عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 12-05-2013, 01:35 PM   #1
معلومات العضو
RachidYamouni
التصفية والتربية

Icon37 لا إكراه في الدين





قال الله تعالى : ** لَا إكْراهَ في الدّينِ قَدْ تَّبَيـّنَ

الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بالطّاغُوتِ ويُؤْمِن

باللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بالعُرْوَةِ الوُثْقَى لَا انْفِصَامَ

لَها واللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * اللهُ وَلِيُّ الّذِينَ ءامَنُوا

يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النّورِ

والّذينَ كَفَرُوا أوْلِيَآؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ

مِّنَ النُّورِ إلى الظُّلُماتِ أُولَئِكَ أصْحابُ النّارِ

هُمْ فيها خالِدونَ ** سورة البقرة 256 - 257


_ قال العلاّمة عبد الرّحمٰن السّعدي رحمه الله
في تفسير كلام المنّان :

يخبر تعالى أنه لا إكراه في الدين لعدم الحاجة إلى الإكراه عليه،

لأن الإكراه

لا يكون إلا على أمر خَفِيَةٌ أعْلامُه،

غامِضَةٌ أثارُه ،

أو أمر في غاية الكراهَةِ للنُفوس،

وأما هذا الدين القويم
والصراط المستقيم
فقد تَبَينت أعلامُه للعُقول،
وظَهرتْ طُرُقه،
وتبين أمْرُه،
وعُرِفَ الرُشدُ من الغي،

فالموفق إذا نظر أدنى نظر إليه
آثره واختاره،
وأما من كان سَيئَ القَصْدِ فاسد الإرادة،

خَبيثَ النفس يَرى الحَقّ
فيختار عليه الباطلَ ،
ويُبصِرُ الحسنَ فيَميل إلى القَبيحِ،

فهذا ليس لله حاجةٌ في إكراهِه على الدين، لعدم النتيجة والفائدة فيه،

والمُكْرَهُ ليس إيمانُه صَحيحاً،
ولا تدل الآية الكريمة على ترك قتال الكفار المحاربين،
وإنما فيها أن حقيقَةَ الدين من حيث هو موجب لقبوله لكل مُنصفٍ
قَصْدُهُ اتباعُ الحَقّ ،

وأما القِتال وعَدَمُه فَلَم تَتَعرض له،
وإنما يؤخذ فرض القتال من نصوص أُخَرْ،

ولكن يستدل في الآية الكريمة على قبول الجزية من غير أهل الكتاب،

كما هو قول كثير من العلماء،

فمن يكفر بالطاغوت فيترك عبادة ما سوى الله وطاعة الشيطان،
ويؤمن بالله إيماناً تاماً أوجَبَ له عبادة ربه وطاعته

** فقد استمسك بالعروة الوثقى **

أي : بالدين القويم الذي ثَبَتَتْ قواعِدُه
ورَسَخَتْ أركانُه،

وكان المتمسك به على ثِقَةٍ مِن أمْرِه،

لكونه اسْتَمْسَك بالعُرْوة الوُثْقَى التي

** لا انفصام لها **

وأما مَنْ عَكسَ القَضية فكفَر باللهِ
وآمن بالطاغوت،

فقد أطْلَقَ هذه العُروةَ الوُثقَى التي بها العِصمة والنّجاة،

واسْتَمْسَكَ بكل باطل مَآلُه إلى الجحيم

** والله سميع عليم **

فيجازي كُلاً منهما بحسب ما عَلِمَهُ منهم من الخير والشر،

وهذا هو الغاية لمن استمسك بالعروة الوثقى ولمن لم يستمسك بها .

ثم ذكر السبب الذي أوصلهم إلى ذلك
فقال : ** الله ولي الذين آمنوا **
وهذا يشمل ولايتهم لربهم،

بأن تَوَلَوْهُ فلا يَبْغون عنه بدَلاً
ولا يُشركون به أحدا،

قد اتّخَذوه حَبيباً ووليا،
ووَالَوْا أولِياءَه
وعادَوا أعداءَه،

فتَولاهُم بِلُطْفِه
ومنَّ عليهم بإحسانه،

فأخرجهم من ظلمات الكفر
والمعاصي
والجهل إلى نور الإيمان

والطاعة والعلم،

وكان جزاؤهم على هذا أن سَلّمَهم
من ظلمات

القبر
والحشر
والقيامة
إلى النعيم المقيم
والراحة
والفُسْحَة
والسرور

** والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت **
فتولوا الشيطان وحزبه،
واتخذوه من دون الله وليا

ووالوه وتركوا ولايةَ رَبِهم وسَيدِهم،

فسلطهم عليهم عقوبةً لهم
فكانوا يَؤُزُونَهُم إلى المعاصي أَزاً،
ويزعجونهم إلى الشر إزعاجا،

فيُخرِجونَهُم

من نور الإيمان والعلم والطاعة

إلى ظلمة الكفر والجهل والمعاصي،

فكان جزاؤهم على ذلك
أن حُرِموا الخيرات،
وفاتهم النعيم
والبهجة والمسرات،
وكانوا من حزب الشيطان
وأولياءه في دار الحسرة،

فلهذا قال تعالى :

** أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون **




    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة