3829 - ( طلوع الفجر أمان لأمتي من طلوع الشمس من مغربها ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
أخرجه الديلمي (2/ 264) عن العباس بن عبد الواحد : حدثنا يعقوب بن جعفر : سمعت أبي : حدثني أبي ، عن جده ، عن ابن عباس مرفوعاً به .
قلت : وهذا إسناد ضعيف مظلم ؛ لم أعرف أحداً من رجاله .
3911 - ( عليكم بركعتي الفجر ؛ فإن فيهما الرغائب ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف جداً
رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "جزء فيه أحاديث عوالي مستخرجة من مسند الحارث" (213/ 1) قال : أخبرنا يعلى - يعني ابن عباد - : حدثنا شيخ لنا يقال له عبد الحكم قال : حدثنا أنس مرفوعاً .
قلت : وهذا سند ضعيف جداً ، عبد الحكم - وهو ابن عبد الله - ؛ قال البخاري :
"منكر الحديث" .
ويعلى بن عباد ؛ ضعفه الدارقطني ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (9/ 291) .
وقد اقتصر السيوطي في عزو الحديث على الحارث فقط ، وسكت المناوي عليه ، فلم يتكلم على إسناده بشيء .
وقد وجدت له طريقاً أخرى ؛ أخرجه ابن عساكر في "الرابع من التجريد" (22/ 2) من طريق شيبان بن فروخ : أخبرنا نافع - يعني ابن عبد الله أبا هرمز - ، عن أنس مرفوعاً به .
قلت : وهذا كالذي قبله في شدة الضعف ؛ فإن نافعاً أبا هرمز كذبه ابن معين ، وقال أبو حاتم :
"متروك ، ذاهب الحديث" .
وروي من حديث ابن عمر وله عنه طرق :
الأولى : عنت عبد الرحيم بن يحيى الدبيلي : حدثنا عبد الرحمن بن مغراء : أنبأنا جابر بن يحيى الحضرمي ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عنه بلفظ :
"لا تدعوا اللتين قبل صلاة الفجر ؛ فإنه فيهما الرغائب" .
أخرجه الطبراني في "الكبير" (12/ 407-408) : حدثنا إبراهيم بن موسى التوزي : حدثنا عبد الرحيم بن يحيى الدبيلي .
قلت : وهذا إسناد مظلم :
1- ليث بن أبي سليم ؛ ضعيف كان اختلط .
2- جابر بن يحيى الحضرمي ؛ لم أجد له ترجمة ، وقد ذكره الحافظ المزي في شيوخ (عبد الرحمن بن مغراء) .
3- عبد الرحيم بن يحيى الدبيلي ، ذكره السمعاني في هذه النسبة (الدبيلي) بفتح الدال المهملة وكسر الباء الموحدة وسكون الياء . وكذا في "المشتبه" وفروعه ، وذكروا أنه روى عنه إبراهيم بن موسى التوزي .
قلت : وإبراهيم هذا ؛ ثقة مترجم في "تاريخ بغداد" (6/ 187-218) .
هكذا حال هذا الإسناد في نقدي ، وأما الهيثمي ؛ فقال (2/ 217-218) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه عبد الرحيم بن يحيى ، وهو ضعيف" .
كذا قال ! وأنا أظن أنه يعني الذي في "الميزان" :
"عبد الرحيم بن يحيى الأدمي عن عثمان بن عمارة ؛ بحديث في الأبدال اتهم به ، أو عثمان ، يأتي في ترجمة عثمان" .
وهناك ساق حديث الأبدال بسنده عنه : "حدثنا عثمان بن عمارة : حدثنا المعافى ابن عمران ، عن سفيان بسنده ، عن عبد الله ..." .
فهذا الأدمي غير الدبيلي نسبة وطبقة ؛ فإنه متأخر عنه ، والله أعلم .
الطريق الثانية : عن أيوب بن سلمان - رجل من أهل صنعاء - ، عن ابن عمر بحديث أوله : "من جالت شفاعته دون حد من حدود الله ..." الحديث ، وفي آخره :
"وركعتا الفجر حافظوا عليهما ، فإنهما من الفضائل" .
أخرجه أحمد (2/ 82) عن النعمان بن الزبير عنه .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أيوب بن سلمان الصنعاني لا يعرف إلا بهذه الرواية ، ولم يترجمه أحد من المتقدمين ، ولم يزد الحافظ في "التعجيل" - وقد أشار إلى هذه الرواية - على قوله :
"فيه جهالة" .
وكذلك صنع في "اللسان" ؛ إلا أنه قال :
"لا يعرف حاله" .
قلت : ومع هذا ؛ فقد تساهل الشيخ أحمد شاكر رحمه الله ؛ فقال في تعليقه على "المسند" (7/ 291) :
"إسناده صحيح" !
واغتر به المعلق على "عوالي الحارث" (ص 37) . ثم تكلم الشيخ على رجاله موثقاً ، ولما جاء إلى هذا الراوي المجهول قال :
"لم أجد له ترجمة إلا في "التعجيل" (47) قال : "فيه جهالة" . وإنما صححت حديثه بأنه تابعي مستور لم يذكر بجرح ، فحديثه حسن على الأقل ، ثم لم يأت فيه بشيء منكر انفرد به ، كما سيأتي ، فيكون حديثه هذا صحيحاً" .
قلت : وهذا من غرائبه ؛ فإن الحديث قد جاء من طرق ثلاثة أخرى عن ابن عمر ، ومن حديث أبي هريرة أيضاً ، وهي مخرجة في "الإرواء" (7/ 349-351) ، و "الصحيحة" (437) ، وليس في شيء منها جملة الركعتين ، فهي معلولة بتفرد هذا المجهول بها ، مع مخالفته لتلك الطرق ، فتكون زيادة منكرة ، مع فقدانها لشاهد معتبر ، فحديث أنس ضعيف جداً ، كما سبق ، وطريق مجاهد هذه مظلمة السند ، مع اختلاف لفظهما عن لفظ "المسند" :
"فإنهما من الفضائل" .
ولفظهما كما ترى :
"فإن فيهما الرغائب" .
وروي عن ابن عمر بلفظ :
"عليك بركعتي الفجر ؛ فإن فيهما فضيلة" .
قال المنذري في "الترغيب" (1/ 201) :
"رواه الطبراني في (الكبير)" .
ولم يذكر علته ، ولكنه أشار إلى تضعيفه مع الألفاظ الأخرى المتقدمة بتصديره إياها بلفظ "روي" .
وبين علته الهيثمي ؛ فقال (2/ 217) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه محمد بن البيلماني ، وهو ضعيف" .
قلت : هو أسوأ من ذلك ؛ فقد قال البخاري وغيره :
"منكر الحديث" .
واتهمه ابن حبان وغيره بالوضع ، وهو راوي حديث :
"عليكم بدين العجائز" .
وقد مضى في المجلد الأول برقم (54) .
4031 - ( قال الله تعالى : يا ابن آدم ! اذكرني بعد الفجر وبعد العصر ساعة ؛ أكفك ما بينهما ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" (ص 37) :
حدثنا عبد الله بن سندل : حدثنا ابن المبارك ، عن جبير ، عن الحسن ، عن أبي هريرة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ الحسن - هو البصري - ؛ مدلس وقد عنعنه .
وجبير وابن سندل ؛ لم أعرفهما .
والحديث عزاه السيوطي : لـ "حلية أبي نعيم" .ولم أره في فهرسه ، ولا تكلم عليه المناوي ، وإنما قال : "ورواه ابن المبارك في "الزهد" عن الحسن مرسلاً" .
ولم أره أيضاً في فهرس مرسلات الحسن ؛ الذي وضعه الشيخ حبيب الرحمن على "الزهد" .
4391 - ( ما من الصلوات صلاة أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في الجماعة ، وما أحسب من شهدها منكم إلا مغفوراً له ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف جداً
أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/ 20) ، والرافعي في "تاريخ
قزوين" (4/ 116) عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف جداً ؛ عبيد الله بن زحر ؛ متروك ، ونحوه علي بن يزيد ، وهو الألهاني .
4835/ م - ( إن هاتين الصلاتين حولنا عن وقتهما في هذا المكان (يعني : المزدلفة) : المغرب والعشاء ، فلا يقدم الناس جمعاً حتى يعتموا ، وصلاة الفجر هذه الساعة ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
أخرجه البخاري (3/ 417) : حدثنا عبد الله بن رجاء : حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال :
خرجت مع عبد الله رضي الله عنه إلى مكة ، ثم قدمنا جمعاً ، فصلى الصلاتين ، كل صلاة وحدها بأذان وإقامة ، والعشاء بينهما ، ثم صلى الفجر حين طلع الفجر ، قائل يقول : طلع الفجر ، وقائل يقول : لم يطلع الفجر ، ثم قال ... (فذكره) . ثم وقف حتى أسفر ، ثم قال : لو أن أمير المؤمنين أفاض الآن أصاب السنة ، فما أدري أقوله كان أسرع ، أم دفع عثمان رضي الله عنه ؟! فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر .
قلت : وهذا الحديث - مع كونه في "الصحيح" - ؛ ففي ثبوته عندي شك كبير ، وذلك لأمرين :
الأول : أن أبا إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي ؛ مع كونه ثقة - ؛ فإنه كان اختلط ؛ كما صرح بذلك غير واحد من المتقدمين والمتأخرين ، منهم الحافظ ابن حجر في "التقريب" .
والآخر : أنه اضطرب في متنه على وجوه :
1- هذا ؛ فإنه جعل الصلوات المحولة عن أوقاتها ثلاث صلوات : المغرب والعشاء والفجر .
2- لم يذكر صلاة العشاء معها : في رواية أحمد (1/ 449) : حدثنا عبد الرزاق : أخبرنا إسرائيل ... بلفظ :
أما المغرب ؛ فإن الناس لا يأتون ههنا حتى يعتموا . وأما الفجر ؛ فهذا الحين ... وهكذا رواه أحمد بن خالد الوهبي : حدثنا إسرائيل به .
أخرجه البيهقي (5/ 121) . وقال :
"رواه البخاري عن عبد الله بن رجاء عن إسرائيل . قال الإمام أحمد (1) : ولم أثبت عنهما قوله : تحولان عن وقتهما" .
3- أنه أوقف التحويل ؛ فجعله من قول ابن مسعود ، فقال البخاري (3/ 412) : حدثنا عمرو بن خالد : حدثنا زهير ... بلفظ
فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريباً من ذلك ، فأمر رجلاً فأذن وأقام ، ثم صلى المغرب ، وصلى بعدها ركعتين ، ثم دعا بعشائه فنعشى ، ثم أمر - أرى رجلاً فأذن وأقام - قال عمرو : لا أعلم الشك إلا من زهير - ، ثم صلى العشاء ركعتين ، فلما طلع الفجر قال :
إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي هذه الساعة ؛ إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم . قال عبد الله : هما صلاتان يحولان عن وقتهما : صلاة المغرب بعدما يأتي الناس المزدلفة ، والفجر حين يبزغ الفجر . قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله .
وأخرجه الطحاوي في "معاني الآثار" (1/ 105) من طريق أخرى عن عمرو ابن خالد .
وتابعه عبد الرحمن بن عمرو البجلي : حدثنا زهير ...
أخرجه البيهقي . وقال :
"رواه البخاري في "الصحيح" عن عمرو بن خالد عن زهير ، وجعل زهير لفظ التحويل من قول عبد الله" .
قلت : وقد خالفه إسرائيل فرفعه ؛ كما تقدم من رواية البخاري .
وقد أخرجه الطحاوي أيضاً ، وأحمد (1/ 418) .
4- لم يذكر الركعتين بعد صلاة المغرب إسرائيل ، وذكرهما زهير كما تقدم . وفي رواية للطحاوي (1/ 409) عن إسرائيل بلفظ :
فلما أتى جمعاً صلى الصلاتين ، كل واحدة منهما بأذان وإقامة ، ولم يصل بينهما .
وقال الحافظ (3/ 413) : "وقع عند الإسماعيلي من رواية شبابة عن ابن أبي ذئب (يعني : عن أبي إسحاق) في هذا الحديث :
ولم يتطوع قبل كل واحدة منهما ولا بعدها .
قلت : وكذلك لم يذكرهما جرير بن حازم ، فقال : سمعت أبا إسحاق ... :
فصلى بنا ابن مسعود المغرب ، ثم دعا بعشائه ثم تعشى ، ثم قام فصلى العشاء الآخرة ، ثم رقد ... الحديث .
أخرجه أحمد (1/ 410) .
قلت : والمحفوظ عندي عن أبي إسحاق : عدم ذكر الركعتين بعد المغرب ؛ لتفرد زهير بهما دون الجماعة : إسرائيل وابن أبي ذئب وجرير بن حازم ؛ فإن رواية الجماعة أحفظ وأضبط من رواية الفرد . هذا إن سلم من أبي إسحاق نفسه ؛ لما عرفت من اختلاطه .
(تنبيه) : قال الحافظ في ترجمة أبي إسحاق في "مقدمة الفتح" (2/ 154) :
"أحد الأعلام الأثبات قبل اختلاطه ، ولم أر في "البخاري" من الرواية عنه إلا عن القدماء من أصحابه ؛ كالثوري وشعبة ، لا عن المتأخرين ؛ كابن عيينة وغيره" !
كذا قال ! ويرد عليه هذا الحديث ؛ فإنه - عند البخاري - من رواية إسرائيل وزهير عنه .
وإسرائيل : هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ؛ فهو حفيد أبي إسحاق ، وذلك معناه أنه سمع منه بعد الاختلاط . وقد أشار إلى ذلك الإمام أحمد بقوله : "إسرائيل عن أبي إسحاق ؛ فيه لين ، سمع منه بأخرة" .
وزهير - وهو ابن معاوية بن حديج - ؛ قد قال فيه أحمد مثل ما تقدم عنه في إسرائيل . وقال أبو زرعة :
"ثقة ؛ إلا أنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط" .
وهذا هو الذي اعتمده الحافظ نفسه ، فقال في "التقريب" :
"ثقة ثبت ؛ إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بأخرة" (2) .
هذا ؛ ولعل الإمام مسلماً لم يخرج حديث أبي إسحاق هذا ؛ للاضطراب الذي بينته عنه ؛ إنما أخرجه (4/ 76) مختصراً من طريق الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال :
ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة إلا لميقاتها ؛ إلا صلاتين : صلاة المغرب والعشاء بجمع ، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها .
وهو رواية البخاري (3/ 417) ، وأحمد (3637) ، والطحاوي (1/ 97-98) وغيرهم .
وجملة القول ؛ أن حديث الترجمة لم يصح عندي ؛ لأن مداره على أبي إسحاق السبيعي ، وهو مختلط ، وكل من رواه عنه بهذا اللفظ سمع منه بعد الاختلاط ، ولم أره من رواية أحد ممن سمع منه قبل الاختلاط ؛ اللهم إلا مختصراً جداً وموقوفاً : فقال الطحاوي (1/ 409) : حدثنا يونس قال : حدثنا سفيان عن أبي إسحاق الهمذاني عن عبد الرحمن بن يزيد قال :
كان ابن مسعود يجعل العشاء بالمزدلفة بين الصلاتين .
ثم استدركت فقلت : كلا ؛ فإن يونس هذا : هو ابن عبد الأعلى المصري ، لم يسمع من سفيان الثوري - الذي سمع من أبي إسحاق قبل الاختلاط - ؛ وإنما سمع من سفيان بن عيينة ، وهذا سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط ؛ كما ذكرته عن الحافظ في التنبيه السابق .
فإلى أن يأتي الحديث من طريق أحد ممن سمع منه قبل الاختلاط - وباللفظ المذكور أعلاه - ؛ فالحديث ضعيف . والله تعالى أعلم .
ولو صح الحديث ؛ فظاهره يدل على أن صلاة المغرب في وقتها المعتاد - أي : قبل وقت العشاء - لا يجوز ؛ لأنها قد حولت عن وقتها ، وكذلك صلاة الصبح لا تصح إلا في أول وقتها ، فلو أسفر بها قليلاً أو كثيراً لم تجز ، فهل من قائل بذلك ؟ هذا موع نظر وبحث ! والله أعلم .
واعلم أن الداعي لكتابة هذا البحث ؛ إنما هو سؤال وجهه بعض الطلاب إلي في ندوة علمية ؛ كنت أقمتها في دار الحديث في المدينة النبوية ؛ في موسم حج سنة (1391) ، حضرها بعض أساتذة الجامعة الإسلامية ، وجماعة من طلابها ، وطلاب الدار المذكورة وغيرهم ، وجهت فيها أسئلة مختلفة حول مناسك الحج ، منها سؤال عن الركعتين اللتين صلاهما ابن مسعود بعد صلاة المغرب في المزدلفة ؛ كما في حديث البخاري هذا ؟ فلم أجب عليه ، واعتذرت بأني بحاجة إلى التثبت من صحة نسبة الحديث إلى البخاري ، أو كلاماً نحو هذا . ثم زارني في هذا الشهر - رجب الفرد - سنة (1393) أخ سلفي عراقي ، وقدم إلي ثلاثة أشرطة تسجيل ، في بعضها تسجيل للندوة المشار إليها ، والمسائل والمناقشات التي جرت فيها ، منها السؤال المشار إليه ؛ فتذكرت ما كنت نسيت ، فبادرت أولاً إلى الكشف عن الحديث في "البخاري" ؛ فوجدته . ثم نظرت في إسناده ؛ فرأيت فيه أبا إسحاق السبيعي ، وهو معروف عندي أنه مختلط . ثم تابعت البحث والتحقيق ؛ فكان من ذلك هذا المقال الذي بين يديك ، والله تعالى ولي التوفيق .
ثم وجدت للحديث طريقاً أخرى عن عبد الرحمن بن يزيد ؛ ترجح عدم ثبوت الركعتين عن ابن مسعود ؛ وهو ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال :
حججت مع عبد الله ، فلما أتى (جمعاً) ؛ أذن وأقام ، فصلى المغرب ثلاثاً ، ثم تعشى ، ثم أذن وأقام ، فصلى العشاء ركعتين .
قلت : فلم يذكر الركعتين بعد المغرب .
وإسناده صحيح على شرط الشيخين .
فهذا يؤيد رواية الجماعة المحفوظة عن أبي إسحاق ؛ لأنه قد تابعه عليها إبراهيم هذا - وهو ابن يزيد النخعي - ؛ وهو ثقة فقيه محتج به عند الجميع .
__________
(1) هو البيهقي نفسه صاحب " السنن " ؛ واسمه : أحمد بن الحسين بن علي أبو بكر البيهقي . ( الناشر )
(2) وخفي هذا التحقيق على الشيخ التهانوي في كتابه " علوم الحديث " ( ص 422 ) ؛ فنقل كلام الحافظ في " الفتح " معتمدا عليه محتجا به على أن رواية البخاري عن المختلط إنما هي من قبل إختلاطه ! وانطلى الأمر على المعلِّق عليه الشيخ أبو غدة ؛ فمشّاه كعادته وسّلم به !
5043/ م - ( من صلى الفجر - أو قال : الغداة - ، فقعد في مقعده ، فلم يلغ بشيء من أمر الدنيا ، يذكر الله حتى يصلي الضحى أربع ركعات ؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ؛ لا ذنب له ) .
ضعيف
أخرجه أبو يعلى في "مسند عائشة" (7/ 329/ 4365) من طريق طيب بن سليمان قال : سمعت عمرة تقول : سمعت أم المؤمنين تقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ الطيب هذا ؛ قال الدارقطني :
"بصري ضعيف" .
وأورده ابن أبي حاتم (2/ 1/ 497) ؛ ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، ووثقه ابن حبان والطبراني !
وتساهل ابن حبان في التوثيق معروف ، وكأن الطبراني جرى في ذلك على سننه !
ولعله لذلك أشار المنذري في "الترغيب" (1/ 166) إلى تضعيف حديثه هذا .
والمعروف في أحاديث الجلوس بعد الصلاة الغداة والصلاة بعد طلوع الشمس : أن له أجر حجة وعمرة ، فقوله : "خرج من ذنوبه ..." إلخ ؛ منكر عندي ، والله أعلم .
(تنبيه) : الطيب بن سليمان ؛ كذا وقع في "المسند" : (سليمان) ، وهو كذلك في "الميزان" و "اللسان" .
وفي نسخة من "الميزان" : (سلمان) ؛ وهو الصواب - والله أعلم - ؛ لمطابقته لما في "الجرح" ؛ و "ثقات ابن حبان" (6/ 493) ، و "سؤالات البرقاني للإمام الدارقطني" ؛ كما حققته في ترجمته من كتابي الجديد : "تيسير انتفاع الخلان بثقات ابن حبان" يسر الله لي إتمامه بمنه وكرمه .
والحديث ؛ قال المعلقون الثلاثة على "الترغيب" (1/ 370) :
"حسن ، قال الهيثمي ..." !
5051 - ( هاتان الركعتان فيهما رغب الدهر ؛ يعني : سنة الفجر ) .
ضعيف
أخرجه الطبراني في "الكبير" (3/ 203/ 2) عن يحيى ابن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ :
"(قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن ، و (قل يا أيها الكافرون) تعدل ربع القرآن" ؛ وكان يقرأ بهما في ركعتي الفجر ، وقال : ... فذكره .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ ليث بن أبي سليم ضعيف ؛ وكان اختلط .
وعبيد الله بن زحر ضعيف . وخالفه عبدالواحد بن زياد فقال : عن ليث قال : حدثني أبو محمد قال :
رافقت ابن عمر شهراً ، فسمعته في الركعتين قبل صلاة الصبح يقرأ ... الحديث نحوه مرفوعاً دون حديث الترجمة .
أخرجه أبو يعلى (10/ 83/ 5720) .
وقد عرفت أن مدار الحديث على ليث ، وهو ضعيف ، وأن إسناد الطبراني أشد ضعفاً . وقد وهم فيه المنذري والهيثمي ، فقال الأول منهما (1/ 202) :
"رواه أبو يعلى بإسناد حسن ، والطبراني في "الكبير" - واللفظ له -" !
وقال الهيثمي (2/ 218) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وأبو يعلى بنحوه ؛ وقال : عن أبي محمد عن ابن عمر . وقال الطبراني : عن مجاهد عن ابن عمر ، ورجال أبي يعلى ثقات" !
قلت : كيف ذلك ؛ وفيه - كالطبراني - ليث بن أبي سليم كما عرفت ؟!
نعم ؛ الحديث باستثناء حديث الترجمة حديث صحيح ؛ لشواهده الكثيرة ، وقد خرجت منه : "(قل يا أيها الكافرون) تعدل ربع القرآن" في "الصحيحة" (586) ، وخرجت هناك بعض شواهده ، فراجعه .
5170 - ( يا بنية ! قومي ، فاشهدي رزق ربك عز وجل ، ولا تكوني من الغافلين ؛ فإن الله عز وجل يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ) .
موضوع
أخرجه ابن بشران في "الأمالي" (ق 39/ 1) ، والبيهقي في "الشعب" (2/ 35/ 1-2) كلاهما من طريق المشمعل بن ملحان القيسي : حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن فاطمة بنت محمد رضي الله عنها قالت :
مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا مضطجعة متصبحة ، فحركني برجله ، ثم قال : ...
فذكره . وقال البيهقي :
"إسناده ضعيف" !
قلت : كيف هذا ؛ وعبد الملك بن هارون متهم بالكذب ؟! فقال يحيى :
"كذاب" . وقال البخاري :
"منكر الحديث" . وقال ابن حبان (2/ 133) :
"كان ممن يضع الحديث ، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة الاعتبار" .
والمشمعل بن ملحان ؛ صدوق يخطىء ؛ كما في "التقريب" .
قلت : وقد خالفه في إسناده إسماعيل بن مبشر بن عبد الله الجوهري عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن علي قال :
دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فاطمة بعد أن صلى الصبح وهي نائمة ... فذكر معناه .
رواه البيهقي .
قلت : وإسماعيل هذا ؛ لم أجد له ترجمة الآن .
والحديث ؛ أشار المنذري في "الترغيب" (3/ 5) لضعفه ؛ وعزاه للبيهقي وحده .
5241 - ( لا تدعوا الركعتين اللتين قبل صلاة الفجر ؛ فإن فيهما الرغائب ) .
ضعيف
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/ 203/ 2-204/ 1) ، وابن ثرثال في "سداسياته" (ق 225/ 1) عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ ليث بن أبي سليم ضعيف مختلط . وأعله الهيثمي بغيره ؛ فقال (2/ 217-218) :
"رواه الطبراني في "الكبير" ، وفيه عبدالرحيم بن يحيى ، وهو ضعيف . وروى أحمد منه : "وركعتي الفجر حافظوا عليهما ؛ فإن فيهما الرغائب" . وفيه رجل لم يسم" !
فأقول : عبدالرحيم هذا ليس في طريق ابن ثرثال ، فإعلاله بالليث أولى ؛ كما فعلنا .
وله طريق أخرى ؛ أخرجه الإمام أحمد (2/ 82) من طريق أيوب بن سليمان - وجل من أهل صنعاء - عن ابن عمر مرفوعاً في حديث طويل بلفظ :
"وركعتا الفجر حافظوا عليهما ؛ فإنهما من الفضائل" .
وأيوب هذا ؛ قال فيه الحافظ في "التعجيل" :
"فيه جهالة" .
وتساهل الشيخ أحمد شاكر في "تعليقه على المسند" (7/ 292) ، فصحح حديثه هذا ؛ وعلل ذلك بقوله :
"وإنما صححت حديثه بأنه تابعي مستور ، لم يذكر بجرح ، فحديثه حسن على الأقل ، ثم لم يأت فيه شيء منكر انفرد به ؛ كما سيأتي ، فيكون حديثه هذا صحيحاً" !!
ثم أطال النفس في ذكر الشواهد لحديثه هذا الطويل وتخريجها ، ولكنه بالنسبة لهذه الفقرة الخاصة بالركعتين لم يذكر لها شاهداً إلا حديث الترجمة ، ونقل كلام الهيثمي المتقدم في إعلاله بعبدالرحيم بن يحيى ، وخفي عليه - تبعاً للهيثمي - أن فوقه الليث المختلط .
ولكنه تعقبه في قوله : "وفيه رجل لم يسم" ، وحقق أنه هو أيوب بن سليمان الصنعاني ؛ كما وقع في "المسند" على ما سبق ، ولكنه تحقيق لا طائل تحته ، فسواء سمي أو لم يسم ؛ فهو مجهول العين .
ثم من أين له أنه تابعي ؟! فقد يكون تابع تابعي ! وكونه هو روى عن ابن عمر لا تثبت تابعيته بذلك ؛ ما دام مجهولاً لا يحتج به . فتأمل !