقيهةٌ أُخرى تنادي قومنا **** الرأيُ قبلَ شجاعةِ الشجعانِ 
يا مجلس الشورى تنحّوا واتركوا **** ثُلُثَ الكراسي السودِ للنسوانِ 
والدورةُ الأُخرى تكون ُ جميعُها **** محجوزةً لخديجةٍ وحنانِ 
وهنا يكون الرأيُ رأياً ثاقباً **** يرضى به القاصي ويرضى الداني 
وأتاك جمعٌ في الجرائدِ زمجرتْ **** أقلامُهمْ غضباً على الشِّيخانِ 
قالوا سلبتمْ حقَ ساحرةِ اللّما **** يا ويلكمْ من سطوةِ الدّيانِ 
قلتُمْ لها تبقى حبيسةَ دارِها **** هل تُحْبَسُ الأقمارُ في الأكفانِ 
هذا كلامٌ لا يليقُ بعصرنا **** قدْ كانَ حينَ جهالةِ النسوانِ 
والمَحرمُ المذكورُ في أسفاركم **** يَقْضي على «السِّتاتِ» بالنقصانِ 
ماذا الرّقيبُ كأنها مسلوبةٌ **** لا عقلَ يعقِلُها عن العصيانِ 
دعها تُسافرُ في الفضاءِ وحيدةً **** وتهيمُ سافرةً بكلِّ مكانِ 
هذا الحجابُ يحُدُّ من حركاتها **** في مرقصٍ لكواعبٍ وغواني 
مِنْ عادةِ الأعرابِ ليسَ عبادةً **** فدعوا عوائدَ سالفِ الأزمانِ 
قدْ جوّزَ الشيخُ المهيبُ صلاتَها **** مكشوفةَ الأكتافِ والسيقانِ 
فَلِمَ الخيامُ على مكامنِ حسنِها **** حتّى تُرى في السوقِ كالغربانِ 
دعها تُباشرُ في المطاعمِ كيْ تَرى.. **** يتدافعُ الرّواد كالطوفانِ 
دعها تكونُ مُديرةً ووزيرةً **** وسفيرةً في سائرِ البلدانِ 
دعها تقودُ الجيشَ تدفعُ صائلاً **** وتُقاومُ النيرانِ بالنيرانِ 
لا تعجبنَّ إذا التقيتَ بضابطٍ **** يوماً وفي أحشائهِ طفلانِ 
دعها تقودُ بأرضنا سيارةً **** وتسيرُ سائحةً على الشُطئآنِ 
تَلقى الحبيبَ , وهل تراها أجرمتْ **** يا صاحِ إنْ باتتْ معَ الخلاّنِ ؟ 
دعها تكونُ إمامةً ومؤذناً **** حتّى يبوءَ الجمعُ بالغفرانِ ! 
وترى الشبابَ الفاسدينَ جميعَهم **** خلفَ الإمامَةِ خشيةَ الرحمنِ ! 
أوَما رأيتَ إمامةً غربيةً ؟ **** تاهتْ على الدنيا بحسنِ بيانِ ! 
أثنى عليها ثُلّةٌ من قومنا **** بالفقهِ معروفونَ كالنعمانِ ! 
رفعتْ إلى المأمومِ مأكمةَ الهوى **** فهوى صريعَ الحُبِّ كالسكرانِ 
عجباً لكم يا مسلمونَ ألمْ يحنْ **** وقتٌ يُقامُ العدلُ بالميزانِ ! 
لا تقبلونَ شهادةَ النسوانِ في **** حدٍّ وتزويجٍ وأمرٍ ثاني ! 
وشهادةُ الرجلِ الوحيدِ مُقامَةٌ **** كشهادةِ «السِّتَينِ » يا لِهواني 
وظلمتم الحسناءَ في ميراثِها **** فجعلتمُ الضعفينِ للذكرانِ 
يا معشرَ « الفقهاءِ » فقه جرائدِ **** هلاّ احترمتم شِرعَةَ الرحمنِ 
عجباً لمن يدعو لنهجِ محمّدٍ **** وتغيبُ تحتَ ثيابِهِ القدمانِ 
أمّا اللحى فكأنهم قدْ كُلّفوُا **** بِحِلاقِها في مُحكمِ القرآنِ 
وعِداؤهم دوماً لخيرِ شيوخنا **** من « هيئةِ العلماءِ » في الميدانِ 
بينا تراهم يُحسنونَ تصنّعاً **** لخصومِنا في الدِينِ والديّانِ 
يَصِفُون أمريكا بكلِ جليلةٍ **** ويوبخونَ قتيلها الأفغاني 
هل يا زمانُ رأيتَ مثلَ مُصابِنا **** حتّى أُسلي النفسَ عن أحزاني 
يا دولةَ الحرمينِ عشتِ مُصانةً **** من كيدِ حُسّادٍ ومن فتّانِ 
محفوظةً بالدين ... في جنباتها **** مأوىً لكلِّ معلمٍ رباني 
                       
منقول
 
الدكتور / أحمد ابن عبد الله العمري