السؤال : ما معنى : للحديث شواهد وطرق كثيرة ؟  
 		 	  	  الجواب :
   الحمد لله
   أولاً :
  هذا  التعبير يستعمله علماء الحديث الشريف ، يريدون به بيان أمر مهم في علوم الحديث ،  وهو وجود المتابعات والشواهد للحديث المعين ، إذ من المعلوم أن أصحاب الكتب الستة  والمسانيد إنما يوردون الأحاديث مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، يعني أن  الإمام البخاري مثلا يروي الحديث عن شيخه الذي أخذ عنه ، وذلك الشيخ يروي الحديث عن  شيخه .. ، وهكذا حتى تصل السلسلة إلى الصحابي الذي سمع الحديث من النبي صلى الله  عليه وسلم .
   مثال ذلك : 
  قال  الإمام البخاري رحمه الله في "الجامع الصحيح" ، حديث رقم : (552) : 
   حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (الَّذِي   تَفُوتُهُ   صَلَاةُ   الْعَصْرِ   كَأَنَّمَا   وُتِرَ   أَهْلَهُ   وَمَالَهُ).
   وهذا الإسناد – كما ترى – مهم جدا في معرفة ثبوت الحديث من عدمه ، فالعلماء يبحثون  في سيرة رجال الإسناد ، ودرجة ضبطهم وحفظهم للحديث ، فإذا وجدوا أنهم من الثقات  الحفاظ حكموا على الحديث بالصحة والقبول .
  ثم  إذا وجدوا أن هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قد رواه إمام آخر عن الصحابي  نفسه ، ولكن بإسناد آخر ، قالوا : هذا الإسناد متابع للإسناد الأول ، أو قالوا : إن  للحديث طرقاً عدة . 
   وهذا الحديث الذي مثلنا به ، رواه الإمام مسلم رحمه الله من حديث ابن عمر (626) ،  ولكن بإسناد مختلف عن إسناد الإمام البخاري ، فقال رحمه الله :
   حدثني هارون بن سعيد الأيلي ، قال حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن ابن  شهاب ، عن سالم بن عبد الله عن أبيه – يعني ابن عمر – : إلى آخر الحديث .
   فإسناد الحديث عند الإمام مسلم يسميه العلماء طريقا آخر ، وذلك لأن الصحابي واحد في  الحديثين ، وهو ابن عمر رضي الله عنهما ، وإنما رواه عنه تلميذ آخر من تلاميذه .
  أما  إذا روى واحد من الأئمة هذا الحديث عن صحابي آخر غير ابن عمر ، فهذا يسميه المحدثون  بـ " الشاهد "، فيقولون : للحديث شواهد أخرى .
  وفي  المثال السابق نجد أن الإمام النسائي روى الحديث في "السنن" (478) عن الصحابي  الجليل نوفل بن معاوية رضي الله عنه .
   فقال : أخبرنا سويد بن نصر ، قال أنبأنا عبد الله بن المبارك ، عن حيوة بن شريح ،  قال أنبأنا جعفر بن ربيعة ، أن عراك بن مالك حدثه ، أن نوفل بن معاوية حدثه ، أنه  سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله  وماله ).
   فحديث نوفل بن معاوية هذا يسمى " شاهدا " لحديث ابن عمر السابق ، والعكس أيضا ،  حديث ابن عمر يسمى " شاهدا " لحديث نوفل بن معاوية ، رضي الله عن الجميع .
   وبهذا نفهم معنى قول العلماء : " للحديث شواهد وطرق كثيرة ".
   فالشاهد : أن يروي الحديث عن صحابي آخر .
   والطريق : أن يروي عن الصحابي نفسه ولكن بسند مختلف عن السند الأول .
   ثانياً : 
   يبقى السؤال : ماذا نستفيد من هذه الطرق والشواهد للأحاديث ؟
   فالجواب : يستفاد منها فوائد كثيرة ، منها : 
  1-     معرفة الأخطاء التي قد تقع من بعض الرواة ، وقد قال علي بن المديني رحمه الله :  "الباب إذا لم تُجمَع طُرُقُه لم يَتَبَيَّن خطؤه" انتهى . رواه الخطيب البغدادي في  "الجامع" (2/212) .
  2-     زيادة الاطمئنان إلى صحة الحديث وثبوته ، فالقلب يطمئن إلى صحة الخبر الذي جاء من  طريقين أكثر من اطمئنانه للخبر الوارد من طريق واحد . 
  3-    قد  يأتي الحديث بسند ضعيف ، ولكن تتعدد طرقه وشواهده ، فيرتقي بهذا إلى درجة القبول ،  ويكون حديثاً مقبولاً ، وهذا ما يسميه العلماء : تقوية الأحاديث بالشواهد  والمتابعات ، وهو باب عظيم من أبواب علوم الحديث له شروطه وضوابطه الدقيقة التي يجب  الالتزام بها .
  قال  السخاوي رحمه الله :
   "قال النووي رحمه الله في بعض الأحاديث : وهذه وإن كانت أسانيد مفرداتها ضعيفة  فمجموعها يقوي بعضها بعضاً ، ويصير الحديث حسناً ، ويحتج به ، وسبقه البيهقي في  تقوية الحديث بكثرة الطرق الضعيفة ، وظاهر كلام أبي الحسن بن القطان يرشد إليه ،  فإنه قال : هذا القسم لا يحتج به كله ، بأن يعمل به في فضائل الأعمال ويتوقف عن  العمل به في الأحكام، إلا إذا كثرت طرقه ، أو عضده اتصال عمل ، أو موافقة شاهد صحيح  ، أو ظاهر القرآن ، واستحسنه شيخنا - يعني ابن حجر - وأشار إلى أنَّ مذهب ابن دقيق  العيد التوقف" انتهى .
   "فتح المغيث" (1/69) .
   نرجو أن نكون قد وفقنا لبيان ما سأل عنه السائل بعبارة واضحة سهلة .
   
   والله أعلم .
  http://islamqa.info/ar/ref/128854