وفي فتح الباري
(
قَوْله : ( بَاب وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ )
سَقَطَ " بَاب " لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ .
قَوْله : ( وَقَالَ إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ إِلَخْ )
وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَحْمَد بْن حَفْص بْن عَبْد اللَّه عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ .
قَوْله : ( عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة )
كَذَا قَالَ اِبْن أَبِي أُوَيْس ، وَأَوْرَدَ الْبُخَارِيّ هَذِهِ الطَّرِيق مُعْتَمِدًا عَلَيْهَا وَأَشَارَ إِلَى الطَّرِيق الْأُخْرَى الَّتِي زِيدَ فِيهَا بَيْنَ سَعِيد وَأَبِي هُرَيْرَة رَجُل فَذَكَرَهَا مُعَلَّقَة ، وَسَعِيد قَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَة وَسَمِعَ مِنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ، فَلَعَلَّ هَذَا مِمَّا سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَة ، أَوْ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَة مُخْتَصَرًا وَمِنْ أَبِيهِ عَنْهُ تَامًّا ، أَوْ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَة ثُمَّ ثَبَّتَهُ فِيهِ أَبُوهُ ، وَكُلّ ذَلِكَ لَا يَقْدَح فِي صِحَّة الْحَدِيث ، وَقَدْ وُجِدَ لِلْحَدِيثِ أَصْل عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مِنْ وَجْه آخَر أَخْرَجَهُ الْبَزَّار وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ أَيُّوب عَنْ اِبْن سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ، وَشَاهِده عِنْدَهُمَا أَيْضًا مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد .
قَوْله : ( إِنَّ إِبْرَاهِيم يَرَى أَبَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَة وَعَلَيْهِ الْغَبَرَة وَالْقَتَرَة . وَالْغَبَرَة هِيَ الْقَتَرَة )
كَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا ، وَلَفْظ النَّسَائِيِّ " وَعَلَيْهِ الْغَبَرَة وَالْقَتَرَة ، فَقَالَ لَهُ : قَدْ نَهَيْتُك عَنْ هَذَا فَعَصَيْتنِي ، قَالَ : لَكِنْ لَا أَعْصِيك الْيَوْمَ " الْحَدِيث ، فَعُرِفَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْله : وَالْغَبَرَة هِيَ الْقَتَرَة مِنْ كَلَام الْمُصَنِّف ، وَأَخَذَهُ مِنْ كَلَام أَبِي عُبَيْدَة . وَأَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِير سُورَة يُونُس : ( وَلَا يَرْهَق وُجُوههمْ قَتَر وَلَا ذِلَّة ) الْقَتَر الْغُبَار ، وَأَنْشَدَ لِذَلِكَ شَاهِدَيْنِ . قَالَ اِبْن التِّين : وَعَلَى هَذَا فَقَوْله فِي سُورَة عَبَسَ : ( غَبَرَة تَرْهَقهَا قَتَرَة ) تَأْكِيد لَفْظِيّ ، كَأَنَّهُ قَالَ : غَبَرَة فَوْقَهَا غَبَرَة . وَقَالَ غَيْر هَؤُلَاءِ : الْقَتَرَة مَا يَغْشَى الْوَجْه مِنْ الْكَرْب ، وَالْغَبَرَة مَا يَعْلُوهُ مِنْ الْغُبَار ، وَأَحَدهمَا حِسِّيّ وَالْآخَر مَعْنَوِيّ . وَقِيلَ : الْقَتَرَة شِدَّة الْغَبَرَة بِحَيْثُ يَسْوَدُّ الْوَجْه . وَقِيلَ : الْقَتَرَة سَوَاد الدُّخَان فَاسْتُعِيرَ هُنَا
- قَوْله : ( حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل )
هُوَ اِبْن أَبِي أُوَيْس ، وَأَخُوهُ هُوَ أَبُو بَكْر عَبْد الْحَمِيد .
قَوْله فِي الطَّرِيق الْمَوْصُولَة (
يَلْقَى إِبْرَاهِيم أَبَاهُ فَيَقُول : يَا رَبِّ إِنَّك وَعَدْتنِي أَنْ لَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ، فَيَقُول اللَّه : إِنِّي حَرَّمْت الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ )
هَكَذَا أَوْرَدَهُ هُنَا مُخْتَصَرًا ، وَسَاقَهُ فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم مِنْ أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء تَامًّا .
قَوْله : ( يَلْقَى إِبْرَاهِيم أَبَاهُ آزَرَ ) هَذَا مُوَافِق لِظَاهِرِ الْقُرْآن فِي تَسْمِيَة وَالِد إِبْرَاهِيم ، وَقَدْ سَبَقَتْ نِسْبَته فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم مِنْ أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء . وَحَكَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق ضَعِيفَة عَنْ مُجَاهِد أَنَّ آزَرَ اِسْم الصَّنَم وَهُوَ شَاذّ .
قَوْله : ( وَعَلَى وَجْه آزَرَ قَتَرَة وَغَبَرَة ) هَذَا مُوَافِق لِظَاهِرِ الْقُرْآن ( وُجُوه يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَة تَرْهَقهَا قَتَرَة ) أَيْ يَغْشَاهَا قَتَرَة ، فَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْغَبَرَة الْغُبَار مِنْ التُّرَاب ، وَالْقَتَرَة السَّوَاد الْكَائِن عَنْ الْكَآبَة .
قَوْله : ( فَيَقُول لَهُ إِبْرَاهِيم : أَلَمْ أَقُلْ لَك لَا تَعْصِنِي ؟ فَيَقُول أَبُوهُ : فَالْيَوْم لَا أَعْصِيك ) فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ " فَقَالَ لَهُ قَدْ نَهَيْتُك عَنْ هَذَا فَعَصَيْتنِي ، قَالَ : لَكِنِّي لَا أَعْصِيك وَاحِدَةً " .
قَوْله : ( فَيَقُول إِبْرَاهِيم يَا رَبِّ إِنَّك وَعَدْتنِي أَنْ لَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ، فَأَيّ خِزْي أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَد ) وَصَفَ نَفْسه بِالْأَبْعَدِ عَلَى طَرِيق الْفَرْض إِذَا لَمْ تُقْبَل شَفَاعَته فِي أَبِيهِ ، وَقِيلَ : الْأَبْعَد صِفَة أَبِيهِ أَيْ أَنَّهُ شَدِيد الْبُعْد مِنْ رَحْمَة اللَّه لِأَنَّ الْفَاسِق بَعِيد مِنْهَا فَالْكَافِر أَبْعَد ، وَقِيلَ : الْأَبْعَد بِمَعْنَى الْبَعِيد وَالْمُرَاد الْهَالِك ، وَيُؤَيِّد الْأَوَّل أَنَّ فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ " وَإِنْ أَخْزَيْت أَبِي فَقَدْ أَخْزَيْت الْأَبْعَد " وَفِي رِوَايَة أَيُّوب " يَلْقَى رَجُل أَبَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَة فَيَقُول لَهُ : أَيّ اِبْن كُنْت لَك ؟ فَيَقُول : خَيْر اِبْن ، فَيَقُول : هَلْ أَنْتَ مُطِيعِي الْيَوْمَ ؟ فَيَقُول : نَعَمْ . فَيَقُول خُذْ بَارِزَتِي . فَيَأْخُذ بَارِزَتَهُ . ثُمَّ يَنْطَلِق حَتَّى يَأْتِيَ رَبّه وَهُوَ يَعْرِض الْخَلْق ، فَيَقُول اللَّه : يَا عَبْدِي اُدْخُلْ مِنْ أَيّ أَبْوَاب الْجَنَّة شِئْت ، فَيَقُول : أَيْ رَبِّ أَبِي مَعِي ، فَإِنَّك وَعَدْتنِي أَنْ لَا تُخْزِنِي " .
قَوْله : ( فَيَقُول اللَّه : إِنِّي حَرَّمْت الْجَنَّة عَلَى الْكَافِرِينَ ) فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد " فَيُنَادَى : إِنَّ الْجَنَّة لَا يَدْخُلهَا مُشْرِك " .
قَوْله : ( ثُمَّ يُقَال يَا إِبْرَاهِيم مَا تَحْتَ رِجْلَيْك ؟ اُنْظُرْ ، فَيَنْظُر فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُتَلَطِّخ ، فَيُؤْخَذ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّار ) فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ " فَيُؤْخَذ مِنْهُ فَيَقُول : يَا إِبْرَاهِيم أَيْنَ أَبُوك ؟ قَالَ : أَنْتَ أَخَذْته مِنِّي ، قَالَ : اُنْظُرْ أَسْفَلَ ، فَيَنْظُر فَإِذَا ذِيخ يَتَمَرَّغُ فِي نَتْنِهِ " . وَفِي رِوَايَة أَيُّوب " فَيَمْسَخ اللَّه أَبَاهُ ضَبْعًا " فَيَأْخُذ بِأَنْفِهِ فَيَقُول : يَا عَبْدِي أَبُوك هُوَ ، فَيَقُول : لَا وَعِزَّتِك " وَفِي حَدِيث أَبِي سَعِيد " فَيُحَوَّل فِي صُورَة قَبِيحَة وَرِيح مُنْتِنَة فِي صُورَة ضِبْعَان " زَادَ اِبْن الْمُنْذِر مِنْ هَذَا الْوَجْه " فَإِذَا رَآهُ كَذَا تَبَرَّأَ مِنْهُ