بارك الله فيكم أخيتي الفاضلة ( الممرضة أمل ) ، أولاً قبل أن يقاس أي أمر بالحمال ونحوه لا بد أن يقاس ويوزن بميزان الشريعة السمحة ، ولي وقفات ازنها بميزان الشريعة فأقول :
قلتم - يا راعاكم الله - :
( قبل حفلة عيد ميلادي في العام الماضي )
قلت : فهل الاحتفال بأعياد الميلاد من سمات وشيم المسلمين ؟؟؟
أن عيد الميلاد بدعة محدثة لا تجوز في الدين ، وديننا الإسلامي الحنيف لا يقوم على المجاملات ، والمزايدات ، فالدين الإسلامي جاء لكل زمان ومكان وقد اكتمل بنص القرآن ، يقول الحق جل وعلا : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) ، وشريعتنا لا تقوم على مبدأ ( أن الغاية تبرر الوسيلة ) إلا في حالة واحدة وهي أن الوسيلة شرعية والغاية كذلك ، فلا يجوز أن نقبل بمثل هذا القول لأي كائن من كان ، وخطورة الإنزلاق إلى مثل هذا الأمر أن هذا يُحدث تميعاً في الدين ، نسأل الله العافية والسلامة في الدنيا والآخرة 0
سئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – السؤال التالي :
ما حكم الاحتفال بمرور سنة أو سنتين مثلاً أو أكثر أو أقل من السنين لولادة الشخص وهو بخصوص سؤالك أختي المكرمة ( أم ريان ) حول الزيادة في التشهد فاعلمي يا رعاك الله أن مثل هذه الزيادة تجبر بسجود السهو ، يقول العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – في رسالته عن سجود السهو في الصلاة : ( في الزيادة في الصلاة : إذا زاد المصلي في صلاته قياماً أو قعوداً أو ركوعاً أو سجوداً ، فإن ذكر بعد الفراغ من الزيادة فليس عليه إلا السجود للسهو ، وإن ذكر في أثناء الزيادة ، وجب عليه الرجوع عن الزيادة ، فيسجد للسهو بعد السلام ويسلم مرة ثانية ) ( ملخص أحكام سجود السهو – نقلاً من رسالة سجود السهو في الصلاة ) 0
ما يسمى بعيد الميلاد 00 أو إطفاء الشمعة 00 وما حكم حضور ولائم هذه الاحتفالات ، وهل إذا دعي الشخص إليها يجيب الدعوة أم لا ؟ 00 أفيدونا أثابكم اله 0
فأجاب – رحمه الله - : ( قد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين ولا أصل لها في الشرع المطهر ، ولا تجوز إجابة الدعوة إليها ، لما في ذلك من تأييد للبدع والتشجيع عليها 00 وقد قال الله سبحانه وتعالى : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) ( سورة الشورى – الآية 21 ) ، وقال سبحانه : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون * إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ) ( سورة الجاثية – الآية 18 ، 19 ) ، وقال سبحانه : ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكرون ) ( سورة الأعراف – الآية 3 ) وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيح – الأقضية ( 18 – 178 ) ، وعلقه البخاري في البيوع والاعتصام ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – الجمعة 867 ) ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة 0
ثم إن هذه الاحتفالات مع كونها بدعة منكرة لا أصل لها في الشرع هي مع ذلك فيها تشبه باليهود والنصارى لاحتفالهم بالمواليد وقد قال صلى الله عليه وسلم محذراً من سنتهم وطريقتهم : ( لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ، قالوا : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ 00 قال " فمن " 00 ) ( متفق عليه ) ومعنى قوله : " فمن " 00 أي هم المعنيون بهذا الكلام 0 وقال صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 2 / 50 ، 92 ) والأحاديث في هذا المعنى معلومة كثيرة 0 وفق الله الجميع لمال يرضيه ) ( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة – 4 / 283 ) 0
والسؤال الثاني المطروح : هل الإسلام أباح الوشم ؟؟؟
قلت وبالله التوفيق : إن من الجهل أيتها الفاضلة الاعتقاد لدى بعض النساء بأن ( الوشم ) زينة وجمال وحسن وبهاء ، واعتقاد ذلك باطل ولا أساس له في الشريعة والدين ، وما هو إلا وليد الغرب وأفكاره ، وأساسه تلبيس إبليس وعمل من أعمال الشيطان ، والتي بها يؤجج المعاصي ويثير الفتن ويحرك الغرائز والشهوات ، ويدمر الأخلاق والسلوك ، وقد أخبر الحق تبارك وتعالى عن ذلك في محكم كتابه ، بقوله على لسان إبليس : ( وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ ولأمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءاذَانَ الأَنْعَامِ وَلأمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ) ( ( سورة النساء - الآية 119 ) ، وثبت من حديث عبدالله - رضي الله عنه - أنه قال : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمات والمتوشمات ، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ) ( متفق عليه ) 0
قال المباركفوري : ( الواشمة : هي التي تشم من الوشم0 قال أهل اللغة : الوشم بفتح ثم سكون أن يغرز في العضو إبرة أو نحوها حتى يسيل الدم ثم يحشى بنورة أو غيرها فيخضر ، والمستوشمة هي التي تطلب الوشم ) ( تحفة الأحوذي - 5 / 368 ، 369 ) 0
واعلمي أيتها الفاضلة ( الممرضة أمل ) بأنه ليست زينة المرأة بارتداء الملابس الفاضحة ، ومتابعة الأزياء ، وتقليد الغرب ، وحف الحاجبين ، والوشم وإطالة الأظافر والتلاعب بالحجاب ، بل الجمال والحسن فيما لا يبلى ولا ينتهي بقضاء شهوة 0
إن الجمال في تمسكها المطلق بتعاليم ربها وطاعة خالقها ، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم والتمسك بهديه والاقتداء بزوجاته وسائر أصحابه ، وحسن التبعل بطاعة الزوج في طاعة الله ، والقيام بحقوقه ، وتربية أبنائه ، والسمت الحسن ، والأدب الجم ، هذا هو الجمال المتجدد ، والمعيار الصحيح لمعرفة معدن المرأة وثقافتها 0
زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0