عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 26-05-2005, 12:36 PM   #2
معلومات العضو
ابن حزم
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية ابن حزم
 

 

Post الاجتهاد والمجتهد

واسمحوا لي أن أبدأ كتابتي في هذه المحاضرات عن الأجتهاد .. شروطه ومالايجوز الأجتهاد فيه وملا يجوز فيه الاجتهاد وشروط المجتهد


أولا " مجال الاجتهاد
الأحكام الشرعية ليست كلها محل اجتهاد ، فهناك ما يجوز الاجتهاد فيه وهناك مالايجوز فيه الاجتهاد وذلك علي النحو التالي :

1/ مالايجوز الأجتهاد فيه : وهما أمران :

أ/ الأمور المعلومة من الدين بالضرورة :
-مثل ووب الصلاة وصوم رمضان ووجوب الزكاة والحج وحرمة الزنا وأشباه ذلك من الأمور التي علمت من الدين بالضرورة فان هذه الأمور يستوي في معرفتها المقلد والمجتهد فلايحتاج في معرفتها الي نظر واجتهاد

ب/ الأحكام التي ورد فيها نص قطعي الثبوت والدلالة :
-مثل وجوب جلد الزانية والزاني الثابت بقوله تعالي (والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) فانه نص قطعي الثبوت والدلالة فلامجال للاجتهاد فيه وكذلك حكم الحدود علي اختلاف أنواعها
وجدير بالذكر : أن هذا مااستقرت عليه نصوص القانون الوضعي حيث نصت علي انه ** لامجال للاجتهاد في مقابل النص الصريح **


2/ ما يجوز الأجتهاد فيه : وهما أربعة أمور :
أ/ الأحكام التي ورد فيها نص ظني الثبوت وقطعي الدلالة :
ويكون مجال الأجتهاد فيها بالبحث في سند ذلك الدليل ، وطريق وصوله الينا ودرجة رواته من حيث العدالة والضبط وغيرها فاذا أدي اجتهاد الي صحة الحديث وثبوته عمل بموجبه وان لم يصل الي ثبوته وصحته تركه ولم يعمل به
ومثاله :
قوله صلي الله عليه وسلم : في خمس من الابل شاه
فانه نص قطعي الدلالة لأنه لفظ خاص (وسنتكلم عن حكم الألفاظ في محله ان شاء الله ) ولكنه ظني الثبوت لأنه لم يصلنا متواتر فكان محل للاجتهاد من جهة الظنية في الثبوت

ب/ الأحكام التي ورد فيها نص قطعي الثبوت ولكنه ظني الدلالة :
ويكون مجال الاجتهاد فيها بالبحث في معرفة المعني المراد من ذلك الدليل وقوة دلالته علي هذا المعني لأن الدليل قد يكون عاما" مخصصا" أو مطلقا" مقيدا" وقد يكون باقيا" علي عمومه لم يدخله تخصيص والمطلق باقيا" علي اطلاقه بدون تقييد وقد يكون الأمر قد أريد به الوجوب أو هو مصروف عن الوجوب الي الندب أو الاباحة وهكذا (وسيأتي بيان كل ماسبق في محله ان شاء الله ) فيجتهد المجتهد لمعرفة ماذكر مستعينا" في ذلك بالقواعد الأصولية ومقاصد الشرع ومبادئه العامة في التشريع
ومثاله :
قال تعالي ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء )فان لفظ القروء في النص قطعي الثبوت ولكنه ظني الدلالة .
وذلك لأنه محتمل أن يراد به الحيض ، كما يحتمل أن يكون المراد به الطهر ودلالة اللفظ علي أحدهما دلالة ظنية فلذا أجيز للمجتهد أن يجتهد فيبذل قصاري جهده للوصول الي المراد ولذلك نجد أن العلماء قد اختلفوا في المفهوم من هذا النص علي النحو التالي :
- اجتهد الحنفية فتوصلوا الي أن المراد بالقروء الحيض فحكموا بأن عدة المطلقة أن تحيض ثلاثا"
- واجتهد الشافعية فتوصلوا الي ان المراد به الطهر فحكموا أن عدة المطلقة أن تطهر من حيضها ثلاث طهرات.

ج/ الأحكام التي ورد فيها نص ظني الثبوت والدلالة :

اولا" من حيث الثبوت : يجتهد المجتهد بالنظر الي سند الحديث ومنزلة رواته فاذا اطمئن الي شئ من ذلك انتقل اجتهاده ثانيا" الي المعني المراد من بين المعاني المحتملة فاذا توصل الي شئ حكم به
ومثاله:
قوله صلي الله عليه وسلم : لاصلاة الا بفاتحة الكتاب .فهذا حديث ظني الثبوت لأنه لم ينقل الينا متواترا" ، وظني الدلالة لأنه يحتمل أن يكون النفي فيه نفي كمال الصلاة ويحتمل أن يكون النفي فيه نفي صحة الصلاة
فلذلك نري الحنفية قد اجتهدوا فتوصلوا الي أن المراد نفي الكمال وعليه حكموا بصحة صلاة من ترك قراءة الفاتحة في الصلاة
بينما نري أن الشافعية أدي بهم اجتهادهم الي ان المراد نفي الصحة فحكموا ببطلان الصلاة اذا لم يقرأ المصلي الفاتحة

د/ الأحكام التي لم يرد فيها نص ولا اجماع :
ويكون مجال الاجتهاد فيها هو البحث في معرفة الحكم بطريق القياس أو المصالح المرسلة أو العرف أو الاستصحاب أو غيره .
ومثاله :
استخلاف الخليفة بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم فانه لم يرد فيه نص وحين واجه المسلمون هذا الأمر اجتهدوا واستقر بهم الرأي علي أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقد قاسوا مسألة الخلافة علي أمر رسول الله له بالامامة في الصلاة بدلا" عنه حين اشتد عليه المرض فقالوا : رضيه رسول الله لأمرنا ديننا أفلا نرضاه لأمر دنيانا . فكان منهم اجماعا " عليه

وبالله التوفيق
والمحاضرة التالية سنخصصها في الشروط اللازم توافرها في المجتهد المستقل (اي الذي لاينتمي الي مذهب معين من المذاهب ) باذن الله وتوفيقه
وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا محمد

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة