اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي)([1]).
(...وَاجْبُرْنِي، وَارْفَعْنِي)([2]).
الشرح:
قوله: (اللَّهم اغفر لي): سؤال اللَّه المغفرة، وهو محو الذنوب، وسترها عن الناس.
قوله: (وارحمني): أي تعطَّف عليَّ، ففيه سؤال اللَّه الرحمة التي تقتضي توالي الخيرات والبر والإحسان والنعم، ففي المغفرة يأمن العبد من كل مرهوب، وفي سؤال الرحمة يفوز العبد بكلّ مرغوب.
قوله: (وعافني): أي سلّمني من جميع الآفات، والفتن، والنجاة من البلايا والمحن في الدين والدنيا والآخرة.
قوله: (وارزقني): أعطني ما ينفعني عطاءً واسعاً بما يغنيني عن سواك، من الرزق الحلال أستعين به على القيام بالتكاليف المطلوبة من الإنفاق على الأهل، والولد، والفقير وغير ذلك، سأل الرزق الذي تقوم به الأبدان، ثم سأل ما به قوام الأرواح، وارزقني العلم والإيمان واليقين، وهذا الأخير أفضل أنواع الرزق الذي يعود نفعه على العبد في الدنيا والآخرة، كما كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (...وارزقني علماً تنفعني به)([3]).
قوله: (واهدني): أرشدني ووفقني للحق الذي الصلاح فيه الحال، والمآل حتى أتوصَّل به إلى أبواب السعادة في الدنيا والآخرة؛ فإن الهداية هديتان: كما سبق هداية علم وبيان، وهداية توفيق ورشد، فالعبد يسألهما ربه عز وجل
قوله صلى الله عليه وسلم (هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك): أي تجمع لك كل الخيرات التي تطلبها في دنياك وآخرتك، وتتضمن الوقاية من كل شر فيهما.
قوله صلى الله عليه وسلم (اجبرني) [سأل اللَّه] أن يجبره لما فيه سدّ حاجته، وأن يردَّ عليه ما ذهب من خير، وأن يعوّضه، ويصلح ما نقص منه، فإن من أسمائه تعالى (الجبار)، (ومن معانيه الجليلة: الذي يجبر الضعيف والكسير، ويغني الفقير، وييسّر كل عسير)([4])، فعندما يدعو العبد به ينبغي أن يستحضر هذه المعاني الجليلة.
قوله: (وارفعني) [سأل اللَّه] أن يرفع قدره في الدنيا والآخرة؛ لحذفه المفعول الذي يفيد العموم، ففي الدنيا من رفع المكانة من الثناء الحسن، والقبول عند الناس، والرفعة في العلم والقدر، وفي الآخرة في الدرجات العُلا في أعالي الجنان.
([1]) مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم 2696، ورقم 2697، وفي رواية لمسلم: (فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك)، وفي سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم 850: قال: (فلما ولَّى الأعرابي قال النبي r: (لقد ملأ يديه من الخير).
([2]) الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما يقول بين السجدتين، برقم 284، وابن ماجه، أبواب إقامة الصلوات، باب ما يقول بين السجدتين، برقم 898، والحاكم، 1/ 271، صحيح ابن ماجه، 1/ 148، وصحيح الترمذي، 1/ 90.
([3]) أخرجه النسائي في السنن الكبرى، كتاب الاستعاذة، الاستعاذة من علم لا ينفع، برقم7808، والحاكم، 1/510، والبيهقي في الدعوات الكبير، 157- 158، والطبراني في الدعاء، برقم1405، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 3151.
([4]) الحق الواضح، ص 77.