عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 09-12-2009, 12:28 PM   #9
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

والفريق الثاني أصلحوا المذهب بعض الإصلاح وقربوه بعض الشيء وأزالوا تلك النفرة عنه فأثبتوا الأحكام بالعلل والعلل بالمناسبات والمصالح ولم يمكنهم الكلام في الفقه إلا بذلك ولكن جعلوا اقتران أحكام تلك العلل والمناسبات بها اقترانا عاديا غير مقصود في نفسه والعلل والمناسبات أمارات ذلك الاقتران وهؤلاء يستدلون على إثبات علم الرب بما في مخلوقاته من الأحكام والإتقان والمصالح وهذا تناقض بين منهم فإن ذلك إنما يدل إذا كان الفاعل يقصد أن يفعل الفعل على وجه مخصوص لأجل الحكمة المطلوبة منه وأما من لم يفعل لأجل ذلك الإحكام والإتقان وإنما اتفق اقترانه بمفعولاته عادة فإن ذلك الفعل لا يدل على العلم ففي أفعال الحيوانات من الإحكام والإتقان والحكم ما هو معروف لمن تأمله ولكن لما لم تكن تلك الحكم والمصالح مقصودة لها لم تدل على علمها والمقصود أن هؤلاء إذا قالوا إنه تعالى لا يفعل لحكمة امتنع عندهم أن يكون الإحكام دليلا على العلم وأيضا فعلى قولهم يمتنع أن يحمد على فعله لأمر ما حصل للعباد من نفع فهو سبحانه لم يقصد بما خلقه نفعهم ولا خلقه لنفعهم ومصالحهم بل إنما أراد مجرد وجوده لا لأجل كذا ولا لنفع أحد ولا لضره فكيف يتصور في حق من يكون فعله ذلك حمد فلا يحمد على فعل عدل ولا على ترك ظلم لأن الظلم عندهم هو الممتنع الذي لا يدخل في المقدور وذلك لا يمدح أحد على تركه وكل ما أمكن وجوده فهو عندهم عدل فالظلم مستحيل عندهم إذ هو عبارة عن الممتنع المستحيل لذاته الذي لا يدخل تحت المقدور ولا يتصور فيه ترك اختياري فلا يتيعلق به حمد وإخباره تعالى عن نفسه بقيامه بالقسط حقيقته عندهم مجرد كونه فاعلا لا أن هناك شيا هو قسط في نفسه يمكن وجود ضده وكذلك قوله وما ربك بظلام للعبيد نفي عندهم لما

كتاب طريق الهجرتين، الجزء 1، صفحة 198.
 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة