عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 31-01-2013, 09:00 AM   #21
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي


،،،،،،

بارك الله فيكم أخي الحبيب ( أبو محمود ) ، أذكر أنه منذ وقت طويل دار نقاش بيني وبين الأخ الحبيب ( الخزيمة ) حول كلام ابن القيم - رحمه الله - :

( كل عائن حاسد ، وليس كل حاسد عائناً )

وتمعنت في الكلام فوجدت خلاف ذلك وهو ما كان يراه الأخ الحبيب ، وانت أعلم الناس في تجردي في المسائل الشرعية ، فالذي تبين لي بعد دراية وبحث وبعد نظر بأن كل ( حاسد هو عائن ) وليس العكس ، وقد تطلب الأمر مني دراسة معمقة للمسألة والعودة للعلماء العاملين العابدين حتى يوضحوا المعنى الذي أشار إليه ابن القيم - رحمه الله - 0

وكانت وجهة نظري بأن الحاسد الذي قد يصيب عن بعد دون الرؤية هو أقدر على الاصابة بداء العين ، وليس العكس ، ولذلك جاءت الآية الكريمة :

( وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ )

( سورة الفلق - الآية 5 )

تستعيذ من شر الحاسد لأنه أعم وأشمل ، والله تعالى أعلم 0

يقول العلماء في تفسير الآية الكريمة :

قال القرطبي : ( قلت : قال العلماء : الحاسد لا يضر إلا إذا ظهر حسده بفعل أو قول ، وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود ، فيتبع مساوئه ، ويطلب عثراته 0 والحسد أول ذنب عصي الله به في السماء ، وأول ذنب عصي به في الأرض، فحسد إبليس آدم ، وحسد قابيل هابيل 0 والحاسد ممقوت مبغوض مطرود ملعون 0 ولقد أحسن من قال :


قل للحسود إذا تنفس طعنه0000000يا ظالمـا وكأنـه مظلوم


( الجامع لأحكام القرآن - 20 / 177 ) 0

قال الفخر الرازي : ( من المعلوم أن الحاسد هو الذي تشتدّ محبته لإزالة نعمة الغير إليه ، ولا يكاد يكون كذلك إلا ولو تمكن من ذلك بالحيل لفعل ، فلذلك أمر الله بالتّعوّذ منه ، وقد دخل في هذه السورة كل شر يتوقّى كمه ديناً ودنيا ، فلذلك لما نزلت هذه السورة فرح رسول الله بنزولها ، لكونها مع ما يليها – يعني سورة الناس – جامعة في التعوّذ لكل أمر )( التفسير الكبير – 32 / 195 ) 0

قال الألوسي : ( أي إذا أظهر ما في نفسه من الحسد وعمل بمقتضاه بترتيب مقدمّات الشر ومبادئ الإضرار بالمحسود قولاً وفعلاً ، ومن ذلك على ما قيل ، النظر إلى المحسود وتوجيه نفسه الخبيثة نحوه على وجه الغضب ، فإن نفس الحاسد حينئذ تتكيف بكيفية خبيثة ربما تؤثر في المحسود – بحسب ضعفه وقوة نفس الحاسد شراً قد يصل إلى حد الإهلاك ، وربَّ حاسد يؤذي بنظره بعين حسده نحو ما يؤذي بعض الحيات بنظرهن 0

وذكروا أن العائن والحاسد يشتركان في أن كلا منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من تريد أذاه ، إلا أن العائن تتكيف نفسه عند مقابلة العين والمعاينة ، والحاسد يحصل حسده في الغيبة والحضور ، وأيضاً العائن قد يعين من لا يحسده من حيوان وزرع ، وإن كان لا ينفك من حسد صاحبه والتقييد بذلك ، إذ لا ضرر قبله ، بل قيل عن ضرر الحسد إنّما يحيق بالحساد لا غير ، كما قال علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - :

لله در الحسد ما أعدله ؟ بدأ بصاحبه فقتله 0

وقال ابن المعتزّ :


اصبر على حسد المحسود0000000فإن صبرك قاتلــــــه

فالنار تأكل بعضهــــــــــا0000000إن لم تجد ما نأكلــــه

وليعلم أن الحسد يطلق على تمنّى زوال نعمة الغير وعلى تمنّي استصحاب عدم النعمة ودوام ما في الغير من نقص أو فقر أو نحوه ، والإطلاق الأول هو الشائع والحساد بكلا الإطلاقين ممقوت عند الله تعالى عزّ وجل وعند عباده ، آت بابا من الكبائر ، على ما اشتهر بينهم ، لكن التحقيق أن الحسد الغريزي إذا لم يعمل بمقتضاه من الأذى مطلقاً بل عامل المتّصف به أخاه بما يحب الله تعالى مجاهداً نفسه لا إثم فيه ، يثاب صاحبه على جهاد نفسه وحسن معاملته أخاه ثواباً عظيماً ، لما في ذلك من مشقة مخالفة الطبع كما لا يخفى )( روح المعاني – 30 / 284 ) 0

قال القرطبي : ( هذه سورة دالة على أن الله سبحانه وتعالى خالق كل شر ، وأمر نبيه أن يتعوذ من جميع الشرور فقال : من شر ما خلق ، وجعل خاتمة ذلك الحسد تنبيهاً على عظمه وكثر ضرره ، والحاسد عدو نعمة الله )( الجامع لأحكام القرآن - 20 / 177 ) 0

قال الدكتور محمد البهي في " مجلة الفكر الإسلامي " : ( إذا قرأنا إحدى السور القصار قول الله جل شأنه ( ومن شر حاسد إذا حسد ) وجب علينا أن نؤمن بالحسد ، وبأنه مصدر شر وأذى للإنسان 0 أما كيف يوجد الحسد ؟ أو كيف يصل شره من الحاسد إلى المحسود ، فهذا أمر لم يستطع الإنسان حتى الآن أن يكشف عنه كما يكشف عن المادة في بساطتها وفي تركيبها في معمل أو مختبر ، ويكاد يكون أثر الحسد في المحسود يشبه فعل الميكروب إذا تمكن من جسم ضعيف 00 والوقاية من الحسد في التعوذ من شره )( الإصابة بالعين وعلاجها - ص 49 - نقلا عن " على مائدة القرآن - ص 316 ) 0

وتنبه لما قاله الألوسي - رحمه الله - : ( وذكروا أن العائن والحاسد يشتركان في أن كلا منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من تريد أذاه ، إلا أن العائن تتكيف نفسه عند مقابلة العين والمعاينة ، والحاسد يحصل حسده في الغيبة والحضور ) 0

ومن هنا ظهر لي بأن الحاسد أعم من العائن والله تعالى أعلم وأحكم 0

ولكن أعدكم ان شاء الله تعالى وإن كان في العمر بقية أن ابحث المسألة بحثاً تفصيلاًُ للوقوف على الحق المنشود 0

وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
 

 

 

 


 

توقيع  أبو البراء
 

التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 01-02-2013 الساعة 06:00 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة