يخبر سبحانه عباده : " وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " ، حتى أعظم من أوتي العلم ، أمره ربه أن يقول : " رب زدني علما " !!
يعلم لقمان ابنه فيقول : " يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ " ..
ويخبر – سبحانه – عباده عن علمه فيقول : " وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ " ..
ويقول : " إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " ..
وقد جاء علم الله تعالى بما يعظ الإنسان ويخوفه : " يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ " .. وقال : " وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ " .. وقال : " أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " .. وقال : " وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " ..
ألا يورث هذا خشية العبد ربه ؟
يا من علمت أن الله مطلع على حركاتك وسكناتك ، وعالم بهفواتك ونزواتك ، لا يخفى على الله شيء من أحوالك ، ولا يغيب عنه حالٌ من حالك ؛ أتراك حاسبت نفسك ؟
أتراك حاسبت نفسك حساب العاقلين ، فقلت : يا نفسُ .. إلهك وخالقك - تعالى في ثنائه – رقيب على حركاتك وسكناتك .. مطلع على تقصيرك وهفواتك .. فتيقظي تيقظ الطائعين .. وحاولي أن تكوني من الناجين .. حياؤك من فاطر الأكوان – جل ثناؤه – أولى بكِ .. وتعظيمك لمراقبته أصلح لحالك !
قال صلى الله عليه وسلم : " لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء ، فيجعلها الله هباء منثورا " . قال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا ، جلهم لنا ، أن لا نكون منهم و نحن لا نعلم ، قال : " أما إنهم إخوانكم ، و من جلدتكم ، و يأخذون من الليل كما تأخذون ، و لكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها " ..
إذا خلوت يوما فلا تقل .. خلوتُ ولكن فل عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة .. ولا أنما تخفيه عنه يغيبُ
من ثمار معرفة العبد أن الله لا يعزب عنه مثقال ذرة أنه خاف منه وتوكل عليه ، فأما " خاف منه " فظاهرة المعنى ، وأما " توكل عليه " فإن الغيب عنه محجوب ، ولا تدري أين الخيرة ، فصلاة الاستخارة جاء فيها : " تعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب " ، فعلمنا أن الله يعلم كل شيء يجعلنا نستخيره جل وعلا .
لسان حالك : أنا عبد ضعيف ، لا أدري ما الذي يخبئه القدر ، ولا أدري ما وراء تلك الحجب !!
تبرّأ من حولك وتوكل : " وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " ..