(5)
التربية الإيمانية للطفل
ينبغي لطفل الثالثة من العمر أن يرى أمه وأبيه وهما يصليان، وينبغي أن يسمعهما يتلوان القرآن، فإن استماع الطفل للقرآن الكريم، والأذكار اليومية من والديه وإخوانه، وتكرار هذا السماع، يغذي روحه ويحي قلبه كما يحيي المطر الأرض المجدبة، لأن لسماع الطفل والديه وهما يذكران الله تعالى، ومشاهدته لهما في عبادتهما لذلك أثر في أفعاله وأقواله.
ومن الأمثلة على ذلك قصة هذه الطفلة:
انتهت الأم من الوضوء وإذا بطفلتها البالغة من العمر ثلاث سنوات تغسل وجهها ويديها مقتدية بأمها، وترفع إصبعها السبابة قائلة: لا إله إلا الله، فهذا يدل على أن الطفلة لاحظت من والديها أن هناك ذكر مخصص يقال بعد الوضوء.
وقصة أخرى: أدت إحدى الأمهات سنة الوضوء- في أحد الأيام- وقامت لإكمال عملها في المنزل، وقد اعتادت طفلتها أن ترى والدتها بعد الصلاة تجلس في مصلاها حتى تنهي أذكار ما بعد الصلاة، ولكن الطفلة لاحظت على والدتها النهوض من المصلى بعد أداء السنة مباشرة، فقالت لها: لماذا قمت من مصلاك قبل أن تقولي: استغفر الله. هذا الموقف يدل على شدة مراقبة الأطفال لوالديهم.
الإنسان معرض للأسقام والأمراض وقد يمرض أحد الأبناء، ولذا ينبغي أن يكون مرضه فرصة لتقوية صلته بالله تعالى، وذلك بتذكيره بفضل الصحة والعافية، وأنها من نعم الله تعالى، وأنه يجب شكره عليها، وأن الإنسان ضعيف لا حول له ولا قوة إلا بربه، وعند أخذ الدواء أو الذهاب به إلى المستشفى، نوحي إليه أن الشفاء من الله لكن هذه أسباب أمرنا الله بها، ثم لنربطهم بالرقى الشرعية والعمل بها، ولنضرب له الأمثلة بالأنبياء وأخذهم بالأسباب واتكالهم على الله تعالى، كقصة أيوب عليه السلام ومرضه وقصة يعقوب عليه السلام حين أمر أبناءه بالدخول من أبواب متفرقة وأنه لا يغني ذلك عنهم من الله شيئا وتفويضه الأمر إلى الله تعالى. قال سبحانه على لسان يعقوب: **لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ** [يوسف: 67].
ومن أهم الأمور تذكير الأبناء باحتساب الأجر، والصبر على المرض، وعلى الدواء، فهذه طفلة تذكر والدتها أن الله سبحانه وتعالى أراد لها أن تصاب بمرض كما يسمونه طبيا- بمرض مزمن- وذلك حسب تقدير الطب البشري ولكن الشفاء بيد الله تعالى- تذكر الأم أن هذه الطفلة اضطرت لأخذ الدواء مرتين يوميا، وكانت أمها تذكرها دائما بالأجر. فما كان من هذه الطفلة إلا أن قالت لأمها يوما من الأيام: "أنا أحصل على الأجر لأنني آخذ هذا الدواء".
تقول ذلك وكأنها تفخر وتتميز بهذا الأجر والثواب على أهلها وأخوتها.
من وسائل التربية والتسلية البريئة ... الأناشيد والأشرطة والقصص المفيدة
لا ننس أن الطفل بحاجة إلى المداعبة والأناشيد ولتكن الأناشيد لتنمية العقيدة أولاً وبأسلوب يلائم الطفل كقول الشاعر مثلاً:
أنا أحب إلهي ودينه وكتابه
كذا أحب رسولي محمدا وأصحابه
ولقد أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية اللعب. والتسلية للفتيان والفتيات، وقصة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين مكنها رسول الله صلى الله عليه وسلم من رؤية أهل الحبشة وهم يلعبون شاهد على ذلك وتؤكد عائشة رضي الله عنها ذلك بقولها: "أقدروا وللجارية قدرها ".
كما أن الطفل يحتاج إلى تجديد الأشرطة والقصص المفيدة النافعة بين فترة وأخرى ولبيان أهمية الأشرطة والكتب النافعة إليكم هذه القصة:
كان أحد الآباء حريصا على شراء ما استجد من القصص والكتب المفيدة لأولاده، وفي ضحى يوم من أيام رمضان دخلت أم الطفل ذي التسع سنوات لإيقاظه، فعندما استيقظ قال لأمه- قبل أن ينهض من فراشه-: لقد خططت برنامجا يوميا لي بدأت به منذ صباح اليوم وقال: لقد صليت الفجر، وجلست أذكر الله حتى أشرقت الشمس، ثم أديت ركعتين ونمت، وسأكمل برنامجي اليومي، سألته أمه كيف ستنظم وقتك قال: لقد أخذت تنظيم يومي من هذا الكتاب!
فانظر أيها المربي أثر الكتب النافعة على النشأ المسلم.
يتبع