" أسماء القرآن الكريم :
سمى الله عزّوجلّ القرآن الكريم بأسماء كثيرة تزيد على خمسين اسماً ،
ومِنْ أشهرها ما يلي :
الكتاب ؛ لأنه يجمع أنواعاً من القصص ،
والآيات ، والأحكام ،
والأخبار على أوجه مخصوصة .
والذِّكر ؛ وذلك لما فيه من المواعظ ،
والتحذير ، وأخبار الأمم الماضية .
ولما فيه من الشرف ، والعز لمن آمن به ،
وصدَّ ق بآياته ، وذلك لأن القرآن يُفرِّق بين الحَقِّ والباطل .
القرآن آخر الكتب السماوية وهو خاتمها ،
وهو أطولها ، وأشملها ،
وهو الحاكم عليها .
قال الله تعالى : ** وأنزلنا إليك الكتاب بالحقِّ مُصَدِّقا لّما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه **
[ سورة المائدة : 48 ] .
قال أهل التفسير في قولِه تعالى :
** ومهيمنا عليه ** : مهيمنا وشاهدا على
ما قبلَه من الكتب ، ومصدقا لها ؛
يعني يصدق ما فيها من الصّحيح ،
وينفي ما وقع فيها من تحريف ،
وتبديل ، وتغيير ،
ويحكم عليها بالنسخ والتقرير .
ولهَذا يخضع له كل متمسك بالكتب المتقدمة ممَّن لم ينقلب على عقبيه كما قال
تبارك وتعالى : ** الَّذينَ آتيناهم الكتاب من قَبْلِه هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالُوا آمنّا به إنَّهُ الحَقُّ من ربّنا إنّا كُنّا من قَبلِه
مسلمين **
[ سورة القصص : 52 - 53 ]
ولا يقبل الله من أحد دينا إلَّا ما جاء في
هذا القرآن العظيم .
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي
رحمه الله في قولِه تعالى :
** ومهيمنا عليه ** :
" أي : مشتملا على ما اشتملت عليه
الكتب السابقة ،
وزيادة في المطالب الإلهية ،
والأخلاق النفسية ؛ فهو الكتاب الذي تتبع كل حق جاءت به الكتب ، فأمر به،
وحثّ عليه،
وأكثر من الطرق الموصلة إليه .
وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين واللاحقين،
وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة، والأحكام الذي عرضت عليه الكتب السابقة، فما شهد له بالصدق فهو المقبول،
وما شهد له بالرّد فهو مردود
قد دخله التحريف والتبديل،
وإلاّ فلو كان من عند الله لم يخالفه " .
والقرآن الكريم هو رسالة الله الأخيرة للبشرية ، بل هو عامٌّ للجن والإنس ؛
بخلاف الكتب السماوية الأخرى التي كانت خاصة بأقوام معينين ،
وفترات معينة .
والقرآن له أثر عظيم في القلوب ؛
فما يسمعه أحد وهو مُلْقٍ سمعَه إلَّا يجد
أن له تأثيرا عَظيمًا في نفسه ، ولَوْ لم يَفهمُ
معانيه أو دلالاته ، حتى ولَوْ لم يكن يعرف اللغة العربية .
وهذا سرٌّ من أسرار القرآن التي تبيّن عظمته .
ثم إن القرآن له أبلغ الأثر في رُقي الأمم وفلاحها ؛ فهو الذي أخرج الله به من أُمّة العرب أعلام الحكمة والهُدَى ، وجعلهم خير أُمّة أُخرجت للنّاس ، بعد أن كانُوا يتخبطون
في دياجير الجهالة .
ومن خصائص القرآن : أن عجائبه لا تنقضي ، وأنه لا يَخْلَق من كثرة الرد ؛
فكلما أكثر الإنسان من قراءته زادت حلاوته
مرة بعد مرة .
ومن خصائصه : أن الله يسّر تعلمه وحفظه ، ولهَذا فإن كثيرا من أطفال المسلمين يحفظونه كاملا عن ظهر قلب .
[ سواء كانُوا عربا أو عجما ]
ومن خصائصه : أنه مشتمل على أعدل الأحكام ، وأشرفها ، وأشملها ،
فلم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلَّا وأحاط بها
إجمالا وتفصيلا ،
ويشهد بذلك كل منصف عاقل ،
حتى ولو لم يكن مسلماً " .
_ الإسلام حقيقته ، شرائعه ، عقائده ،
نظمه ، لـ د. محمد إبراهيم
( 1 / 48 - 50 )
مع اختصار شديد .